إلهام فضالي٠٠ المدهشة

إلهام فضالي
إلهام فضالي

إلهام فضالي :تكتب 

حينما‭ ‬تُحقق‭ ‬فتاة‭ ‬مصرية‭ ‬نجاحا‭ ‬عالميا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬ما،‭ ‬وتصبح‭ ‬حديث‭ ‬الدنيا‭ ‬ومحط‭ ‬اهتمام‭ ‬الإعلام‭ ‬ومنصاته‭ ‬المختلفة،‭ ‬ينصب‭ ‬الحديث‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬أغلبه‭ ‬على‭ ‬سماتها‭ ‬الشخصية‭ ‬وظروفها‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬فتركز‭ ‬الكتابات‭ ‬والأحاديث‭ ‬التلفزيونية‭ ‬على‭ ‬كونها‭ ‬فتاة‭ ‬وصغيرة‭ ‬السن،‭ ‬ومحجبة،‭ ‬ومن‭ ‬الأقاليم،‭ ‬بما‭ ‬يُعلي‭ ‬من‭ ‬إنجازها‭ ‬وسط‭ ‬العراقيل‭ ‬التي‭ ‬خاضتها‭ ‬لتحقق‭ ‬ما‭ ‬حققته‭.. ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬صحيح،‭ ‬لكنه‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬كل،‭ ‬ففي‭ ‬وسط‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬رسم‭ ‬صورة‭ ‬معينة‭ ‬لصاحبة‭ ‬الإنجاز،‭ ‬يأتي‭ ‬الإنجاز‭ ‬نفسه‭ ‬وأهميته‭ ‬في‭ ‬مرتبة‭ ‬أقل‭! ‬بل‭ ‬ربما‭ ‬يضيع‭ ‬تحت‭ ‬الاحتفاء‭ ‬بالشكل‭ ‬والصورة‭..‬

ودكتورة‭ ‬الفيزياء‭ ‬المصرية‭ ‬إلهام‭فضالي،‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬حديث‭ ‬الدوائر‭ ‬العلمية‭ ‬والأكاديمية‭ ‬منذ‭ ‬نهاية‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬قبل‭ ‬شهور،‭ ‬حققت‭ ‬إنجازا‭ ‬علميا‭ ‬كبيرا‭ ‬جدا‭.. ‬إنجازا‭ ‬قد‭ ‬يغيّر‭ ‬حال‭ ‬نجاحه‭ ‬وتنفيذه‭ ‬من‭ ‬شكل‭ ‬العالم‭ ‬بدون‭ ‬مبالغة‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬القادمة،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬إنجاز‭ ‬إلهام‭ ‬فضالي‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يؤهلها‭ ‬لنيل‭ ‬جائزة‭ ‬نوبل‭ ‬في‭ ‬العلوم،‭ ‬يقوم‭ ‬باختصار‭ ‬على‭ ‬إيجاد‭ ‬حلول‭ ‬فيزيائية‭ ‬تجعلنا‭ ‬ننقل‭ ‬البيانات‭ ‬بسرعة‭ ‬الضوء،‭ ‬وهي‭ ‬خطوة‭ ‬كانت‭ ‬تمثل‭ ‬حلما‭ ‬للعلماء‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬السبعينيات،‭ ‬وبدأت‭ ‬لتنفيذها‭ ‬تجارب‭ ‬كثيرة‭ ‬لكنها‭ ‬لما‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬شيء،‭ ‬أو‭ ‬لم‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬إلهام‭ ‬فضالي،‭ ‬لتحقق‭ ‬ببساطة‭ ‬مدهشة‭ ‬هذا‭ ‬الحلم‭ ‬العلمي‭ ‬التاريخي‭.‬

اعتمدت‭ ‬إلهام‭ ‬فضالي‭ ‬في‭ ‬إنجازها‭ ‬المعملي‭ ‬على‭ ‬شيئين‭.. ‬الأول‭ ‬الإطلاع‭ ‬ودراسة‭ ‬التجارب‭ ‬السابقة‭ ‬بدأب‭ ‬وعمق،‭ ‬والثاني،‭ ‬التحلي‭ ‬بطموح‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬النظري‭ ‬داخل‭ ‬المعمل‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬أساتذتها،‭ ‬ووضع‭ ‬هدف‭ ‬محدد‭ ‬نصب‭ ‬عينيها‭ ‬لتحقيقه‭ ‬وإن‭ ‬أشارت‭ ‬الدراسات‭ ‬والتجارب‭ ‬السابقة‭ ‬إلى‭ ‬صعوبته‭ ‬البالغة‭.‬

اعتمدت‭ ‬إلهام‭ ‬فضالي‭ ‬في‭ ‬أطروحتها‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬البيانات‭ ‬تنقل‭ ‬عبر‭ ‬الأجهزة‭ ‬الالكترونية‭ ‬وكلها‭ ‬مصنوعة‭ ‬من‭ ‬السليكون،‭ ‬وهي‭ ‬مادة‭ ‬ضوءها‭ ‬ضعيف،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬نقل‭ ‬البيانات‭ ‬بطيئا‭ ‬بدوره،‭ ‬لكن‭ ‬تغيير‭ ‬أو‭ ‬إعادة‭ ‬ترتيب‭ ‬ذرات‭ ‬السيلكا‭ ‬سيغير‭ ‬من‭ ‬خواصها،‭ ‬ويمنحها‭ ‬قدرة‭ ‬أكبر‭ ‬وقوة‭ ‬ضوئية‭ ‬أعلى،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬عملية‭ ‬نقل‭ ‬البيانات‭ ‬ستتم‭ ‬بسرعة‭ ‬الضوء‭ ‬كما‭ ‬أرادت‭ ‬الباحثة‭ ‬المدهشة‭. ‬

وهكذا‭ ‬قامت‭ ‬إلهام‭ ‬فضالي‭ ‬التي‭ ‬تكمل‭ ‬عامها‭ ‬الثلاثين‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬2021،‭ ‬بتقديم‭ ‬فرضيتها‭ ‬البحثية‭ ‬لتحصل‭ ‬بعد‭ ‬نشر‭ ‬بحثها‭ ‬على‭ ‬جائزة‭ ‬أحسن‭ ‬بحث‭ ‬في‭ ‬الفيزياء‭ ‬التطبيقية‭ ‬لعام‭ ‬2020،‭ ‬وتنتبه‭ ‬لها‭ ‬الدوائر‭ ‬العلمية‭ ‬والأكاديمية‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬رغم‭ ‬انصباب‭ ‬اهتمام‭ ‬وجهد‭ ‬هذه‭ ‬الدوائر‭ ‬على‭ ‬مجابهة‭ ‬وباء‭ ‬كورونا،‭ ‬ورغم‭ ‬انشغال‭ ‬كل‭ ‬الجامعات‭ ‬بالبحث‭ ‬عن‭ ‬لقاح‭ ‬ضد‭ ‬الفيروس‭ ‬الذي‭ ‬راح‭ ‬يحصد‭ ‬الأرواح‭ ‬بالملايين‭ ‬من‭ ‬بلد‭ ‬إلى‭ ‬بلد،‭ ‬ومن‭ ‬قارة‭ ‬إلى‭ ‬أخرى،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬قدمته‭ ‬إلهام‭ ‬فضالي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬بعيدا‭ ‬في‭ ‬أهميته‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الجهود،‭ ‬فالعلوم‭ ‬تتضافر،‭ ‬والانجازات‭ ‬البحثية‭ ‬تقوم‭ ‬بعضها‭ ‬على‭ ‬بعض،‭ ‬والنجاح‭ ‬في‭ ‬نقل‭ ‬البيانات‭ ‬الهائلة‭ ‬بسرعة‭ ‬الضوء،‭ ‬معناه‭ ‬استراتيجيا‭ ‬وعلى‭ ‬المدى‭ ‬الطويل،‭ ‬تسريع‭ ‬عمليات‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬وجهود‭ ‬مكافحة‭ ‬الأوبئة‭ ‬والأمراض،‭ ‬فالأبحاث‭ ‬عن‭ ‬الفيروسات‭وعلاجاتها‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬بيانات،‭ ‬وكلما‭ ‬كانت‭ ‬الأخيرة‭ ‬أسرع‭ ‬في‭ ‬انتقالها،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬يوفر‭ ‬الوقت‭ ‬والجهد‭ ‬والطاقة‭ ‬المستهلكة‭ ‬أيضا،‭ ‬ويدعم‭ ‬جهود‭ ‬العلماء‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬تبادل‭ ‬المعلومات‭ ‬والأبحاث‭ ‬والفرضيات‭ ‬والتجارب‭.. ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬الآن‭ ‬يسير‭ ‬وحده،‭ ‬أو‭ ‬يتحقق‭ ‬وحده‭.‬

 

لذلك،‭ ‬أصبحت‭ ‬إلهام‭ ‬فضالي‭ ‬الباحثة‭ ‬المصري‭ ‬ابنة‭ ‬محافظة‭ ‬بني‭ ‬سويف،‭ ‬محط‭ ‬اهتمام‭ ‬العلماء،‭ ‬واستحقت‭ ‬لقبها‭.. ‬الباحة‭ ‬المدهشة‭.‬