73 سنة بالتمام والكمال مرت على نكبة فلسطين فى عام 1948 ، ولم يمت الحلم فى الصدور.
73 سنة مرت وربما يمر أضعافها ولن يخفت أمل العودة الى الديار .
لو مات كل هذا الجيل ولحق بأجيال كثيرة سبقته ، سيتحقق وعد الله يوما ، وسوف تعود القدس وإن طال الزمن ، وسوف يهزم المغتصب ولو تدثر بكل قرارات «العهر الدولية» سوف يأتى يوم تتطهر فيه فلسطين من الدنس الإسرائيلى مهما اعتقد البعض أن الدنيا دانت لبنى اسرائيل وانهم امتلكوا كل أسباب القوة، ومهما سقطنا - نحن العرب - فى كل أسباب الهوان والضعف والإستكانة .. «ليست كثيرة على الله».
ففى وقت اعتقد البعض أن القضية الفلسطينية ماتت «وشبعت موت» ها هى الأحداث المتفجرة فى الأراضى الفلسطينية المحتلة تثبت بالدليل القاطع أن قضية فلسطين حية ولم تمت ، متأججة فى الصدور وان خفت صوتها أحيانا، وتؤكد أن الأطفال يرضعون حب التراب الفلسطينى المغتصب مع لبن الأم ، وأن فلسطين ستبقى هى قضية العرب الأولى، وأن استقرار المنطقة، ونهاية دوامة العنف والعنف المضاد لن تكون من غير حل عادل وحقيقى لقضية فلسطين .
وفى وقت تشرذمت فيه الدول العربية، وأصبحت كثير من دول المواجهة أثر بعد عين بسبب ما أسموه بالربيع العربى، وفى وقت تاجرفيه البعض بالقضية، وتاهت ملامحها حتى أصبحنا نرى ونسمع ميليشيات إرهابية ترفع السلاح على السلطة الوطنية وتقتل وتحرق وتدمر وتفخخ وتقتل الأبرياء باسم الدفاع عن القدس وعن حق فلسطين المغتصب !! ووصل الأمر بدولة مثل إيران وأخرى مثل تركيا أن تتاجر بالقضية وتتخذ منها تكئة لإستهداف الدول العربية والنيل منها ومن استقرارها والتدخل فى شئونها .
قدمت مصر منذ 1948 والى يومنا هذا الغالى والنفيس للقضية ، ولم تتاجر بها يوما، قدمت آلاف الشهداء من خيرة شبابها ، وفى عز الأزمة ووسط الغبار الذى طال العلاقات مع حماس فى قطاع غزة لم تتخل مصر يوما عن الفلسطينيين ولن تتخلى، وعندما تشتد الأزمة لا يكون هناك غير مصر تفتح أبوابها ومستشفياتها وتهرع لنجدة أخواتنا وأهلينا الفلسطينيين، وتدخل فى مفاوضات شرسة مع الجانب الإسرائيلى الذى لا يؤمن بغير لغة القوة .
هذا ليس كلاما إنشائيا على غرار الكلام الإنشائى الذى تطلقه أبواق هنا وهناك بدون أى ترجمة على الواقع .. مصر الأزهر قالت وتقول كلمتها ورأس الدولة المصرية ممثلا فى الرئيس عبد الفتاح السيسى قال كلمته أكثر من مرة ، وفى أكثر من مناسبة والتى لخصها فى جملة سحرية مفادها أن استقرار المنطقة ونزع فتيل العنف منها لن يكون من غير حل عادل للقضية الفلسطينية يقوم على الشرعية الدولية واقرار حل الدولتين ، بغير هذا سوف تظل المنطقة فى دوامة عنف وعنف مضاد، وأن تكون بيئة خصبة للجماعات الإرهابية المسلحة التى تتخذ من القضية الفلسطينية ستارا تخدع به ضحاياها من الناس .
إسرائيل لا تعرف غير لغة العنف والقتل .. وألتها العسكرية تواصل بمظلة أمريكية، وتردد أوروبى، حصد أرواح الأبرياء الذين لم يهنأوا بأقصاهم فى شهر رمضان، وتحولوا من أصحاب بيت الى مطاردين ترميهم اسرائيل بتهمة الإرهاب وتطلق عليهم نيران آلتها العسكرية، وبلغت الوقاحة الإسرائيلية مداها حتى أنها تستكثر على الفلسطينيين حق الدفاع عن النفس فى مواجهة مخططات وإجراءات التطهير العرقى التى تمارسها سلطات الاحتلال ، خاصة فى مدينة القدس .
الجديد فى انتفاضة الداخل الفلسطينى هذه المرة يتجلى فى دور وسائل التواصل الإجتماعى فى توثيق ونقل جرائم الإحتلال الإسرائيليى الذى لا يتورع عن ضرب المدنيين العزل، وهدم المبانى على رؤوس سكانها من النساء والأطفال ، وعلى الهواء مباشرة لأنه أمن عقاب الجماعة الدولية التى تغض الطرف عن جرائمه .. تتجلى خطورة سلاح «السوشيال ميديا» فى لجوء وزير الدفاع الإسرائليى الى عقد اجتماع مع مديرى منصات التواصل الإجتماعى فى المنطقة لكى يتدخلوا لحجب المحتوى الذى يحرض على العنف !! .. هو يعتبر طلب الفلسطينيين بالعودة الى أراضيهم ارهابا، ويعتبر دفاع المقدسيين عن أقصاهم فى مواجهة التدنيس اليهودى عنفا غير مبرر، ويعتبر وقوف الفلسطينى فى وجه الإستيطان وعدم ترك أرضه التى ورثها أبا عن جد دعوة الى العنف، وللأسف استجابت بعض المنصات وحجبت أى هشتاج يناصر الأقصى، وقامت بوقف البث المباشر الذى يوثق جرائم اسرائيل على الهواء مباشرة، واعتبرته عملا يدعو الى العنف .
مفتاح الحل فى ايدى الفلسطينيين أنفسهم ، والبداية باستكمال اجراء انتخابات فلسطينية حرة، برعاية مصر، لتوحيد الصف الفلسطينى فى الضفة والقطاع، وساعتها تكون نقطة البداية لإقناع العدو بقوة الشوكة الفلسطينية، وأن هناك صوتاً فلسطينياً واحداً متحداً فى مواجهة عدو ادرك أن بقاءه يكمن فى زرع الفتنة داخل البيت الفلسطينى نفسه، وجعله يقتتل داخليا لسنوات طويلة، وصرفه عن الهدف الأسمى. وحتى يدرك الإخوة فى فلسطين ذلك، مصر على الأرض توجد الحل، وتضمد الجراح، وتقف فى وجه العدو الإسرائيليى، وتقود المجتمع العربى من أجل تحرك دولى يوقف المعتدى، ويوقف سيل دماء أهلنا فى فلسطين، والبدء فورا فى مفاوضات حل الدولتين .
لم تغب القضية الفلسطينية يوما عن وجدان مثقفينا ومبدعينا وكانوا دائما فى الطليعة يقولون كلماتهم التى هى مصابيح تنير الطريق لكل المناضلين الشرفاء ولكل أصحاب القضية ولكل الأجيال الجديدة حتى تبقى القضية حية يانعة فى صدورنا لا ننساها .. وبمجرد ان خط الكاتب والقاص أحمد الخميسى بيانه على صفحته «فيس بوك» يستصرخ فيه باسم المثقفين ضمير العالم النائم ، حتى انهال آلاف المؤيدين بكلمات أقوى من الرصاص، ومن صورايخ ودبابات وطائرات ومسيرات العدو الإسرائيلى الذى اغتصب الأرض ولكنه لن ينجح فى اغتصاب ذاكرة شعب ولد وعاش أجداده على هذه الأرض منذ آلاف السنين . الكلمة تخترق القبة الحديدية التى تفتخر بها اسرائيل .
صدقوا التاريخ : الجزائر تحرر من الإستعمار الفرنسى بعد احتلال دام 132 سنة.
وليس غريبا على فلسطين أن تتحرر . صدقوا ذلك .
بيت الشعر يعطل مجنزرة
الصدور العارية أقوى من أعتى الجيوش ما دمت صاحب قضية .
مصر على قلب رجل واحد بأزهرها وكنائسها ومثقفيها ومبدعيها مع الحق الفلسطينى ضد عدو يوما سيرحل .!
صدق نزار قبانى :
يا قدس.. يا مدينتى /يا قدس.. يا حبيبتى/ غداً.. غداً.. سيزهر الليمون
وتفرح السنابل الخضراء والزيتون... وتضحك العيون/ يا بلدى .. يا بلد السلام والزيتون.