إنها مصر

عبدالناصر والسادات والإخوان !

كرم جبر
كرم جبر

فى أوائل السبعينيات بدأت سيطرة الإخوان على جامعة أسيوط، تحت شعار تطهيرها من الناصريين والشيوعيين، ونجح شباب الإخوان فى إحكام الحصار على الجامعة، وكانت تلك هى النشأة الأولى للجماعة الإسلامية التى لعبت دور الجناح العسكرى للاخوان، وقامت بعمليات الشغب والاغتيالات.
خطوة خطوة اتسعت دوائر السيطرة لتشمل مواجهة ما أسموه «المنكر»، باللسان والموعظة الحسنة، ثم الشوم والعصى والخناجر والجنازير، وغضت الدولة الطرف، واعتبرتهم مخالبها وأنيابها فى مواجهة الشيوعيين والناصريين ألد أعداء الرئيس السادات فى ذلك الوقت.
وبدأ الصدام العنيف يخرج من أسوار الجامعة إلى الشوارع، فى مظاهرات إخوانية حاشدة، تهاجم السادات الذى أخرجهم من السجون، لقبوله استضافة شاه إيران محمد رضا بهلوى، الذى تنكرت له كل دول العالم إثر اندلاع الثورة الإيرانية،ورفضت نزول طائرته فى أراضيها، بعد هروبه من إيران، وتخلت عنه حليفته الكبرى أمريكا، وتركته يهيم وأسرته بطائرته فى الجو، وكان الشاه الحليف الاستراتيجى لإسرائيل، ولكن السادات كان متعاطفا معه ووطد صداقته معه فور توليه الحكم.
ومن هجوم الإخوان على الشاه إلى الهجوم على السادات نفسه بعد كامب ديفيد، وإشعال الفتن الطائفية وأضخمها الزاوية الحمراء واستهدافه شخصيا، واكتشف السادات أنه كان «غلطان» وقال ذلك فى خطاب علنى، شن فيه هجوما غير مسبوق على الإخوان، وحملهم مسئولية كل المؤامرات التى تحاك ضد مصر، ولكن بعد فوات الأوان وانتهت العلاقة بالدم والرصاص فى المنصة.
لم يترك الإخوان خرم إبرة فى السبعينيات إلا وحاولوا النفاذ لقلب الوطن، وقسموا أنفسهم إلى ثلاثة أجنحة رئيسية : الجناح السياسى من كوادرهم الذين خرجوا من السجون، وكانوا يتولون الدعوة والأنشطة السياسية.. والجناح المالى للإنفاق على أعضاء الجماعة وأنشطتها.. والجناح العسكرى وتمثله الجماعة الإسلامية، للقيام بالمظاهرات وأعمال العنف وتأديب الخصوم.
الفرق بين السادات وعبد الناصر أن الأخير كان بالغ الحسم فى مواجهة مؤامرات الإخوان، ووجه لهم ضربات متتالية قصمت ظهرهم، وصار عداء تاريخيا، ورغم ذلك تورطت قيادات ناصرية فى التحالف معهم بعد 25 يناير 2011 فى أفدح صور الانتهازية السياسية، على حساب أمن البلاد واستقرارها ومستقبلها، أما الرئيس السادات فقد تصور أنه يمكن احتواؤهم، وأدرك فى النهاية أنهم مثل الثعبان الذى ينام فى أحضان فريسته.
الدرس المستفاد : انتبه للذئاب حتى " لو " ارتدوا ثياب الواعظين، " ناس طيبين ما نجربهم "!.. وجربناهم وكادوا يلتهمون الوطن.