نجيب الريحاني.. الصدفة نقلته من النوم على الرصيف لـ«فندق فخم»

نجيب الريحاني
نجيب الريحاني

عاش نجيب الريحاني حياة من الضياع والتشرد، بضعة أيام يشعر خلالها باليأس التام، والندم على الوظيفة التي كانت تدر عليه راتبا محترما، وتجعله يرتدي أفضل الثياب، ويأكل ألذ الطعام، وتجعل حرافيش الفنانين يلتفون حوله، ويطلبون وده.

ولم يجد الريحاني مكانا يأوي إليه حتى لا يقيم لفترة في لوكاندة فتنفذ نقوده، حيث لم ينجح في العثور على عمل، وأخذ يتردد على مقهى الفنانين العاطلين، وعودته لأصدقائه المفلسين، ولم يجد له مأوى يلجأ إليه ليلا سوى الرصيف وشاطئ النيل، حيث يفترش الأرض، ويلتحف بالسماء، بحسب ما نشرته مجلة الكواكب في 5 مايو 1998.

اقرأ أيضا| النصاب الذي ضحك على الريحاني وأخذ ثروته

وذات ليلة استيقظ يتحسس الأرض، بعدما شعر بشىء صلب تحت رأسه، وأخذ يمد يده ليبعده بعدما ظن أنه حجرا، أو زلطة، فإذا به يفاجأ أنه أمام كنز.. قطعة نقود "تعريفة" فعلت وجهه الابتسامة وبصوته المميز يقول تعريفة مرة واحدة، وكان قد قضى يومين لم يذق خلالهما الطعام، انتفض واقفا، وتملكته سعادة غامرة، وهرول مسرعا إلى مطعم الفول ليشتري خبزا، وطبق من الفول والطعمية والسلطة، بالمليمات الخمسة كلها، ولا يدخر منها شيئا لما هو آت من الأيام، وعملا بالحكمة القائلة: اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب.

وبالفعل جاء الغيب في مصادفة جمعته بصديق لم يره أو يلتقي به منذ فترة، عندما عاد إلى مكانه على شاطئ النيل، حيث اصطدمت قدماه بلحم بشري في نفس المكان الذي ينام فيه، ويكتشف أن النائم هو صديقه الأديب محمود صادق، ويضحك الاثنان، ويسأل الريحاني، ماالذي أتى بك إلى هنا، فيقول له الأديب، هو نفس ما جاء بك يا نجيب، يعني الحال من بعضه.

وضحكا معا، فقد وجد كل منهما صاحبا يؤنس وحدته ولياليه وفي أحد الأيام يأتي الأديب ويخبره بالفرج، فقد عرضت عليه مكتبة المعارف رغبتها في إصدار سلسلة روايات بوليسية مترجمة، وسألوه عما إذا كان يستطيع بمهمة الترجمة، بالرغم من أن الأديب محمود صادق كان يستطيع الصياغة لكنه لم يكن ضليعا في اللغة الفرنسية، ووجد في نجيب الريحاني ضالته المنشودة، نجيب يترجم وهو يعيد الصياغة بلغة أدبية مشوقة.

ويعرض الأديب محمود صادق الفكرة على نجيب الريحاني، الذي أجابه وطلب منه أن يسرعا إلى المكتبة، وقاما بتوقيع عقدا بالعمل للترجمة وتقديم رواية كل أسبوع، وأعطاهما صاحب المكتبة خمسة قروش ليقيمان في فندق يملكه بدلا من فندق الشاطئ الذي كانا يلجآن إليه أيام الفلس والضياع.

ونجح الريحاني كمترجم للروايات البولبسية، وعرض عليه أحد أصحاب الفرق التمثيلية أن ينضم لفرقته لا كممثل لكن كمترجم المسرحيات الفرنسية، وبدأ الريحاني مرحلة أخرى من مراحل حياته المليئة بالمفاجآت، والنوادر، المآسي المضحكات المبكيات.

المصدر: مركز معلومات أخبار اليوم