إن وليى الله

 د.أسامة شفيع السيد
د.أسامة شفيع السيد

قبل أيام قليلة من انقضاء شهر رمضان توفى الدكتور أسامة شفيع السيد، المدرس بقسم الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة وقد نعاه الإمام الأكبر د.أحمد الطيب شيخ الأزهر قائلا: بقلوب صابرة محتسبة أنعى العالم البحاثة الدكتور أسامة شفيع السيد، فقيد شباب العلماء، المدرس بقسم الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، وقد عرفتُه من خلال ترجماته العبقرية لمجموعةٍ من الأعمال الفكرية الغربية القيمة، والتى يعز أن يكتب مثلها فى مجال الترجمات المعاصرة للفلسفة الإسلامية والتصوف الإسلامى.. أسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يتغمده بواسع فضله ورحمته، وأن يُلهم أهله وذويه وزملاءه ويلهمنا معهم جميل الصبر والاحتساب، وأن يأجرهم ويأجرنا فى هذه المصيبة ويخلفنا خيرًا منها.
وفى هذه المساحة ننشر خاطرة للفقيد الراحل جاءت بعنوان: «إن وليى الله» وفيها يقول:
يقول الله تعالى: «قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تُنظرون. إن وليى الله الذى نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين»، والولاية: النصرة والمظاهرة؛ ولذلك ذُكر الكتاب فى جملة الصلة «الذى نزل الكتاب»، فإن نُصرة رسول الله ﷺ كانت بالقرآن، وأول ذلك تنزيله منجمًا لتثبيت فؤاده: «وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا»، ثم تلا ذلك التحدى المعجِز، فقال: «وإن كنتم فى ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين»، مع قوله بعدها: «ولن تفعلوا»، فتمت النصرة لرسوله ﷺ باطنًا وظاهرًا.
ومن البلاغة الإتيان باسم الجلالة ظاهرًا: «وليى الله»، ومضمرًا: «نزَّل»؛ أى هو، عند ذكر ولاية الله لنبيه؛ وذلك لأن تنزل القرآن عليه ﷺ كان باللفظ والمعنى، والألفاظ مصوَّرة فى الصوت والخط فلها الظهور، والمعانى -على اختلاف مراتبها قربًا وبُعدًا- مستورةٌ تحت حجب الألفاظ فى حقائقها ومجازاتها، فلها البطون. وليس الأمر كذلك فى تنزل القرآن على الصالحين من أمته ﷺ، فإنه يتنزل عليهم بالمعنى، وهو ما يُلهَمونه من علومه وأحكامه ودقائقه ولطائفه وأسراره، فناسب أن يأتى بضمير الغيبة دون الاسم الظاهر، فقال: «وهو يتولى الصالحين»، لتعلق هذا الضرب من الولاية بالتنزل المعنوى دون اللفظى. وفى الفعل «يتولى» إشارة إلى توالى الإمداد، وأن القرآن دائم التنزل بمعانيه.