قضية ورأى

العلم فى زمن «كورونا»

د. أحمد عفيفى
د. أحمد عفيفى

هل تظن منظومة"البحث العلمى"أنها الشجرة التى تغطى الغابة؟..قطعاً لا..فواقع الحال يشى بالخلل البالغ الذى تعانيه، ونتحمل جميعاً مسئولية تشخيصه وعبء مواجهته وتقديم علاجه. لم يعد"العلم"والبحث فيه ترفاً، بل هو قضية وجود وصانع المكانة على سلم التقدم والحداثة.
ينحصر صلب سياسة"البحث العلمى"فى توجيه بوصلة خططه نحو المسارالصائب. يكمن صلب سياسة "البحث العلمى" فى ثقافة"النفاذ إلى صميم الحياة" بغية الإرتقاء بجودتها.إنه يتميز بالهيكلية، ويتصف بالمنهجية، ويتسم بالتنموية، ويستهدف الإشكالية، ويواجه التحديات المستقبلية.
لا قاع للتدهور..لم يعد فى قوس الصبر منزع، لقد كشف وباء"كورونا"غطاءه الكثيف عن ضعف شديد فى"بحثنا العلمى"برغم عراقة المنظومة.لم ترتفع إنتاجيتها كماً أوكيفاً إلى مستوى"الأزمة"الراهنة ولم تتسق قدراتها مع أمواج الوباء المتلاحقة،فقد أسدل ستار عامه الأول عن ملايين الإصابات والوفيات فى ربوع العالم.
لم تتسابق"الجامعات"المصرية على كبح جماح"الجائحة"، ولكنها"الشركات العالمية الكبرى"هى التى أظهرت أن"العصمة"بيدها وأنتجت"اللقاحات".لقد ألقت بقفازها فى وجه الجميع معلنة أن"البحث العلمى"ومخرجاته ملك خالص فهى التى تقوم بتمويله ودعمه ورفع كفاءة معامله، وتعمل على استقطاب العقول العلمية وإدارة اقتصادياته وعقد صفقات"رأس المال الفكرى"وجنى ثماره وانتزاع "قيمته المضافة"..إنها مقومات"النموذج الأمثل"الذى يجب أن يحتذى فى الصراع ضد عقارب الساعة والمرور إلى طريق الغد والاستثمار فى "العلم".
كيف ستعمل"منظومة البحث العلمى"فى ظل أجواء"الوباء"؟.هل سينسحب الإغلاق المطلق أو النسبى على المعامل البحثية ويتجمد نشاطها؟،أم سيكون لمنسوبيها حصانتهم ضد الحجر بتنويعاته كالأطقم الطبية التى تتعامل مع مرضى الجائحة؟،أم الحل تقدمه المنصات والتطبيقات الإلكترونية("زووم" وأخواتها)؟العابرة للمسافات والقادرة على عقد المناقشات وإتمام المقابلات الإفتراضية،دون التلاقى المباشرأوقراءة لغةالجسد(عوامل أساسية فى تناقل الرسالة المعرفية)،إمعاناً فى تحقيق التباعد الاجتماعى..تساؤل كبيريطرح بإلحاح على الساحة.إن الإجراءات الاحترازية، خاصة التخفيض التبادلى للعاملين، ستصيب حتماًعجلة الإنتاج البحثى بالبطء والتراجع!!..
يؤكد محور البحث العلمى فى"رؤية مصر2030"- وهى تنظر للجامعات كبيوت خبرة ومؤسسات منتجة-على أنه بحلول2030سيكون المجتمع مبدعاً ومبتكراً ومنتجاً للعلوم والتكنولوجيا ويربط تطبيقات المعرفة ومخرجات الإبتكار بالأهداف الوطنية.وأثبت درس"كورونا"أننا نبتعد بمسافات واسعة عن تلك"الرؤية"..والهوة تحتاج إلى سرعة الرأب.
تجرى أبحاثنا هنا وهناك وتصل إلى"نتائج"قيمة وتنشرفى دوريات عالمية، ولكنها تظل حبيسة معاملها وأدراجها،لاتستنشق هواء التطبيق حتى كادت أن تختنق،كأن غرضها الأصلى يقف عند منح الدرجة العلمية(ماجستير/دكتوراة) أوترقية أعضاء هيئة التدريس.أما تغييرملامح المجتمع نحو الأفضل، فيعانى من الجفاء والجفاف،ويجعل لغزاً يتشكل وعلامة استفهام تتضخم!!..
استاذ بعلوم القاهرة