30 مليار يورو فاتورة تجارة المخدرات سنويًا 

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

خالد عثمان

 ضربات قوية من وزارة الداخلية ضد مافيا وأباطرة «الأستروكس والفودو والفيل الأزرق»، وأشاد خبراء أمنيون بالضربات القوية للأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية في مواجهة أباطرة المخدرات ومحاولة إغراق البلاد خاصة المخدرات الحديثة التخليقية؛ مثل الأستروكس والفودو والإسبايسي والفلاكا والكريستال والفيل الأزرق. 


وأكد الخبراء، أن تلك المخدرات التخليقية انتشرت بصورة رهيبة خاصة الفودو والأستروكس ببعض المناطق الشعبية بزهراء مدينة نصر والحي العاشر وعزبة الهجانة على يد بعض الأفارقة الذين يقومون بتصنيعها، وكذلك مناطق الوايلي والشرابية والزاوية الحمراء وسوهاج والسيدة زينب ومصر القديمة والزيتون، حيث يباع على شكل أكياس تحتوي على 3 مللي من المخدر وتتنوع ألوانه ما بين الأسود والأخضر والأصفر بحسب دولة المنشأ، ويتراوح سعر الكيس الواحد بين 200 إلى 250 جنيهًا.

اقرأ أيضا| البيتكوين «عفريت» العملات.. يسهل غسيل الأموال لدعم الإرهاب والجريمة 
 

وحذَّر الخبراء من تزايد انتشار تلك المخدرات التخليقية والتي لاقت رواجًا شديدًا بين المدمنين بسبب رخص أسعارها مقارنةً ببعض المواد المخدرة الأخري إلا أنها تُهدد بكارثة حقيقية بسبب التحذيرات الطبية من استخدامها بسبب احتوائها على سموم قد تؤدي للوفاة والإقدام على الانتحار، حيث تحتوي على أكثر من 40 مادة كيمائية مثل الأستروكس والفودو والإسبايسي والفلاكا والكريستال والفيل الأزرق والتي انتشرت في الشارع المصري وباتت تُهدد بحصد أرواح الشباب.

وتعود الواقعة عندما وردت معلومات للنقيب أكرم أمية معاون مباحث الزاوية الحمراء بقيام كل من رضا مجدي، ربة منزل، وحسن حسين وإسلام مصطفى باتخاذهم إحدى الشقق السكنية بدائرة القسم وكرًا لتصنيع مخدر الأستروكس.

وبتقنين الإجراءات لاستصدار إذن من النيابة العامة تم استهدافهم، وأسفرت عن ضبطهم وبحوزتهم 3 كيلو من مخدر الأستروكس وكيس تبغ و3 زجاجات تحتوي على سائل الاسيتون وسلاح أبيض وكمية كبيرة من الأكياس البلاستيكية اللازمة للتعبئة ومبلغ مالي وموازين حساسة.


في البداية يؤكد اللواء عبد الله الوتيدي، مساعد أول وزير الداخلية لمكافحة المخدرات الأسبق والخبير الأمني بقوله: إنه ما بين الحاضر والماضي لم تخل المجتمعات من تعاطي المخدرات إلا أنها لم تكن تتعدي التبغ والمشروبات الكحولية والحشيش والأفيون وبعض مشتقاته، مضيفاً أن تاريخ المخدرات في مصر ظهر في عهد الظاهر بيبرس، حيث لاحظ انتشار المخدرات بصورة كبيرة بين الجنود في الجيش، فأمر بجمع الحشيش وحرقه، أما الهيروين بدأ ظهوره مع ظهور الطبقة الراقية إبان الحرب العالمية، حيث طلبت ألمانيا من عملائها صناعة منشط بكميات كبيرة لتحسين أداء الجنود والجيش في الحرب بشكل يمكنهم من هزيمة الأعداء وعرف آنذاك بالكريستال باسم المنشط النازي.


بعدها ظهر كمنشط يتناوله بعض الرياضيين الخارجين على القانون؛ لتعزيز وزيادة نشاطهم إلى أن تم حظره وتداوله عالميًا بعد أبحاث دقيقة أفادت بأنه يدمر الجهاز العصبي، وأشاد اللواء عبد الله الوتيدي بجهود الجهات الرقابية بالدولة ووزارة الداخلية ممثلة في الإدارة العامة لمكافحة المخدرات. 


وتمكنت الإدارة بالتنسيق مع جهاز الأمن الوطني ومصلحة الأمن العام من ضبط كمية من الهيروين وزنت 10 كيلو مع سائق مقيم بمركز القنطرة، وكذلك ضبط عاطل بحوزته 4 كيلو هيدرو و3 كيلو هيروين وكمية من الآيس وزنت نصف كيلو وكمية كبيرة من أقراص الكبتاجون.

وكذلك نجاح الرقابة الإدارية في ضبط 2 كيلو من مخدر الآيس واردة من دولة تركيا عن طريق البريد السريع وبعد التنسيق واستصدار إذن النيابة تم ضبطه.

وأشاد الوتيدي بالإجراءات التي اتخذتها وزارة الصحة بإدراج 5 أنواع من الملح ومستحضرات ومركبات جديدة تدخل في تصنيع مخدر الأستروكس على جدول المخدرات، حفاظًا على الصحة العامة للمواطنين، وذلك بناءً على توصيات اللجنة الثلاثية المشكلة من وزارات العدل والصحة والداخلية بإدراج تلك المواد إلى القسم الثاني من الجدول الأول الملحق بالقانون رقم 182 لسنة 1960 بشأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها. 

وأكد اللواء عبد الله الوتيدي، أن الفودو يأتي في قائمة المخدرات التي انتشرت بشكل كبير بين فئة كبيرة من الشباب ويعتبر الأحدث والأخطر في سوق السموم العشبية، مشيرًا إلى أن تسمية المخدر بهذا الاسم إلى معتقد الفودو والذي يمارس في الكثير من الدول الأفريقية ومنطقة الكاريبي وذلك وفقاً للمعتقد السائد، حيث يقوم اتباع الفودو بغرس دبابيس في دمى تمثل أعداءهم ويحرقونهم على أمل أن تصيبهم اللعنة ومن هنا جاء اسم الفودو أو التعويذة.

ويطالب الوتيدي بضرورة وزيادة وتنشيط إجراءات البحث في الأسواق لرصد المعروض والتنسيق مع وزارة الصحة لتحديد نسبة المخدر بها وإدراجها بقانون بالبرلمان لتحديد خطورتها وتنفيذ القانون، حيث إنها محرمة شرعًا في جميع الأديان السماوية.

ومن جانبه يوضح أيمن محفوظ، محامٍ، أنه دوماً ما تري مصر الخطورة الإجرامية لجميع الظواهر السلبية وتتصدي لها، ولذلك فإن مصر تعد من أوائل الدول التي تصدت للظاهرة انتشارالمخدرات التخليقية التي تعتمد على مصادر كميائية مُخلقة أو مصنعة مثل مخدر الأستروكس أو الفودو ذلك المخدر الذي يُؤثر بشكل غير تقليدي علي الإدراك ويؤثر علي الحالة النفسية ويجعل من المدمن شخصًا غير مؤهل للحياة وسط البشر الطبيعيين فيحوله هذا المخدر إلى زومبي بالمعني الحرفي للكلمة فيكون مغيبًا تمامًا عن الوعي بشكل يجعل منه مجرمًا بلا رحمة ولا إدارك، فتنتشر معدلات الجرائم التقليدية مثل جرائم السرقة والعنف، وكذلك الجرائم غير المتصورة من حيث المنطق مثل زنا المحارم وهتك العرض للأطفال، وأهم أسباب انتشار مثل تلك الجرائم، ورغم أن الأستروكس والفودو والأيس وغيرها من المخدرات التخليقية عمومًا أنها مخدرات سهلة التخليق من مكونات نستخدمها في حياتنا بشكل طبيعي مثل المبيدات الحشرية والنباتات الطبيعية، وكذلك من أهم الأسباب للانتشارها هو رخص قيمة مكوناتها وسهولة الحصول عليها، وكذلك المكسب الخرافي الذى ينشأ عن تلك التجارة الحرام من هذا المخدر الرهيب في تأثيره علي المدمنين، ولعل الحرب التي تشنها قوى معادية تعمل على انهيار أغلى ما تملك مصر ألا وهو شبابها بالطبع، ونعتبر من أهم العوامل التي تسهم في انتشار هذا المخدر الفتاك.

وقال محفوظ، إن القانون رغب في إنهاء تلك الظاهرة المدمرة للشباب من خلال تعطيل قانون المخدرات، فوضع عقوبات قاسية جدًا تصل للإعدام في التعديل الأخير لقانون المخدرات، حيث  يُعاقب بالإعدام كل من جلب أو صنَّع أي مواد مخدرة تخليقية ذات أثر تخديرى أو ضار بالعقل أو الجسد أو الحالة النفسية والعصبية، وتكون العقوبة السجن المؤبد والغرامة التى لا تقل عن 100 ألف ولا تزيد على 500 ألف جنيه كل من حاز أو أحرز بقصد الإتجار الجواهر المشار إليها، وبتحديد الضوابط والمعايير المتعلقة بتحديد الجواهر التخليقية المنصوص عليها سلفاً، أو حيازة مواد لصناعة تلك المخدرات.


ولفت دكتور سيد قاسم، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، إلى أن مشكلة تعاطي المخدرات تُعد آفةً اجتماعيةً كبرى تُغذي العنف والجريمة والمشكلات الأسرية حول العالم، فهذه مشكلة واحدة من أخطر المشكلات النفسية والاجتماعية التي تواجه العالم كله بمختلف مجتمعاته العربية والغربية.


وقال قاسم، إن هناك كثيرًا من الدلائل المتعددة التي تكشف مدى خطورتها وتسببها فى ارتكاب جرائم كالسرقة والقتل والاغتصاب والنزاع الأسري، فلا يوجد أدنى شك أن جميع الجرائم المنظمة تتشابك مصالحها مع بعضها، فحيثما تواجدت تجارة المخدرات، فغالبًا ما تكون هناك تجارة أسلحة وجرائم فيها عنف وقتل.

وأكد عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، أن الاتجار بالمخدرات يمول الجريمة المنظمة بمبالغ مالية تصل قيمتها إلى 30 مليار يورو سنويًا، والاتجار غير المشروع بالمخدرات هو أكبر سوق للمنظمات الإجرامية على المستوى العالمي، فحسب الإحصائيات فقد يتعدى عدد متعاطي المخدرات 269 مليون متعاطٍ على مستوى العالم.