إشراف: منصورة عز الدين
تثبت إقامة دورة معرض القاهرة الدولى للكتاب لهذا العام، ريادته وحرص القائمين عليه على تحمل مسئوليتهم تجاه عالم النشر وسوق الكتاب فى مصر والعالم العربي. لا نعرف، بطبيعة الحال، هل ستنجح هذه الدورة فى تحقيق هدفها بتعويض الناشرين عن بعض خسائرهم أم لا، فى ظل الإجراءات الاحترازية الملزِمة بتنظيم وتحديد أعداد الجمهور الزائر، لكن نتمنى لها النجاح، ونتمنى ولو بعض الانتعاش لصناعة عانت كثيرًا بسبب وباء طالت آثاره السلبية كل شيء تقريبًا.
غير أن هذه الأمنيات يجب ألا تنسينا رؤية الصورة الأشمل وملاحظة أن الكثير من دور النشر لا تزال تنتهج الطرق التقليدية فى تسويق وتوزيع أعمالها، وأن قرابة العام ونصف العام من انتشار جائحة كورونا، لم تدفع معظمهم للبحث عن طرق مبتكرة للتغلب على آثارها، من خلال تفعيل البيع الإلكترونى بدرجة أكبر مثلًا أو من خلال تعزيز النشر المشترك والمتزامن فى أكثر من دولة عربية، أو توسيع سوق التوزيع داخل الدولة الواحدة وعدم الاكتفاء بالمدن الكبرى فقط.
بتفحص ملامح سوق النشر خلال العام الفائت، سنلاحظ أن عدد الدور التى واصلت النشر رغم العوائق والتحديات، قليل مقارنة بعدد الدور التى أوقفت نشاطها معظم العام. وليس المقصود هنا انتقاد من توقف مؤقتًا، فكل دار نشر محكومة بإمكاناتها المادية وبقدرتها على التوزيع فى ظل ظروف خانقة، فقط محاولة تخيل: ماذا لو استمرت هذه الظروف الخانقة لسنة أو سنتين إضافىتين، وهو أمر ليس من قبيل التشاؤم الشديد، بل احتمال وارد فى ظل التحورات الجديدة سريعة الانتشار للفىروس؟ ماذا لو حدث هذا؟
لا بد من وضع هذا السيناريو فى الاعتبار والتصرف بناءً عليه، وهو ما يحتاج إلى تضافر قوى اتحادات النشر العربية مع بعضها البعض ومع اتحاد الناشرين العرب والمسؤولين عن معارض الكتاب العربية الكبرى ووزارات الثقافة، لأن أزمة مماثلة تتطلب أيضًا وبالأساس دعمًا ماديًا ومعنويًا من الحكومات لدور النشر والمكتبات وشركات التوزيع والتسويق، بما يخدم فى نهاية المطاف سوق الكتاب والقراء.
فى النهاية نتمنى أن تكون الدورة الحالية لمعرض القاهرة الدولى للكتاب ناجحة، وأن تحفز بقية المعارض العربية على أن تحذو حذوها.
م.ع