دمره داعش وصعد البغدادى على منبره.. إعادة الحياة لـ«جامع النورى» بأيادي مصرية

 تصميمات الفريق المصرى لإعادة إحياء «جامع النورى»
تصميمات الفريق المصرى لإعادة إحياء «جامع النورى»

تحارب مصر الإرهاب، بكل الطرق الممكنة ووضعت مواجهة هذه الأفكار الخبيثة قضية استراتيجية لها، ليس فقط داخل حدودها بل امتدت حربها ضد الإرهاب فى كافة المحافل الدولية، وتقديم يد المساعدة للدول التى تعانى هذا المرض السرطانى الذى ينهش الأوطان، خاصة الدول الشقيقة مثل العراق الذى عانى كثيراً، فى مواجهة تنظيم داعش الإرهابى.. مواجهة الإرهاب الذى تبنته مصر ليس فقط عسكرياً، وانما فكرياً وتنموياً، حيث أعلنت منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة فى ثالث أيام رمضان  فوز مجموعة مكونة من 8 مهندسين معماريين مصريين فى مسابقة لإعادة بناء جامع النورى الكبير فى الموصل بالعراق، بعد 4 سنوات من تدميره على يد مسلحى تنظيم داعش.

إعادة البناء جزء من مشروع الأمم المتحدة لـ«إحياء روح الموصل»، واختيار الفريق المصرى والذى يضم د. صلاح الدين هريدى على رأسه، ويشارك فيه د. خالد فريد الديب ود.شريف فرج والمهندسون طارق على محمد  ونهى منصور ريان  وهاجر عبد الغنى جاد ومحمود سعد جمال ويسرا محمد البحة، وفوز تصميمهم الذى يحمل اسم «حوار الأروقة» من بين ١٢٣ تصميما شاركت فى مسابقة نظمتها اليونسكو التابعة للأمم المتحدة للفوز بالمشروع.

جامع النورى الكبير المسجد الذى شهد الظهور العلنى الوحيد لزعيم تنظيم داعش أبى بكر البغدادى، ليخطب من فوق منبره معلنا قيام دولة الخلافة المزعومة فى هذا المسجد الذى يعود تاريخه إلى القرن ١٢.

وحكى د.شريف فرج ان التصميم والعمل عليه لم يكن سهلا فشهدت كواليس تنفيذه الكثير من الشد والجذب حتى تم التوصل للشكل النهائى الذى أعلنت اليونسكو عن فوزه، وتقدم هو وزملاؤه للمسابقة فى شهر ديسمبر ومنذ أيام قليلة وتحديدا فى ثالث ايام شهر رمضان تم الإعلان عن فوزهم.

وتهدف المجموعة إلى إيصال رسالة من خلال تصميمهم وهى اننا شعوب منهكة بالحروب والصراعات جزء مهم من التفكير الخاص بهم هو كيفية التعامل مع مناطق تعرضت للحروب والصراعات ونتج عنها آثار الدمار مادى ونفسى وبالتالى يؤثر ذلك على عدة تأثيرات اجتماعية وثقافية على البشر،وهذه كانت نقطة مهمة فكان هدفهم اعادة صياغة المسجد بشكل جديد مع الاحتفاظ بالصورة البصرية التى كانت متواجدة لدى أهل العراق،ورغم ان فكرة اعادة المكان لنفس شكله قبل ان يتم قصفه من تنظيم داعش يبدو سهلا الا ان الصعوبة تكمن فى البحث عن الإضافة التى لابد ان يتم تقديمها مع إعادة إحياء المسجد.

الفريق المصرى لم ينظر للمشروع باعتباره احياء لمسجد يقتصر على العبادة،بل كانوا ينظرون للمشروع بنظرة أشمل للعبادة وكيف ان الأمر لا يقتصر على صلاة او نسك دينية تؤدى فقط بل العبادة بمنظورها الأوسع والأكبر وليكون المكان رحبا لكل هذه الأنشطة والتعددية فى ساحة واحدة .

وعن أهمية المسجد قال د.شريف فرج ان أصول جامع النورى الكبير فى الموصل بالعراق ترجع للقرن ال١٢ وله عمق تاريخى وهو من العلامات المميزة للمدينة، فالجامع كمكان وتاريخ له قيمة كبيرة جدا وهو ما حرص الفريق المصرى على الحفاظ عليه ووضعه فى المنظور الذى قام التصميم الخاص بهم عليه،والمسجد القديم كان تم هدمه والمسجد الذى كان قائما تم تجديده فى القرن العشرين قبل ان يقوم التنظيم الإرهابى بتدميره عام ٢٠١٧ والمشروع هدفه إعادة إحياء لهذه الصفحات التاريخية العظيمة.

والخطوات القادمة هى تأصيل الدراسات حول المشروع والتعاقد على المشروع وتنفيذه والبدء فى الخطوات الهندسية وكيفية تحريكها وهو ما يحتاج لمزيد من الدراسة والتحليل حتى يرى المشروع النور ويكون رسالة.. وهدية مؤثرة من مصر للعراق،وبالطبع سيكون الدور المصرى تصميما وإشرافا على المشروع الذى تم طرحه واعلنت منظمة اليونسكو عن فوزه والاستعانة بأهل العراق فى التنفيذ .

ويعود إنشاء جامع النورى الكبير فى الموصل إلى القرن ١٢ وتحديدا عام ١١٧٢، حيث أمر القائد المسلم نورالدين محمود زنكى السلجوقى التركى حاكم حلب والموصل وقتها ببناء المسجد الذى أطلق عليه أيضا الجامع الكبير، وقد اكتمل بناؤه بين عامى ١١٧٢ و١١٧٣م، ومن هنا جاءت تسمية جامع النورى نسبة إلى القائد نورالدين محمود زنكى الذى قاد عملية توحيد قوات المسلمين فى مواجهة القوات الصليبية، وفى العصر الحديث تعرض الجامع الأثرى للتفجير فى معركة بدأت مع تنظيم داعش الإرهابى واستمرت نحو ٩ أشهر لتترك المدينة بعدها عبارة عن أنقاض فضلا عن مقتل آلاف المدنيين، لكن كان الحدث المحزن فى يوم ٢١ يونيو ٢٠١٧ وتحديدا فى الساعة العاشرة عندما دمر تنظيم داعش المسجد النورى الذى يعود تاريخه إلى نحو ٨٠٠ عام.