عرض كتاب| «بساتين البصرة» أم حديقة الشخصيات؟

منصورة عز الدين
منصورة عز الدين

أصدرت الأديبة منصورة عز الدين رواية "بساتين البصرة"، والتي بمجرد قرائتها سيطفوا برأسك مجموعة من الأسئلة حول الشخصيات وتطورها.

هل قصة حياتي حدثت بالفعل أم مجرد رواية خيالية؟، هل أنا حياتي حقيقية أم افتراضية؟، هل أنا أعيش حياة شخص آخر؟، ومن هو؟، كل تلك الأسئلة تثيرها هذه الرواية.

اقرأ أيضًا: بروفايل| صاحبة بساتين البصرة.. مصرية مرشحة للقائمة القصيرة للبوكر

واستطاعت الرواية "بساتين البصرة"  الوصول إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر للرواية العربية العالمية.

وتحكي عن هشام خطاب تاجر الكتب القديمة، ويعيش في المنيا، وترتبط ذكرياته وأحلامه بشخص اسمه يزيد بن أبيه من أهالي مدينة البصرة بالعراق ويعد أحد تلاميذ الإمام الحسن البصري، وشاهد على تأسيس مذهب المعتزلة ويحس هشام بأنه كان يزيد بن أبيه في العصر القديم، وتنقسم الرواية إلى قسمين: قصة هشام وقصة يزيد، واستخدمت منصورة تقنية تعدد الأصوات في فصول الرواية.

وفي الرواية الأمر ليس قاصرًا على هشام فقط، فكثير من شخصيات الرواية يشعرون بأنهم أشخاص أخرى، ويرغبون في تجسيدها مثل والد هشام حيث كان يتبع رواة السيرة الهلالية في كل مكان، كأنه يبحث عن إجابة سؤال من هي شخصيته في عالم أبو زيد الهلالي؟، ويكون سؤالنا لماذا يلجأ الإنسان أن يصير شخص آخر؟

ربما الإجابة موجودة في حكاية هشام الذي يعيش في المنيا ويتمنى أن يكون صيدلي لكن مجموعة لم يساعده في تحقيق أمنيته، ويلتحق بكلية علوم قسم جيولوجيا رغم أن كانت رغبته أن ينضم إلى قسم الكيمياء، ولكن والدته رافضه تلك الرغبة حيث ترى بوجود فرص متعددة في مجال الجيولوجيا.

وكانت النتيجة أن هشام وجد نفسه غير منتمى لهذا العالم، وأندمج أكثر مع الكتب التراثية،  ويعمل مساعد باحث لكاتب ومفكر، وكان ينسب أفكار واقترحات هشام لنفسه، وبدأ  يتخيل نفسه يزيد بن أبيه فى قديم الزمان.

وتحب شحصيات الرواية  تقمص شخصيات أخرى بهدف إنتاج كم أكبر من الذكريات مثل ميرفت صديقة هشام التى تتنكر فى شكل "بيلا" زوجة الفنان مارك شاجال وأحيانا احدي ممثلات السينما الفرنسية مثل كاترين دينيف، وبعض الناس تلتصق عليهم صفة ويصدقوا من كثرة توصيفه بهم مثل الكاتب والمفكر من كثرة ترديد الأقوال عليه بأنه زنديق، وصدقها شعر بأنه يجب التوبة عبر ممارسته الطقوس الدينية فى حياته اليومية حتى تزول هذه الصفة، وشخصيات أخرى تحن إلى شخوصها القديمة كما كانت فى الماضى لتغير حدث قد قلب مسار حياته مثل والدة هشام تتمنى أن تعود طفلة حتى تغير حدث هروبها مع والده، أحيانا الإنسان حين يشاهد شخص غريب، ويشعر بالخوف منه، وأن يكون مثله فى المستقبل مثل رهبة مجيبة زوجة يزيد بن أبيه من المجاذيب فى فترة طفولتها.

تجعل منصورة القارئ يتسأل هل ممكن أن تكون القصة التى حدثت بالفعل مجرد حكاية خيالية ولم تحدث مثل ما فعلته والدة هشام حينما تعاملت مع فيضان النيل الذي اغرق المدن والقرى منذ سنوات طويلة مجرد حكاية وهمية.

بعض الأدباء حين يكتبون روايات تاريخية يستعينوا بشخصيات متوفر عنها معلومات فى كتب التاريخ والموسوعات، وذلك يجعلهم فى دائرة الإستسهال، بينما منصورة أستطاعت أن تتجاوز هذا الفخ حين قررت تكتب عن يزيد بن أبيه وزوجته مجيبة وصديقه مالك بن النساخ، وتستخدم مخيلتها حتى تصنع شخصيات تاريخية.