بأقلام الأشقاء.. مصر في عيون العرب

خميس بن عبيد القطيطى كاتب عٌمانى
خميس بن عبيد القطيطى كاتب عٌمانى

بقلم/ خميس بن عبيد القطيطى

كتبت الأقدار أن تحمل مصر الأمانة التاريخية تجاه الأمة العربية، فكانت على الوعد والموعد الذى تكفلت به طوال التاريخ، وليس غريبا على مصر العظيمة أم الحضارات وسليلة التاريخ وأرض الكرامات أن تضطلع بهذه الأمانة التاريخية العظيمة، وعندما نقف أمام بلد عظيم ارتبط اسمه بالسماء وسار على أرضه الرسل والأنبياء، وذكره الله فى أفضل المواضع العطره، فقال سبحانه: "ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ" فهذا يؤكد عظمة مصر أم الدنيا، نعم هى مصر أرض النبوءآت والثقافات والفتوحات، هى بلد التاريخ والآثار والحضارات، لجأ إليها أبناء الأمة العربية فى مختلف صروف الدهر، هى البلد الطيب الذى ارتبط به أبناء الامة العربية من المحيط إلى الخليج، هى المحروسة بإذن الله بلد النيل العظيم الذى ذكره الله فى كتابه العزيز لذلك ارتبط النيل بهذا البلد ولا يمكن لأيا كان أن يغير هذا الرابط العظيم الذى أراده الله عز وجل، هى البلد الطيب الذى تستانس القلوب بذكره وزيارته، فلا عجب أن تهفو إليه القلوب وتستجم فيه النفوس وتنهل منه العقول، حفظ الله مصر.

الآيات القرآنية الكريمة التى ذكرت فيها مصر تعتبر تكريما إلهيا عظيما لم يحظ به أى بلد على وجه الأرض، وهذا التكريم لم يأت صدفة بل هو لمكانة مصر العظيمة، وزاد من مكانها عندما حملت لواء الاسلام، ولم تتخلى أيضا عن أهلها الاقباط الذين شكلوا فسيفساء هذا النسيج الاجتماعى الفريد الذى يحمل رونقا خاصا فى مصر ليتعانق الهلال مع الصليب، ويتكامل أبناء مصر تحت راية الله والوطن فى كل حقب التاريخ، فكانت مصر سندا للأمة العربية، ومخزونا بشريا أسهم بالدفاع عنها فى مختلف العصور.

مكانة مصر وثرواتها كانت ومازالت مطمع الأعداء، لكن التاريخ علم الأعداء قبل الاصدقاء من هى مصر، فكان الانتصار حليفها على الدوام، وهذا سر خلودها وعظمتها وسحرها الأخاذ، لذا ستظل مصر العزيزة ظافرة بعون الله، والعرب يدركون ماذا تعنيه مصر فهى مصير العرب وعمقهم الاستراتيجى وأمنهم القومي، وهى قلب العروبة ومحور القيادة فى كل مراحل التاريخ، وفضلها عظيم فى الدفاع عن الأمة، لذا لن ينسى العرب لها هذا الفضل فقد تحملت الامانة وما أجدرها بتحمل تلك الامانة العظيمة، وما أجمل الذاكرة العربية عندما تعرج بنا إلى حطين وعين جالوت ومعارك السويس والعبور، وما أعظم الذكريات عندما تهتز الارض من تحت أقدام أبناء شعب مصر العظيم استجابة لكل قضايا الامة تحت صيحات الله أكبر وما أصدقها عندما تكون من أفواه الصائمين فى ملحمة من ملاحمها التاريخية، وما أعظم تلك الملاحم التى تصدرت لها مصر الكنانة وهبة النيل.

مصر تمثل منجم بشرى صدر للأمة العلماء والقادة والفاتحين وأنجبت رموز الدين والثقافة والفن والمفكرين، وتناغم أزهرها الشريف مع مؤسساتها الأخرى ليرسم بانوراما عربية أنيقة مرصعة بالدر واللؤلؤ، فهى بلد القامات العظيمة فى مختلف الميادين، ولن يتسع المقام لتعداد مناقبها وذكر رموزها، واذا عدنا للتاريخ المعاصر وما قدمته مصر للامة العربية والوطن العربى فى النصف الثانى من القرن العشرين من إسهامات جليلة فى بناء الدول العربية ما زال راسخا يتذكره أبناء ذلك الجيل، فلا ريب أن فضل مصر عظيم، نعم لقد وهبت مصر للعالم العربى المعلم والطبيب والمهندس فكانت القواعد العلمية مبنية بأيادى مصرية فى مختلف الدول العربية بل وبعض دول العالم الثالث التى ولت وجهها شطر مصر والازهر الشريف، ونهلت من معين مصر الذى لا ينضب ولن ينضب بإذن الله.

نحن فى سلطنة عمان نرتبط بمصر العزيزة ارتباطا استثنائيا ذلك لأن الحضارات تعرف بعضها، وحوار الحضارات فى الماضى يصيغه الحاضر بأحرف من نور ويترجمه بعلاقات فريدة، وهى علاقات نموذجية لم تغيرها التحولات السياسية بل زادتها رباطة وقوة.