أصل الحكاية.. «كهف الچارة» أيقونة الصحراء الغربية ومتحف طبيعي للفنون الصخرية

صورة ارشيفيه
صورة ارشيفيه

يعد كهف الچارة من أروع المواقع الطبيعية والتاريخية في الصحراء الغربية المصرية، يحتضن الكهف مجموعة نادرة من الفنون الصخرية المحفوظة بدقة، والتي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، حيث تصور مشاهد للغزلان والحيوانات البرية.

يتميز الكهف بتشكيلاته الصخرية البلورية التي تشكلت عبر ملايين السنين، ما يضيف إلى سحره. يقع الكهف في منتصف الطريق بين أسيوط وواحة الفرافرة، مما يجعله موقعًا مثاليًا للدراسات الأثرية والتحليل الثقافي للفن الصخري في المنطقة. توفر مغارة جارة نافذة فريدة لفهم حياة الإنسان البدائي في الصحراء الغربية وتأثير البيئة على فنه وثقافته.

 

تحفة طبيعية حيرت العلماء

منذ نحو قرن ونصف، في الرابع والعشرين من ديسمبر عام 1873، وصل المستكشف الألماني جيرهارد رولفز إلى منطقة منعزلة بين الوادي الجديد بالصحراء الغربية وأسيوط. تنقل رولفز على دابته حتى بلغ منطقة الهضبة الإيوسينية، حيث اكتشف بوابة غريبة في باطن الهضبة. بدا المدخل وكأنه مشهد من أفلام الرعب تحت الأرض، حيث تتدلى الرواسب الصخرية كالأنياب، صاعدة وهابطة، مكونة تشكيلات طبيعية مذهلة وفريدة من نوعها. هذا الاكتشاف جعل كهف الجارة لغزًا علميًا شغل اهتمام العلماء والمستكشفين على مدار سنوات طويلة، لما يحويه من جمال طبيعي وتاريخ جيولوجي مثير.

 

أسرار مدفونة تحت الرمال

في مغامرة جريئة، قرر المستكشف الألماني جيرهارد رولفز دخول كهف الجارة، ليوثق لاحقًا في كتاباته عن الصحراء الغربية أنه عثر على عشرات النقوش البشرية داخل الكهف. يبدو أن هذا الكهف كان موطنًا لبعض البشر الأوائل الذين استوطنوا المنطقة أو مروا بها كما فعل هو. استقر رولفز لبعض الوقت بجوار الكهف لاستكشاف طبيعته السحرية، والتي لا تزال مجهولة حتى اليوم، وما زالت تشكل لغزًا محيرًا لعلماء الجيولوجيا. اختفى ذكر الكهف لأكثر من 115 عامًا، حتى اكتشفه العالم كارلو بيرجمان في عام 1989، مما أعاد إحياء الاهتمام بهذه الظاهرة الطبيعية الفريدة.


 أعجوبة طبيعية في أعماق الصحراء الغربية

كهف الجارة هو مجموعة من المغارات التي تقع على عمق يزيد عن 50 مترًا في باطن الأرض في قلب الصحراء الغربية بمصر، بين الواحات البحرية ومحافظة أسيوط، وتحديدًا في منتصف صحراء الفرافرة بالقرب من وادي محرق، على بعد حوالي 7 كيلومترات شرق محمية الصحراء البيضاء باتجاه أسيوط. على مدار الثلاثة عقود الأخيرة، شهد الكهف العديد من الزيارات العلمية من جامعات مصرية وغربية، أبرزها جامعتي عين شمس المصرية، وهلسنكي الفنلندية، وجورجيا الأمريكية، وذلك لأهميته الجيولوجية والأركيولوجية، حيث يمثل أحد المواقع النادرة التي تجمع بين التكوينات الصخرية الفريدة والنقوش البشرية القديمة.

 

العجائب الجيولوجية

كهف الجارة يحتوي على مدخلين رئيسيين يقعان على حافة شديدة الانحدار. المدخل الأول يطل على ركام وبقايا جدار قديم منهار، وتظهر أكوام من الرمال بشكل هرمي على الجانب الأيسر من المدخل الأيسر والجانب الأيمن من المدخل الأيمن. تشكلت هذه المداخل بشكل طبيعي نتيجة ضعف أو كسر في سقف الكهف قبل انهياره. يمتد الكهف لحوالي 70 مترًا ويتسع إلى 35 مترًا، بارتفاع يصل إلى ستة أمتار، على الرغم من أن هذا الحجم غير محدد بدقة نظرًا لأن أرضية الكهف مغطاة برمال غير معروفة المصدر أو السماكة. يقترب سقف الكهف من الأرضية كلما اتجهنا نحو الغرب والجنوب ليصل إلى أقل من مترين فقط. هذا الوصف الفريد يجعل كهف الجارة موقعًا مميزًا للاستكشاف العلمي والجيولوجي.


عالم من الأسرار 

عند دخول الزائر إلى كهف الجارة، والذي يتطلب الانحناء بسبب وجوده في باطن الأرض، سيجد نفسه في غرفة كبيرة تبلغ مساحتها حوالي 1300 متر مربع. هذه الغرفة الكبيرة متصلة بغرفة أصغر عبر ممر ضيق، وتزين جدرانها نقوش إنسان العصر الحجري الحديث. بالإضافة إلى ذلك، تزين الكهف نقوش لبعض الحيوانات مثل النعام والغزلان والوعول بأحجام قرونها المختلفة والدجاج. تم تحديد حوالي 133 رسمة لحيوانات وكائنات كانت تعيش في هذه المنطقة التي تفتقر إلى الحياة حاليًا. هذه النقوش تقدم لمحة عن الحياة القديمة في الصحراء الغربية، مما يجعل الكهف موقعًا غنيًا بالاكتشافات الأثرية والجيولوجية.

 

نقوش تاريخية في عمق الصحراء

بمجرد دخول الزائر إلى كهف الجارة، الذي يتطلب الانحناء بسبب وجوده في باطن الأرض، يجد نفسه في غرفة واسعة تبلغ مساحتها حوالي 1300 متر مربع. هذه الغرفة تتصل بغرفة أصغر عبر ممر ضيق، وتزينها نقوش إنسان العصر الحجري الحديث. تشمل هذه النقوش صورًا لحيوانات مثل النعام والغزلان والوعول بأحجام مختلفة والدجاج. في المجموع، تم تحديد حوالي 133 نقشًا لحيوانات وكائنات كانت تعيش في المنطقة، التي تفتقر إلى الحياة اليوم.

يفسر العلماء هذه الظاهرة بالدورات المناخية التي مرت بها مصر، حيث أدت زيادة الأمطار إلى نمو الأعشاب، مما جذب الحيوانات العاشبة، وبالتبعية، الحيوانات اللاحمة. كان الإنسان في العصر الحجري الحديث، حوالي 7700 سنة قبل الميلاد، أي قبل نحو 10 آلاف عام، يعيش في هذه الكهوف أو يمر بها كرحالة، مستوطنًا فيها لفترات زمنية مختلفة. خلال هذا الوقت، كان كهف الجارة مأوى للإنسان الهارب والحيوانات المفترسة على حد سواء.

 

تاريخ وظهور كهف الجارة

تاريخ بدء نحت كهف الجارة نفسه يعود إلى أكثر من 250 مليون سنة، وتطور على مدى ملايين السنين ليصبح بالشكل الحالي. يُظهر الكهف أدلة على وجود نظام مائي ضخم، سواء كان على السطح أو تحت الأرض، ويتضمن ظواهر طبيعية مثل الرمال والصواعد الصخرية والأعمدة الناتجة عن ترسبات كربونات الكالسيوم من المياه التي كانت موجودة في الكهف.


اقرأ أيضا | تحليق 75 رحلة بالون طائر فى سماء الأقصر خلال عيد الفطر