بينى وبينك

ألف حكاية وحكاية

زينب عفيفى
زينب عفيفى

شهر زاد من أكثر الشخصيات الأسطورية المثيرة للجدل والسحر والخيال، منذ طالعتنا فى حكايات ألف ليلة وليلة، امرأة ذكية استطاعت أن تنقذ بنات جنسها من سيف «مسرور» الذى يأمره سيده «شهريار» كل ليلة بقطع رقاب النساء انتقاما من زوجته التى خانته مع أحد عبيده أثناء غيابه فى رحلة سفر. شهر زاد لم تبهر الملك شهريار بجمالها وإنما بهرته بالحكاية.
ارتبطت «شهر زاد» فى الأذهان بشهر رمضان فى مسلسلات إذاعية أثارت الخيال وخطفت الآذان، كانت الاسر المصرية تلتف كل ليلة حول المذياع على مدى ثلاثين يوما متصلة بشغف لسماع الحكاية، بمجرد أن تنطق جملتها الشهيرة بلغنى أيها الملك السعيد ذو الرأى الرشيد حتى صياح الديك، وإدراك الصباح فتسكت عن الكلام المباح. وحينما تحولت إلى مسلسل تليفزيونى جذبت عين المشاهد وأفسدت خيال المستمع، ثم اختفت من الإذاعة والتليفزيون فى ظروف غامضة وافتقد شهر رمضان علامة من علاماته المميزة، ولا أحد يعرف أين ذهبت شهر زاد بحكاياتها؟ هل جفت الأفكار أم فقد الخيال روعته؟، وبقيت فى المسرحيات والروايات والموسيقى العالمية، كمسرحية توفيق الحكيم الذى تناول حكاية شهر زاد بمفهوم فكرى وفلسفى غير اعتيادى مثل الذى حملته القصة الواردة فى كتاب ألف ليلة وليلة، حيث بدأت المسرحية من حيث انتهت الحكايات مجسدا للصراع الدائر بين العقل والقلب، الذى انتصرت فيه شهر زاد ليس بجمالها وإنما بفكرها وعقلها وجاذبية سردها للحكايات التى أثارت عقل شهريار.. وحولته من شخص منتقم من الجسد إلى شخص عاشق للمعرفة؛ وأدت به إلى الارتحال والبحث عن الحقيقة. يقول الحكيم على لسان بطله: «لقد استمتعتُ بكل شيء، وزهدتُ فى كل شيء».. «شبعتُ من الأجساد، شبعت من الأجساد، لا أريد أن أشعر، أريد أن أعرف...» هكذا فعلت شهر زاد بكل من اقترب منها وأحبها.