من خلال فصل واستبعاد المنتمين للتنظيم الإرهابى

استئصال «أورام الإخوان» يضمن كفاءة المؤسســــات الحكـومية

استئصال «أورام الإخوان»
استئصال «أورام الإخوان»

أحمد جمال

لاقت الخطوة التى أعلن عنها المهندس أمين مسعود، عضو مجلس النواب، وأمين سر لجنة الإسكان والمرافق بمجلس النواب، الأسبوع الماضي، بشأن إعداد مشروع قانون لتعديل قانون الخدمة المدنية، يستهدف فصل جميع من ينتمون لجماعة الإخوان الإرهابية، ترحيباً سياسيا وشعبياً واسعاً بعد أن أضحى وجود هذه العناصر داخل المؤسسات الحكومية معرقلاً لخطط التقدم والتنمية التى تنفذها الدولة المصرية.

لا يشكل وجود عناصر تنظيم الإخوان داخل المؤسسات الحكومية خطراً فقط على السكك الحديدية مثلما استفاض الفريق كامل الوزير، وزير النقل فى حديثه أمام مجلس النواب فى معرض حديثه عن الحوادث الأخيرة للقطارات، غير أنها تشكل تهديداً لتنفيذ خطط التنمية المستدامة على الأرض لأن هناك أشخاصاً لديهم رغبة فى إحباط أى محاولات للتقدم إلى الأمام وينتظرون الفرصة السانحة للتشكيك فى أى تطور ملموس على الأرض.

وأكد النائب أمين مسعود أنه يدرس التعديل التشريعى الذى سيتقدم به إلى المستشار حنفى جبالى رئيس مجلس النواب، عقب إجازة عيد الفطر المبارك بعناية فائقة حتى لا يتم الطعن عليه بعدم الدستورية، مؤكدًا أنه سيتم النص بكل صراحة ووضوح على فصل واستبعاد جميع الموظفين الذين ينتمون للجماعات والتيارات الإرهابية والتكفيرية بمختلف المؤسسات بالدولة بما فيها السكك الحديدية والجامعات والمدارس ومختلف الـــــوزارات والمحـــافظــات وغــــيرها مــــــن مؤسسات الدولة.

وطالب الفريق كامل الوزير، وزير النقل بضرورة سن تشريع قانون يقضى بمحاسبة المنتمين لتنظيم الإخوان من الموظفين فى الدولة، مشيراً إلى أن وزارته بها نحو 162 عاملًا ينتمون إلى جماعة الإخوان الإرهابية، يعملون فى قطاع السكة الحديد، ودعا إلى استبعاد العناصر التى تنتمى إلى "أنشطة متطرفة وإثارية"، من الوظائف الحساسة فى الدولة لحين صدور تعديل قانون على الخدمة المدنية يسمح باستبعادهم تماما.

فيما حذر الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف من تنامى الخلايا النائمة من تنظيم الإخوان فى المؤسسات الحكومية مشيرا إلى أن خلايا الإخوان تعيد إنتاج نفسها، وتشكل ما يشبه المافيا داخل المؤسسات الحكومية، وتسعى لإثارة الأزمات وتعطيل المصالح وعرقلة محاولات التنمية والاستقرار، موضحاً أن الجماعة تمول هذه الخلايا وتدعمها وتخطط لها لتنفيذ أهدافها باستغلال تواجد عناصرها داخل المؤسسات الحكومية.

وأوضح اللواء محمد نور الدين، مساعد وزير الداخلية الأسبق، أن جهاز الأمن الوطنى لديه حصر كامل بكل هذه الخلايا النائمة التى جرى تسكينها فى المؤسسات الحكومية، وأن التعامل مع المنتمين للتنظيم الإرهابى عبر القانون يشكل أفضل طريقة لتطهير الوزارات، إذ إن هناك حكما قضائيا نهائيا وباتاً من أعلى جهة قضائية فى البلاد باعتبار التنظيم إرهابياً، وبالتالى فإن انتماء أى شخص له يستدعى تجريده من وظيفته.

وأشار إلى أن هناك وقائع عديدة استهدفت عرقلة عمل الحكومة تسببت فيها عناصر تنظيم الإخوان لعل أبرزها تورط موظف التشغيل فى وزارة الكهرباء بالإرشاد على برج الكهرباء الرئيسى المغذى لمدينة الإنتاج الإعلامى والذى جرى تفجيره بعبوات ناسفة فى عام 2015، كما أن أحد موظفى الوزارة ذاتها تورط فى جريمة قطع الكهرباء عن مطار القاهرة فى أثناء زيارة الوفد الروسى الذى كان يراجع إجراءات السلامة فى أعقاب حادث الطائرة الروسية.

بحسب مساعد وزير الداخلية الأسبق، فإن التعليمات تأتى من داخل السجون عبر عناصر التنظيم الإرهابى إلى عناصرهم فى الخارج من أجل القيام بجرائم تستهدف عرقلة عمل المؤسسات الحكومية، ومثل هذه الجرائم تستهدف تقويض عمل الأجهزة الحكومية وترويع المواطنين، ما يجعل التعامل مع تلك العناصر كان يجب أن يكون مبكراً فى أعقاب فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة.

وشدد على أن الدور الأخطر الذى تلعبه هذه العناصر يتمثل فى الوزارات الخدمية التى يكون فيها تعاملات مباشرة مع المواطنين إذ يقومون بعرقلة دولاب العمل وإلقاء التهمة على الدولة التى لا تعمل على تطوير مؤسساتها، إلى جانب تأليب المواطنين على الحكومة من خلال إصدار فواتير كهرباء جزافية مثلاً أو التسبب فى حوادث القطارات كما فى وزارة النقل، ما يستجوب قرارات رادعة لعدم تكرار مثل هذه الأمور مستقبلاً.

واتفق عمرو فاروق، الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية، مع ما ذهب إليه اللواء محمد نور الدين، مشيراً إلى أن خطة تنظيم الإخوان تقوم بالأساس على التغلغل فى مؤسسات الدولة ومحاولة السيطرة عليها وتوظيفها لخدمة مشروعها بما يجعلها مهيأة للسيطرة على الدولة فيما بعد، كما أنها لم تكتفِ بقطاع محدد، بل عمدت إلى نشر عناصرها فى أجهزة الدولة المختلفة.

وأضاف: "هناك لجان لاستقطاب الموظفين الذين ترى الجماعة أنه يمكن السيطرة على عقولهم وهناك أقسام عديدة لاستقطاب الموظفين، فمثلا هناك لجان للعمَّال وأخرى للنقابات المهنية وثالثة للوزارات الخدمية كما أن هناك تصنيفات للمستقطبين على حسب ماهية الأدوار التى من الممكن أن يقوموا بها".

لكن فاروق يؤكد على أن الاختراق الأكبر كان من نصيب وزارة التربية والتعليم حيث إن التنظيم كانت لديه رؤية بأن سيطرته على عقول المعلمين بمثابة سيطرة على عقول ملايين الطلاب الذين يتعاملون معهم فى المدارس، وبالتالى فإنها هدفت إلى توظيف الفصل الدراسى لخدمة مشروعها، كما أن القرارات العديدة التى صدرت بتحويل المعلمين المنتمين إلى تنظيم الإخوان لوظائف إدارية سمح للجماعة الإرهابية أن يكون لها حضور قوى على مستوى الإدارات التعليمية، ما يجعل الحاجة إلى قانون رادع يضمن التعامل مع هؤلاء.

وأوضح أن التنظيم الإرهابى يحاول الإيهام بأن عناصره فى السجون أو هربوا إلى الخارج وهو أمر غير صحيح، إذ إن هناك خلايا نائمة عديدة تعمل على عرقلة خطوات الدولة التى تسير بخطى متسارعة فى مجالات مختلفة، وتلك الخلايا لابد أن يجرى تفكيكها ليس فقط من خلال المنتمين إلى تنظيم الإخوان ولكن جماعات الإسلام السياسى بوجه عام والتى تكمل بعضها البعض.

فى وجهة نظر الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، سامح عيد، فإن حجم حضور تنظيم الإخوان فى المؤسسات الحكومية ظهر مع وجودهم على رأس سدة الحكم، غير أن كثيرا من تلك الوجوه خفتت انتظاراً للفرصة السانحة للعودة مجدداً، غير أنها تمارس التحريض بشكل غير مباشر من خلال إثارة البلبلة وترويج الشائعات وبث الروح التشاؤمية والتشكيك فى كل ما تقدم عليه الدولة من خطوات، وتستغل مجموعات "واتساب" المغلقة فى توصيل رؤيتها وأفكارها لأكبر قدر من الموظفين، ما يؤدى لمشكلات إدارية متفاقمة وتكون سبباً فى نشر الشائعات على نطاق واسع.

وأوضح أن التعامل مع عناصر التنظيم سيكون بحاجة لرصد وتدقيق فى تحركاتها والتحقيق معهم متلبسين فى الجرائم التى ارتكبوها بما يسهِّل عملية تطبيق القانون عليهم على أن يكون ذلك بمشاركة أجهزة حكومية مختلفة، كما أن الأمر سيكون بحاجة للتعامل مع خطر الإخوان من محاور عدة تعليمية وثقافية وفكرية وأمنية، على أن يكون لأجهزة الدولة دور المبادرة فى نشر الوعى ودحض الأفكار التى يروجون لها.

وأكد الدكتور حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن التعامل مع عناصر الإخوان لا بد أن يكون فى إطار أوسع حول تطبيق سياسية الثواب والعقاب بشكل حازم داخل المؤسسات الحكومية وهو ما سيكشف عن التوجهات السياسية لكثير من المخالفين، إذ إن هدفهم الأساسى التأثير سلباً فى أداء العمل، ومن ثم التأثير فى المصلحة العامة، ما يجعل العقاب الشديد بمثابة ردع لأى خلايا نائمة.

وأضاف أن مؤسسات الحكومة بحاجة إلى تطهير مشابه لما أقدمت عليه سابقاً فى أعقاب نجاح ثورة يوليو بما يساهم فى بناء الدولة على أسس سليمة بعيداً عن محاولات التخريب وأن القطيعة التى حدثت مع النظام الملكى قبل ثورة يوليو لابد أن تكون أيضاً مع تنظيم الإخوان الإرهابى فى الوقت الحالى، وأن استمرار العناصر الهدامة داخل دولاب العمل لا يمكن أن يؤدى إلى التقدم المنشود.

يعتبر سلامة أن أجهزة الدولة الآن أمام تحدى اختفاء الخلايا النائمة التى ستلجأ إلى تخفيف ممارساتها بعد أن أدركت أن هناك تحركا قانونيا بحقهم، وهو ما يتطلب التعامل سريعاً وبدقة أيضاً مع هذا الملف الشائك التى ستحاول جماعة الإخوان استخدامه كمظلومية جديدة بحقها.