مع إحترامي

وداع يليق بأم الأبطال

فرج أبوالعز
فرج أبوالعز

ليس غريبا أن تحزن مصر بأسرها لوفاة سيدة من مصر اسمها جيهان السادات فهي زوجة بطل الحرب والسلام الرئيس الراحل محمد أنور السادات.


لم يكن غريبا أيضا أن يتقدم الرئيس عبد الفتاح السيسي الجنازة العسكرية لتشييع الفقيدة ليس فقط كونها زوجة لرئيس سابق قدم لوطنه الكثير لكن أيضا لمواقفها الوطنية الخالصة التى أثبتت حبها للوطن والبلد وروح مصرية خالصة تعشق الأرض الطيبة ولم تصدر منها مرة ولو بالصدفة لفظة واحدة تسئ لبلدها بل ساندت بلدها فى كل المحافل ولم تخف من أحد وأعلنت بصوتها الهادئ ومنطقها العقلانى الجميل أنها تؤيد تماما ثورة 30 يونيو داعية المصريين للاصطفاف حول القائد عبد الفتاح السيسى لإنقاذ البلاد من حكم أهل الظلام.

 

أثلج صدر المصريين جميعا قرار الرئيس عبد الفتاح السيسى بمنحها وسام الكمال و إطلاق اسمها على محور الفردوس أحد أكبر محاور القاهرة الكبرى، وصدور تلك الكلمات الراقية عن الرئاسة التى نعتها ببالغ الحزن والأسى، مؤكدة أنها قدمت نموذجًا للمرأة المصرية فى مساندة زوجها فى ظل أصعب الظروف وأدقها، حتى قاد البلاد لتحقيق النصر التاريخى فى حرب أكتوبر المجيدة الذى مثل علامة فارقة فى تاريخ مصر الحديث، وأعاد لها العزة والكرامة.. كما نعت السيدة انتصار السيسى قرينة رئيس الجمهورية، السيدة جيهان السادات، واصفةً إياها بأنها نموذجً للمرأة المثالية الوطنية، ووصفتها بالسيدة الجليلة الفاضلة التى ضحت براحتها من أجل بلدها، وشهدت أصعب الفترات وأقساها كزوجة كانت خير السند لزوجها، وخير أم للأبطال وهى تداوى جراح أبطالنا من رجال القوات المسلحة أثناء حرب أكتوبر المجيدة.

 

وللحقيقة والتاريخ فإن مواقف جيهان السادات الوطنية والفريدة تجلت فى أكثر من مناسبة وفى اعتقادى أنها ساهمت بحق فى إنقاذ مصر من براثن الفوضى مرتين الأولى عندما اغتيل الرئيس السادات فى العرض العسكرى الخاص بانتصار أكتوبر المجيد فعندما تأكد الأطباء من وفاته خرجت بكل ثبات وإصرار لنائب رئيس الجمهورية فى ذلك الوقت محمد حسنى مبارك والدكتور صوفى أبو طالب رئيس مجلس النواب قائلة: اذهبوا لتدبير أمور الدولة حتى لا يحدث أى فراغ سياسى قد يضر بالبلاد.. لم تكترث لشبح زوال السلطة والنفوذ بل اكترثت فقط بمستقبل البلاد التى ضحى زوجها الراحل من أجله بالكثير.


الموقف الثانى خلال ثورة 30 يونيو 2013 عندما حمل الرئيس عبد الفتاح السيسى روحه على كفه فى مواجهة حكم الإخوان الظلامى بناء على رغبة الشعب لتخرج تلك السيدة الرصينة الكلمات الواثقة المعانى لتعلن تأييدها للثورة ومناشدة المصريين الوقوف خلف الرئيس عبد الفتاح السيسى الوطنى المخلص لبلده وأهله.

 

سيدة والدتها تنتمى لأصول بريطانية لكنها حرصت على تنشئتها على التربية الإسلامية الصحيحة واحترام المرأة المصرية الأصيلة لزوجها حيا أم ميتا.. لم نسمع منها نبرة حديث أو تلميح إلا بكل جميل وراق عن زوجها الراحل وظلت طوال عمرها محافظة على كونها زوجة رئيس لمصر وكانت أحاديثها تحمل من الذوق والأدب الرفيع بما يجعلها تستحق أن تدرس فى المدارس والجامعات.. أجرت أحاديث صحفية كثيرة وحوارات تلفزيونية عديدة ولم تخاطب صحفى أو مذيع على الإطلاق بلفظة «أنت» بل تحرص أن تخاطب الكبير والصغير بلفظ «حضرتك».. حافظت على لياقتها الذهنية والشكلية لتظهر دائما بمثابة الليدى التى تمثل زوجها الراحل وقبل كل هذا وذاك كونها سيدة من مصر.

 

قبل سنوات أجريت مع زميلتى الفاضلة فاتن عبد الرازق حوارا صحفيا مع رجل الأعمال محرم هلال وهو زوج شقيقة الرئيس الراحل أنور السادات.. سألناه: ماذا كانت علاقة السيدة جيهان السادات بأقاربه؟ وقال الرجل بكل صراحة ووضوح أنها سيدة عظيمة كانت تحرص بنفسها على أن تجامل الكبير والصغير من أهل زوجها بل وتنقل مشاكلهم للرئيس الذى قد لا يسعفه وقته وانشغاله بأمور الدولة عن الاستماع إليها.. كانت بحق سيدة مصرية أصيلة تعرف معنى الوطنية والأصول والوفاء.

 

ولما كان الاحترام مسئولية وموقف وكلمة استحقت تلك السيدة كل معانى الاحترام.. رحمها الله تعالى وأسكنها فسيح جناته.