سها سعيد تكتب | أعظم نجاح

سها سعيد
سها سعيد

تولدت لدى قناعة بأن أنجح المشروعات تلك التى مجرد نتاج تراكمى لمحاولات غير مكتملة، وأرى أن النجاح الحقيقى أحد مترتبات التجربة والخطأ، وليس قدرات فذة على الوصول لأبعد نقطة فى الحلم الوردي.
تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين لم تكن حلمًا فى ذاتها، فمع الحراك السياسى الحاصل على خلفية أحداث يناير ٢٠١١ والشباب المهتم بالعمل السياسى من خلال الأحزاب أو بشكل مستقل قادرون على التواصل ولديهم من الأرصدة ما يتيح جانب من العمل المشترك، وبالتالى أيضا ليس أعظم نجاحات التنسيقية هى إيجاد المشتركات بين الضدين. ولكن تجربة التنسيقية نجحت فى اتساع التعددية منذ اللحظة الأولى وضمان الإستمرارية لفترات أطول بأدوات أبعد ما تكون عن مخاطبة الأطماع الذاتية للشركاء. التنسيقية نجحت فى الجمع بين رسم مسار استراتيجى مرن بالشكل الذى لا يخل بأدبيات الشراكة بين التوجهات المختلفة، وفى السياق ذاته نجحت فى تصميم هيكل تنظيمى فى أدائه ودبلوماسى فى تناوله للمواءمات والتوازنات الداخلية بين الأعضاء.
حتى هذا النجاح كان تراكميًا، إذ إن تجربة التنسيقية لم تكن الأولى بل تلت محاولتين لم تكتملا منذ ٢٠١٣، بخلاف الجناح الشبابى لجبهة الإنقاذ الوطنى وتنسيقية ٣٠ يونيو برغم أنهما ذوو طابع جبهوى فى مواجهه التنظيم الإرهابى إلا أن المكون الأيدولوجى كان شديد التنوع بالشكل الذى يبشر بإمكانية التشارك فى مساحات أكثر اتساعًا.
لعل من الإنصاف ألا نغفل دور القيادة السياسية فى التصديق على دعم التجربة الشبابية بصيغ مختلفة، فكثير من الأنظمة ادعت تبنى دعم تمكين الشباب دون ترجمة إجرائية لذلك، ولكن القيادة السياسية للجمهورية الجديدة اجتهدت فى إعداد مشروع شبابى متكامل تنفيذيًا وتشريعياً مؤكدةً على تبنى مشروع تمكين الشباب بل وحمايته من الفشل أو الإفشال.
التنسيقية بشكلها الأخير حرصت منذ اللحظة الأولى على اعتبار الفشل سيناريو وهميا غير مطروح طالما امتلكنا خريطة ثغرات استمرارية المشروع.
البدايات الناجحة أيضا كان لها بالغ الأثر فى أن تضع أمامنا مكتسبات نخشى فقدانها، ساعد ذلك على تعزيز انتشار حالة النضج فى نمط التفكير وفى سلوكيات الأعضاء، بمعنىً آخر تولد شعور تلقائى بالمسؤولية تجاه الكيان.
فى هذه الاثناء كانت عمليات توسيع المشاركة تتم بشكل منظم، مميكن إن صح التعبير، وكل عضو جديد ينضم يرى بعينه المجردة تروساً بشرية تتحرك وفقا لميكانيزمية عمياء لا تتحرك خارج إطار المعايير المتفق عليها والتى تخضع كل مرحلة لتطوير ما، يتناسب مع تطور الكيان.
هذا العمل الجاد أصبح عدوى تنتقل إلى المنضمين مع استمارة العضوية، لذلك فاليوم بمنتهى الثقة المخاوف على الكيان تتضاءل أمام صلابه الجبهة الداخلية له.
وفى يقيني، هذا فى ذاته نجاح تتمنى أنظمة دول وليس فقط مؤسسات كبرى أن تمتلك مفاتيحه. 
عضو مجلس الشيوخ
أمين سر تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين