الذهاب إلى القاهرة

فصول من كتاب مديحة .. الفتاة الحقيقية

مديحة كامل
مديحة كامل

محمد‭ ‬سرساوى

بعدما‭ ‬عرفت‭ ‬أضواء‭ ‬الشهرة‭ ‬منذ‭ ‬كانت‭ ‬طالبة‭ ‬فى‭ ‬المدرسة،‭ ‬حيث‭ ‬شاركت‭ ‬فى‭ ‬مسلسلات‭ ‬عديدة‭ ‬فى‭ ‬إذاعة‭ ‬الاسكندرية،‭  ‬ومثلت‭ ‬فى‭ ‬مسلسل‭ ‬تلفزيونى‭ ‬“الحائرة”‭ ‬مع‭ ‬عماد‭ ‬حمدى‭ ‬وعايدة‭ ‬كامل‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬طالبة‭ ‬فى‭ ‬أولى‭ ‬ثانوى‭ ‬وقد‭ ‬تقاضيت‭ ‬خمسة‭ ‬جنيهات‭ ‬عن‭ ‬الدور،‭ ‬ومشاركتها‭ ‬فى‭ ‬مسرحية‭ ‬مع‭ ‬طلاب‭ ‬كلية‭ ‬حقوق‭ ‬بجامعة‭ ‬الاسكندرية،‭ ‬واشتركت‭ ‬أيضا‭ ‬فى‭ ‬عدة‭ ‬عروض‭ ‬ازياء‭ ‬فى‭ ‬الاسكندرية،‭ ‬ولفتت‭ ‬إليها‭ ‬الانظار‭ ‬بجمالها‭ ‬ودلالها‭ ‬ورشاقتها‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬تتعدى‭ ‬سن‭ ‬السابعة‭ ‬عشر‭ ‬فازداد‭ ‬بريقها‭ ‬ورشحت‭ ‬لعدة‭ ‬عروض‭ ‬أزياء‭ ‬بالقاهرة‭ ‬فى‭ ‬أواخر‭ ‬عام‭ ‬1963،‭ ‬كان‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تستقر‭ ‬فى‭ ‬القاهرة‭.‬

وكان‭ ‬قرار‭ ‬تأميم‭ ‬على‭ ‬مضارب‭ ‬الأرز‭ ‬التى‭ ‬يملكها‭ ‬والدها‭ ‬ضمن‭ ‬الأسباب‭ ‬التى‭ ‬جعلتها‭ ‬تغادر‭ ‬الإسكندرية،‭ ‬وكذلك‭ ‬انفصال‭ ‬أبيها‭ ‬عن‭ ‬أمها‭ ‬ويحدث‭ ‬الطلاق‭ ‬بينها،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬سبب‭ ‬الخلاف‭ ‬بسبب‭ ‬مضارب‭ ‬الأرز‭ ‬بل‭ ‬ما‭ ‬اعقب‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬توتر‭ ‬الاعصاب،‭ ‬انعدام‭ ‬الصبر‭ ‬على‭ ‬البلبلة،‭ ‬تصبح‭ ‬والدتها‭ ‬هى‭ ‬المسئولة‭ ‬عن‭ ‬رعايتها‭ ‬فى‭ ‬مرحلة‭ ‬التعليم‭ ‬الثانوي،‭ ‬وانتقلت‭  ‬مديحة‭ ‬الى‭ ‬شارع‭ ‬شريف‭ ‬هو‭ ‬شارع‭ ‬الشركات‭ ‬السينما‭ ‬وبيوت‭ ‬الأزياء‭ ‬التى‭ ‬ستقودها‭ ‬الى‭ ‬حياة‭ ‬الأضواء،‭ ‬وتسكن‭ ‬فى‭ ‬عمارة‭ ‬“ال‭ ‬قاسم”،‭ ‬وتقطن‭ ‬مع‭ ‬عائلتها‭ ‬الصغيرة‭ ‬فى‭ ‬بنسيون‭ ‬أسمه‭ ‬“مونتانا”،‭ ‬ثم‭ ‬الاقامة‭ ‬فى‭ ‬شقة‭ ‬متواضعه‭ ‬فى‭ ‬الدور‭ ‬الثامن‭ ‬نفس‭ ‬العمارة،‭ ‬واندفعت‭ ‬فى‭ ‬أذن‭ ‬مديحة‭ ‬جرعات‭ ‬جادة‭ ‬من‭ ‬نصائح‭ ‬الأم‭ ‬تعززها‭ ‬وتؤكدها‭  ‬الجدة،‭ ‬باختصار‭ ‬قالوا‭ ‬لها‭ ‬ان‭ ‬القاهرة‭ ‬مدينة‭ ‬الذئاب‭. ‬أصبحت‭  ‬مديحة‭ ‬تتطلع‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬وجه‭ ‬فتحاول‭ ‬تجرده‭ ‬من‭ ‬قناعه‭ ‬وتفر‭ ‬من‭ ‬ذئبه‭ ‬وكان‭ ‬في‭ ‬العمارة‭ ‬حفنه‭ ‬من‭ ‬شركات‭ ‬السينما‭ ‬وكانت‭ ‬تلتقي‭ ‬بشخص‭ ‬سينمائى‭ ‬او‭ ‬آخر‭ ‬في‭ ‬المصعد‭ ‬قتبادله‭ ‬الابتسام‭ ‬ثم‭ ‬تبتلع‭ ‬الابتسامة‭ ‬كحمل‭ ‬مذعور‭ ‬اما‭ ‬الذئب‭ ‬يغلف‭ ‬الانياب‭ ‬بومضة‭ ‬سن‭ ‬مبتسم‭.‬

وكان‭ ‬يوجد‭ ‬فى‭ ‬الطابق‭ ‬الثامن‭  ‬مكتب‭ ‬المخرج‭ ‬والسيناريست‭ ‬والمنتج‭ ‬السينمائى‭ ‬حسين‭ ‬حلمى‭ ‬المهندس‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬مدرسة‭ ‬فنية‭ ‬للمواهب‭ ‬السينمائية‭ ‬الجديدة‭ ‬فى‭ ‬أواخر‭ ‬الأربعينات‭ ‬وأوائل‭ ‬الستينات‭ ‬فقد‭ ‬تخرجت‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المدرسة‭ ‬نجمات،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يوجد‭ ‬فى‭ ‬نفس‭ ‬العمارة‭ ‬بيت‭ ‬أزياء‭ ‬“لولا‭ ‬وشوشو”‭ ‬ولولا‭ ‬هى‭ ‬سيدة‭ ‬برلنتى‭ ‬العشرى‭ ‬الزوجة‭ ‬السابقة‭ ‬للمنتج‭ ‬السينمائى‭ ‬حسن‭ ‬رمزى‭ ‬،‭ ‬وهذا‭ ‬بالاضافة‭ ‬الى‭ ‬عمارة‭ ‬الايموبيليا‭ ‬المقابلة‭ ‬لتلك‭ ‬لعمارة‭ ‬التى‭ ‬تعتبر‭ ‬خلية‭ ‬من‭ ‬خلايا‭ ‬النشاط‭ ‬السينمائى‭ ‬فى‭ ‬مصر‭.‬وهذا‭  ‬كان‭ ‬الشارع‭ ‬أثرا‭ ‬كبيرا‭ ‬فى‭ ‬اتجاها‭ ‬الفنى‭. ‬كان‭ ‬مثلها‭ ‬الأعلى‭ ‬على‭ ‬الشاشة‭ ‬السينما‭ ‬نجمتين‭ ‬من‭ ‬نجوم‭ ‬الاغراء‭ ‬الايطالية‭  ‬كلوديا‭ ‬كاردينالى‭ ‬والمصرية‭ ‬هند‭ ‬رستم‭ ‬،‭ ‬كنت‭ ‬تسعد‭ ‬كثيرا‭ ‬حينما‭ ‬تلتقى‭ ‬بنجمتها‭ ‬المفضلة‭ ‬هند‭ ‬رستم‭ ‬فى‭ ‬مصعد‭ ‬العمارة‭ ‬فى‭ ‬طريقها‭ ‬الى‭ ‬مكتب‭ ‬حسين‭ ‬حلمى‭ ‬المهندس‭.‬

قبل‭ ‬أن‭ ‬تبلغ‭ ‬السابعة‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬عمرها‭ ‬وقد‭ ‬سنحت‭ ‬الفرصة‭ ‬ذهبية‭ ‬لمديحة‭ ‬حينما‭ ‬شاركت‭ ‬فى‭ ‬مسابقة‭ ‬أختيار‭ ‬عارضات‭ ‬الازياء‭ ‬حيث‭ ‬نجحت‭ ‬فى‭ ‬المسابقة‭ ‬وبدأت‭ ‬مشوارها‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬بحضور‭ ‬والدتها‭ ‬الدائم‭. ‬فى‭ ‬الوقت‭  ‬نفسه‭ ‬واصلت‭ ‬دراستها‭. ‬

وشاءت‭ ‬المصادفة‭ ‬ان‭ ‬تشترك‭ ‬في‭ ‬مسابقة‭ ‬لأختيار‭ ‬عارضات‭ ‬أزياء‭ ‬مصريات‭ ‬وتنجح‭ ‬ولكن‭ ‬حرصت‭ ‬علي‭ ‬ان‭ ‬تأخذ‭ ‬والدتها‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬تعلما‭ ‬الجدة‭.‬شقت‭ ‬طريقها‭ ‬إلى‭ ‬عروض‭  ‬الازياء‭ ‬كمانيكان‭ ‬جميلة،‭ ‬ووجدت‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬حافل‭ ‬بالأضواء‭ ‬و‭ ‬الموسيقى‭ ‬وتعرض‭ ‬ثيابا‭ ‬لغيرها،‭ ‬والأضواء‭ ‬على‭ ‬الضيوف‭ ‬من‭ ‬نجمات‭ ‬السينما‭ ‬والمسرح‭ ‬والتلفزيون،‭ ‬وتتسأل‭ ‬مديحة‭: ‬من‭ ‬سيدات‭ ‬المجتمع‭ ‬اللواتى‭ ‬سيرتدون‭ ‬تلك‭ ‬الثياب‭ ‬التى‭ ‬نعرضها،‭ ‬ويشكلون‭ ‬عرضا‭ ‬اخربعيدا‭ ‬على‭ ‬حلبة‭ ‬العرض؟‭ ‬وحول‭ ‬الموائد‭ ‬يختلط‭ ‬الرجال‭ ‬بالنساء‭ ‬،‭ ‬ترى‭ ‬ماذا‭ ‬يجئ‭ ‬بالرجال‭ ‬لشأن‭ ‬نسائى‭ ‬بحت؟‭ ‬فردت‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬العارضات‭ ‬المحنكات‭ ‬وقالت‭ ‬لها‭: ‬اذا‭ ‬لم‭ ‬يجى‭ ‬الرجل‭ ‬من‭ ‬يدفع‭ ‬ثمن‭ ‬هذه‭ ‬الأثواب‭ ‬التى‭ ‬نعرضها،‭ ‬واحدة‭ ‬أخرى‭ ‬قالت‭: ‬هل‭ ‬ندوخ‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الدوخة‭ ‬ولا‭ ‬ترانا‭ ‬إلا‭ ‬النساء‭.‬

‭ ‬وعلمت‭ ‬مديحة‭ ‬من‭ ‬كواليس‭ ‬عروض‭ ‬الأزياء‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تعلم‭ ‬وكانت‭ ‬تفتح‭ ‬فمها‭ ‬بالدهشة‭ ‬وقد‭ ‬لا‭ ‬تغلقه‭ ‬قبل‭ ‬العرض‭ ‬التالى،‭ ‬وأحست‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬يدعوها‭ ‬مرة‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬تدعوها‭ ‬لوليمة،‭ ‬أو‭ ‬ثالثة‭ ‬تقول‭ ‬لها‭ ‬همسا‭ ‬فلان‭ ‬الجالس‭ ‬على‭ ‬المائدة‭ ‬رقم‭ ‬15‭ ‬يريد‭ ‬تليفونك‭ ‬فترفض‭ ‬هذا‭ ‬كله،‭ ‬وتستغيث‭ ‬بوالدتها‭ ‬لتشبك‭ ‬دبوسا‭ ‬فى‭ ‬فستانها،‭ ‬ووجدت‭ ‬فى‭ ‬المجموعة‭ ‬شليليه،‭ ‬وانقساما‭ ‬فقررت‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬محايده‭ ‬فى‭ ‬تصرفاتها،‭ ‬تبتعد‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬لأنها‭ ‬كانت‭ ‬تشعر‭ ‬بأنها‭ ‬فترة‭ ‬مؤقته،‭ ‬هى‭ ‬حتما‭ ‬سوف‭ ‬تتلاشى‭ ‬حين‭ ‬تقبل‭ ‬شهور‭ ‬الامتحان،‭ ‬وكانت‭ ‬تفرح‭ ‬–فرحة‭ ‬عارمة‭- ‬كلما‭ ‬صدرت‭ ‬مجلة‭ ‬وفيها‭ ‬صورتها،‭ ‬ولا‭ ‬ينغص‭ ‬عليها‭ ‬الا‭ ‬سخرية‭ ‬المدرسات،‭ ‬أو‭ ‬التعليقات‭ ‬البنات‭ ‬اللواتى‭ ‬فى‭ ‬السنتهن‭ ‬سم‭ ‬العقارب‭ ‬والإفاعى،‭ ‬لم‭ ‬تغلق‭ ‬هذا‭ ‬الباب‭ ‬مديحة‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬تريد‭ ‬ان‭ ‬تدلف‭ ‬منه‭ ‬إلى‭ ‬باب‭ ‬أخر‭ ‬هو‭ ‬باب‭ ‬السينما‭ ‬خاصة‭. ‬

باب‭ ‬السينما

ظل‭ ‬هذا‭ ‬الحلم‭  ‬يحاصر‭ ‬مديحة‭ ‬ويجعل‭ ‬الحاجه‭ ‬إليها‭ ‬الحاحا‭ ‬يصل‭ ‬ليلها‭ ‬نهارها‭. ‬فاذا‭ ‬كانت‭ ‬فى‭ ‬الشارع‭ ‬فها‭ ‬هى‭ ‬هى‭ ‬اللافتات‭ ‬تسد‭ ‬الفراغ‭ ‬أمامها،‭ ‬وعليها‭ ‬صور‭ ‬الحسنوات‭  ‬فى‭ ‬بطولات‭ ‬الافلام‭ ‬التى‭ ‬تتعاقب‭ ‬وكان‭ ‬السينما‭ ‬ستديوهات‭  ‬معامل‭ ‬للتفريخ‭ ‬تنتج‭ ‬الافلام‭ ‬وكأنها‭ ‬دجاج،‭  ‬وتجولت‭ ‬بين‭ ‬دور‭ ‬العرض‭ ‬السينمائى‭ ‬شاهدت‭ ‬وجوه‭ ‬الجديدة‭ ‬وتذكرت‭ ‬انها‭ ‬تعرف‭  ‬نجلاء‭ ‬فتحى‭ ‬من‭ ‬نادى‭ ‬هيلوبليس،‭ ‬وتعرف‭ ‬ميرفت‭ ‬أمين‭ ‬وشمس‭ ‬البارودى‭ ‬أيضا،‭ ‬فكيف‭ ‬شقت‭ ‬هذه‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬طريقها‭ ‬أو‭ ‬كيف‭ ‬دق‭ ‬الحظ‭ ‬بابهن،‭ ‬وقدم‭ ‬لهن‭ ‬السينما‭ ‬والاضواء‭ ‬على‭ ‬طبق‭ ‬من‭ ‬ذهب؟‭.‬

فى‭ ‬عام‭ ‬1964،‭ ‬فتحت‭ ‬السينما‭ ‬أبوابها‭ ‬لمديحة،‭ ‬ويصبح‭ ‬ظهورها‭ ‬الأول‭ ‬فى‭ ‬فيلم‭ ‬“فتاة‭ ‬شاذة”‭ ‬عبر‭ ‬مخرجه‭ ‬أحمد‭ ‬ضياء‭ ‬الدين‭.‬

وحكاية‭ ‬بدأت‭ ‬حينما‭ ‬كانت‭ ‬عائدة‭ ‬من‭ ‬مدرستها‭ ‬الثانوية،‭ ‬وتحمل‭ ‬التحذيرات‭ ‬والدتها‭ ‬وجدتها‭ ‬لتحميها‭ ‬من‭ ‬ذئاب‭ ‬القاهرة‭ ‬الغريبة،‭ ‬وتدخل‭ ‬العمارة‭ ‬وتركب‭ ‬المصعد‭ ‬مع‭ ‬رجل‭ ‬ملامحة‭ ‬هادئة‭ ‬ومريحة‭ ‬رغم‭ ‬كبر‭ ‬سنة‭ ‬حتى‭ ‬راح‭ ‬ينظر‭ ‬بإعجاب‭ ‬مخيف‭ ‬على‭ ‬جمالها‭ ‬الهادئ‭ ‬يحوى‭ ‬انوثة‭ ‬صارخة،‭ ‬وظل‭ ‬يحدق‭ ‬فيها‭ ‬طويلا،‭ ‬وكانت‭ ‬خائفة‭ ‬جدا،‭ ‬وتراجعت‭ ‬خطوات‭ ‬بسيطة‭ ‬حتى‭ ‬التصقت‭ ‬بالباب،‭ ‬وزادت‭ ‬خوفا‭ ‬ورعبا،‭ ‬وسألها‭ ‬بإبتسامة‭ ‬وديعة‭:‬‮«‬‭ ‬هل‭ ‬تحبين‭ ‬السينما‭ ‬يا‭ ‬مدموزيل‭ ‬؟‮»‬‭ ‬

بعد‭ ‬تلاشى‭ ‬الخوف،‭ ‬فقالت‭: ‬قديمة‭.‬

فضحك‭ ‬وقال‭: ‬طبعا‭ ‬جميلة‭ ‬ولابد‭ ‬أن‭ ‬كثيرين‭ ‬قالوا‭ ‬لك‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬أنا‭ ‬المخرج‭ ‬أحمد‭ ‬ضياء‭ ‬الدين‭ ‬،‭ ‬وذاهب‭ ‬إلى‭ ‬صديقى‭ ‬المخرج‭ ‬حسين‭ ‬حلمى‭ ‬المهندس،‭ ‬أرى‭ ‬وجهك‭ ‬سيكون‭ ‬إضافة‭ ‬فى‭ ‬تاريخ‭ ‬السينما‭ ‬المصرية،‭ ‬لدى‭ ‬لكى‭ ‬دور‭ ‬فى‭ ‬فيلم‭ ‬نقوم‭ ‬بتجهيزه‭ ‬أسمه‭ ‬“فتاة‭ ‬شاذة”‭.‬

‭ ‬وافقت‭ ‬على‭ ‬الدور‭ ‬لكن‭ ‬طلبت‭ ‬منه‭ ‬أن‭ ‬يحصل‭ ‬الموافقة‭ ‬من‭ ‬والدتها‭ ‬حتى‭ ‬تشارك‭ ‬فى‭ ‬الفيلم،‭ ‬بالفعل‭ ‬جاء‭ ‬أحمد‭ ‬ضياء‭ ‬الدين‭ ‬مع‭ ‬حسين‭ ‬حلمى‭ ‬المهندس‭ ‬لمقابلة‭ ‬والدتها‭ ‬ومفاتحتها‭ ‬فى‭ ‬الموضوع‭ ‬لاشتغال‭ ‬إبنتها‭ ‬فى‭ ‬السينما‭ ‬قبل‭ ‬اتمام‭ ‬تعليمها‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬طالبة‭ ‬بالمدرسة‭ ‬القومية‭ ‬العجوزة‭ ‬سنة‭ ‬أولى‭ ‬ثانوى‭ ‬لكن‭ ‬الصلابة‭ ‬الأم‭ ‬ذابت‭ ‬أمام‭ ‬رغبتها‭ ‬واقناع‭ ‬اثنين‭ ‬من‭ ‬المخرجين‭ ‬المرموقين،اخيرا‭ ‬وافقت‭ ‬بشرط‭ ‬المواظبة‭ ‬على‭ ‬دراستها‭ ‬وهكذا‭ ‬ظهرت‭ ‬فى‭ ‬فيلم‭ ‬فتاة‭ ‬شاذة‭ ‬عام‭ ‬1964‭ ‬وكان‭ ‬أول‭ ‬أجر‭ ‬لها‭ ‬مائة‭ ‬وخمسين‭ ‬جنيها‭.‬

الفيلم‭ ‬مستوحى‭ ‬من‭ ‬قصة‭ ‬غانية‭ ‬الانجليزية‭ ‬“كريستين‭ ‬كيلر”‭ ‬صاحبة‭ ‬الفضيحة‭ ‬أخلاقية،‭ ‬عرفت‭ ‬بأسم‭ ‬“فضيحة‭ ‬برفيمو”‭ ‬الوزير‭ ‬البريطانى‭ ‬الذى‭ ‬استقال‭ ‬بسببها،‭ ‬وكانت‭ ‬بطلة‭ ‬الفيلم‭ ‬الفنانة‭ ‬شويكار‭ ‬وكانت‭ ‬مديحة‭ ‬فى‭ ‬قائمة‭ ‬الوجوة‭ ‬الجديدة‭ ‬التى‭  ‬تضم‭ ‬الفنان‭ ‬عادل‭ ‬أدهم‭. ‬ويبدو‭ ‬كان‭ ‬الدور‭ ‬يبحث‭ ‬عنها‭ ‬حيث‭ ‬تؤدي‭ ‬فى‭ ‬الفيلم‭  ‬دور‭ ‬فتاة‭ ‬تعمل‭ ‬عارضة‭ ‬أزياء،‭ ‬وقبل‭ ‬هذا‭ ‬الفيلم‭ ‬كانت‭ ‬تمارس‭ ‬هذه‭ ‬المهنة‭. ‬وشخصيتها‭ ‬فى‭ ‬الفيلم‭  ‬فتاة‭ ‬تدعى‭ ‬ماندى‭ ‬التى‭ ‬تقابل‭ ‬كريستين‭ ‬كيلر‭ ‬“شويكار”‭ ‬والقواد‭ ‬“عادل‭ ‬أدهم”‭ ‬بعدما‭ ‬أعجبوا‭ ‬بجمالها،‭ ‬ويجعلوها‭ ‬عارضة‭ ‬أزياء‭ ‬حتى‭ ‬يستدرجها‭ ‬إلى‭ ‬منزل‭ ‬يمارس‭ ‬البغاء‭ ‬الذى‭ ‬يزوره‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الشخصيات‭ ‬الشهيرة‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬الوزير‭ ‬البريطانى‭ ‬برفيمو‭ ‬“رشدى‭ ‬أباظة”‭. ‬وماندى‭ ‬مخطوبة‭ ‬لصحفى‭ ‬“أحمد‭ ‬رمزى”‭  ‬وشديد‭ ‬الغيرة‭ ‬عليها‭ ‬ويراقبها‭ ‬ويكتشف‭ ‬بأنهم‭ ‬يريدون‭ ‬تجنديها‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬العالم‭ ‬وينقذها‭ ‬ويقوم‭ ‬بتصوير‭ ‬هذا‭ ‬الحدث‭ ‬وينشره‭ ‬فى‭ ‬الجريدة‭ ‬التى‭ ‬يعمل‭ ‬بها‭ ‬ويتحول‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬قضية‭ ‬رأى‭ ‬عام‭.‬