قصة نجاح.. أستاذ جامعى نهاراً وصانع فخار ليلاً

 د.هانى يصنع الفخار بصحبة والده
د.هانى يصنع الفخار بصحبة والده

 كثير من الأسر الفقيرة التى يعشش الجوع فى جدرانها، ويكدحون طوال الوقت تحت أشعة الشمس الحارقة لكسب قوت يومهم، يعتبر التعليم طاقة قدرهم، ونافذة النور التى تنير حياتهم وتلمع بارقة فى أحلامهم المظلمة.. تجد الأب يعمل ليل نهار لتعليم أولاده حتى لا يتذوقون مرارة الحياة مثلما كانت حياته، أملًا فى أن يعود الابن بعد انتهاء تعليمه الجامعى ونيل وظيفة مرموقة لانتشال أسرته من أُديم الفقر إلى سماء الثراء..
هكذا هى حياة د. هانى عبد الله هلال،39 عاماً، أستاذ الإعلام والصحافة بأكاديمية الجزيرة بالمقطم.. وُلد هانى فى أسرة تعمل جميعًا فى صناعة الفخار بداية من الجد الأكبر حتى الأطفال التى اعتادت أيديهم على مخالطة الطين وتشكيله إلى «أوان وقلل وأزيار»، وكذلك هو حال هلال الطفل ذى الثمانى سنوات الذى وجد نفسه ملقى فى معترك العمل لمدة تزيد على 16 ساعة يوميًا فى مهنة بدنية من الدرجة الأولى.. وكما هو شائع فى بلدته أن الطفل ليس له سوى عمل والده، كما أن كفايته بالتعليم ستنتهى عند الصف السادس الابتدائى فقط يكفى تعليمه القراءة والكتابة، إلا أن هانى هلال كان يأمل فى أن يبنى لبِنات عقله بالتعليم ويزينها بالثقافة حتى يغير مصير أسرته ويضعهم على أولى درجات الغنى.
يقول هلال لـ«الأخبار»: كنت أقضى نهارى كله فى العمل بيدى ورجلى وعيني، وفى نهاية اليوم أجد جسدى كله يؤلمنى من مجهود اليوم رغم ذلك لا أقدر على النوم دون أن أطالع كتبى وأقضى واجبات الدراسة، وبحمد الله كُلل مجهودى بمجموع عال فى الثانوية العامة أهلنى لدخول كلية تربية نوعية قسم إعلام جامعة المنوفية، لم يكن أبى يرجح لى فكرة استكمال تعليمى وكان يريدنى أن أتفرغ للورشة، إلا أننى وعدته أننى لن أقصر فى عملى بجوار تعليمي، فكان حصيلة نومى يوميًا 4 ساعات فقط، ووفقنى الله حتى أتممت دراستى الجامعية بتقدير امتياز وترتيب الثالث على الدفعة».. أتم هانى دراسته وعاد إلى صناعة الفخار مرة أخرى، حيث إنه لم يجد عملاً بشهادته، إلا أنه أصر على استكمال الدراسات العليا حتى حصل على الماجستير والدكتوراه فى الإعلام التربوي، أخر ذلك من زواجه وتكوين أسرة، حيث إنه كان ينفق كل أمواله على الدراسة، وعمل فى البداية أخصائى إعلام بالتربية والتعليم، فى الوقت ذاته أرسل ملفه للكثير من الجامعات الخاصة حتى عمل فى أكاديمية الجزيرة..
وأضاف أنه لم يقدر على التخلى عن صناعة الفخار لأنها مهنة والده وأجداده، ساعده فى ذلك أنه يذهب للجامعة ثلاثة أيام فى الأسبوع فقط، وباقى الأيام يقضيها فى العمل بالورشة وكذلك أيام ذهابه للجامعة كان عند عودته يخلع بذلته ويذهب لمساعدة أخيه فى الورشة، وذلك لتوفير نفقات أسرته وأولاده الثلاثة.