إنها مصر

سلاح المصريين

كرم جبر
كرم جبر

الحضارة والثقافة والفنون والآداب نماذج للقوة الناعمة المصرية، وهى مزيج من عظمة الفراعنة وعناق الأديان على ضفاف النيل، تحت ظلال التسامح والمودة والتلاحم والانسجام المجتمعي.. بينما قوة الإخوان الخشنة التى استعرضوها فى عام حكمهم كانت خلطة عنيفة من عقائد متشددة وأفكار ظلامية.
ثقافة مصر التى خاف المصريون عليها من الإخوان، هى عصارة وعى أدبائها العظام ومثقفيها ومفكريها وفنانيها الذين يتجاوز عددهم عناصر الإخوان وتنظيماتهم المتطرفة، وحسب تعريف «جوزيف باى» نائب وزير الدفاع فى عهد كلينتون ومخترع نظرية القوة الناعمة «هم» «أصحاب الجذب والإعجاب والضم، دون اللجوء إلى القوة كوسيلة للإقناع، وأصحاب القوة المعنوية الروحية القادرون على التفاعل والتأثير».
استهان الإخوان بالقوة الناعمة الكامنة فى ضمير الوعى المصرى أو لم يفهموها، وظنوا أن مظاهر «الإسلام الشكلي» التى جاءوا بها ونصبوا شباكها حول البسطاء والطيبين، يمكن أن تكون قوتهم الناعمة وتجذب الناس لهم، ففوجئوا بـ»إسلام حقيقي» يتسلح به المصريون، ويتوافق مع تسامحهم وحضارتهم وثقافتهم، ولا يمكن أن يزايدوا عليه أو يلعبوا به.
تحولت البلاد فى حكمهم إلى سجادة نار تحت أقدام الذين حاولوا طمس الهوية الوطنية أو تذويبها، وانهزمت ثقافة التطرف والتشدد والعنف والقسوة أمام الوعى الناعم فى أعماق المصريين القائم على المحبة والوئام والسلام والعيش مع الآخر، ورفع المصريون «علم مصر» فى أيديهم ورسموه على وجوههم وزينوا به ملابسهم واحتضنوه فى قلوبهم، بينما قوبلت أعلام الإخوان السوداء بمشاعر الكراهية والاستنكار والاستهجان.
وكما فشلت الجماعة الإرهابية فى المساس برصيد القوة الناعمة المصرية فشلوا أيضاً فى إشعال فتنة الحرب الدينية، لأن أقباط مصر لجأوا إلى جيش مصر وشعبها ورئيسها، واستقووا بهم فى مواجهة المحنة، وأكدوا أن مصر هى الدرع والحضن والحصن والأمان.
وفشلوا فى إشعال الحرب بين المسلمين والمسلمين، وتوريط شبابنا فى المذابح الدينية ورفض المصريون مقولة «قتلانا فى الجنة وقتلاهم فى النار»، فمصر ليست فيها أديان متصارعة ولا مذاهب متنافرة، بل مصريون يرفعون شعار «الدين لله والوطن للجميع».
ظلت مصر واقفة وصامدة فى وجه الجحيم الذى هب على المنطقة، وأدى إلى تفكيك دولها وتشتيت شعوبها، وتؤكد المؤشرات أن البلاد تمضى بخطى ثابتة نحو المستقبل، ولن يستطع أحد أن يشدها إلى الوراء.