فى الصميم

فى «هوجة» الإعلانات .. الكل خاسر!!

جلال عارف
جلال عارف

البداية فى عالم الإعلانات التليفزيونية عندنا كانت متواضعة، وتطورت ببطء قبل أن ينفجر الطوفان الإعلانى الحالى ويجتاح الشاشة الصغيرة.
وكان دخول الموسيقى والغناء ثم الاستعراض بعد ذلك إلى عالم الإعلانات تطورات هامة لكنها بقيت فى حدود المعقول لفترة طويلة. كانت إضافة كبيرة حين قدم المطرب الجميل الراحل عبدالعزيز محمود فى مرحلة متأخرة من عمره الفنى الإعلان الغنائى «أنا الميلامين» ليصبح على كل لسان.. ليتبعه الكثيرون ولكن مع بقاء الإعلانات فى مكانها بين الفقرات التليفزيونية الأساسية دون أن تقتحمها.
وقد ظلت القواعد تراعى لسنوات عديدة قبل أن يصبح الإعلان هو سيد الموقف وصاحب القرار. وحتى بعد أن بدأت هجمة الإعلانات لاقتحام الدراما التليفزيونية، ظل النجوم الكبار بعيداً عنها. وظل الاعتماد على وجوه جديدة تشارك فى الإعلانات على أمل لفت الأنظار إليها لتنتقل إلى عالم الفن وتملأ الشاشات الكبيرة والصغيرة. وظل النجوم الكبار يدركون أن الدخول إلى عالم الإعلانات ينبغى أن يكون بحذر وظل ذلك مرتبطا بأحد أمرين: إما أن الفنان الكبير قد بدأت الأضواء تبتعد عنه، وإما أنه فى أزمة مالية طاحنة قد تسعفه فيها أموال الإعلانات!!
الآن وبعد أن تغيرت قواعد اللعبة يبدو المشهد مؤسفا لدرجة كبيرة.. ليس فقط لأن مشاهدة مسلسل تليفزيونى قد أصبحت عملية تعذيب تضرب كل قواعد بث الإعلانات على الشاشة الصغيرة، ولكن أيضا لأن ما نراه يجسد أحد الملامح الأساسية لأزمة طاحنة تضرب السينما المصرية وتمتد إلى الدراما التليفزيونية. ولأننا نشهد بقصد أو بدون قصد - عملية «إحراق» واسعة لنجومنا فى «محرقة الإعلانات»!!
الكل خاسر فى هذه «المعمعة».. النجوم الذين يستفزون المشاهد بحرمانه من مشاهدة مسلسل يعجبه بطريقة إنسانية(!!) والقنوات التليفزيونية التى تفقد ما تبقى لها من متابعين(!!) والدراما التليفزيونية نفسها التى أصبحت تقاس برضا المعلنين وتصنع على مقاسهم(!!)
والمعلن نفسه الذى يدفع الملايين ليتلقى اللعنات من المشاهدين الغلابة الذين تطاردهم هوجة الإعلانات بلا رحمة فى ليالى رمضان.
الكل خاسر.. لكن اللعبة مستمرة فيما يبدو وحتى آخر مشاهد يصمد أمام شاشات التليفزيون التى غرقت فى طوفان الإعلانات!!