تقارير تؤكد حدوث انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان بإقليم تيجراى

الحكومة الإثيوبية تنفى استهداف المدنيين خلال عملياتها العسكرية فى تيجراى
الحكومة الإثيوبية تنفى استهداف المدنيين خلال عملياتها العسكرية فى تيجراى

على الرغم من مرور أربعة أشهر على بداية الحرب فى إقليم تيجراى فإن الأزمة الإنسانية مستمرة إلى الآن، ومازال القتال العنيف يتواصل بين القوات الإثيوبية والقوات المتحالفة معها والذين يدعمون زعماء تيجراى الهاربين، ويتزايد القلق بشأن مصير سكان تيجراى البالغ عددهم 6 ملايين نسمة.. ولا أحد يعرف عدد الآلاف من المدنيين الذين قتلوا.

وحذرت الحكومة الإثيوبية عدة مرات المجتمع الدولى من التدخل فى تعاملها مع الحرب فى تيجراى، مدعية أنها مسألة داخلية فقط، لكن ليست هذه هى المسألة بالفعل فهناك دعاوى بمشاركة دول أخرى فى الحرب التى يشهدها الإقليم.

قبل أيام ذكرت لجنة حقوق الإنسان فى إثيوبيا أن "المعلومات التى تم جمعها خلال التحقيق الأولى تؤكد أنه خلال يومى 28 و29 نوفمبر تم ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان فى مدينة أكسوم.. أكثر من 100 من السكان قتلوا على أيدى الجنود الإريتريين".. جاءت نتائج التحقيق الذى اجرته اللجنة، وهى هيئة حكومية لكنّها مستقلّة، لتؤكد تحقيقات منفصلة أجرتها منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش فى نفس وقائع القتل فى مدينة اكسوم التاريخية.

ويأتى التقرير الأخير بعد إقرار رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد بوجود قوات من إريتريا المجاورة فى منطقة تيجراى، مشيرا إلى احتمال تورّطها فى انتهاكات بحق المدنيين.. وجاء ذلك بعد شهور من إنكار أديس أبابا وأسمرة ضلوع القوات الاريترية فى الصراع،. وأرسلت لجنة حقوق الإنسان فى إثيوبيا بعثة تقصى حقائق إلى بلدة أكسوم، فى بداية مارس بعد محاولات سابقة.

وتحدثت اللجنة الحقوقية لعشرات من شهود العيان الذين أفادوا أنّ القوات الإريترية أطلقت الرصاص على مدنيين غير مسلحين وعلى من حاول انتشال جثثهم. وأنّ الجثث تركت فى الشوارع لأيام، حتى إن حيوانات مزقت أوصال بعضها.. واتهم التقرير عناصر القوات الإثيوبية والإريترية بسلب ونهب المستشفيات ما تسبب فى عرقلة عملية العلاج ونقص فى الأدوية ما أسفر عن وفاة عدد من الجرحى.

وأدان الاتحاد الأوروبى، بأشد العبارات، الجرائم المرتكبة ضد المدنيين، داعياً إلى تقديم مرتكبيها سريعاً للعدالة ووقف الأعمال العدائية فوراً والسماح لجميع الجهات الفاعلة الإنسانية ووسائل الإعلام بالوصول الكامل وغير المقيد إلى منطقة تيجراى بأكملها.

وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، فى نهاية فبراير الماضى، عن تقرير سرى للحكومة الأمريكية، يكشف فظائع وانتهاكات ارتكبها المسئولون الإثيوبيون ومقاتلو الميليشيات المتحالفة معهم، فى إقليم تيجراى.

وذكر التقرير أن هناك حملة منهجية للتطهير العرقى فى تيجراى. ويوثق التقرير أن المقاتلين والمسئولين من منطقة أمهرة المجاورة فى إثيوبيا الذين دخلوا تيجراى لدعم آبى أحمد، وأن قرى بأكملها تضررت بشدة أو تم محوها بالكامل.

وخلال شهادته أمام لجنة الشئون الخارجية بمجلس النواب، أدان وزير الخارجية الأمريكية أنتونى بلينكن، ما وصفه "بممارسات تطهير عرقى" فى منطقة تيجراى. وشدد على ضرورة انسحاب القوات الإريترية من الإقليم.

ووفقًا لتقارير مختلفة على وسائل التواصل الاجتماعى، فقد انتشرت مزاعم بأن هناك دولتين قد تورطتا فى المعارك التى دارت بمنطقة تيجراى شمالى إثيوبيا هما إريتريا والصومال.

وأفادت تقارير عن وجود جنود صوماليين فى إريتريا بهدف تلقى تدريب عسكرى وإرسالهم للقتال فى تيجراى، وأن طلائع تلك القوات قد قامت بجولاتها الأولى فى يناير من هذا العام فى الإقليم.

وكان عدد من الأمهات والأسر فى الصومال نظمن احتجاجات، وطالبن بالحصول على معلومات عن أبنائهن.. وقال عبدالرحمن عبدالشكور أحد المرشحين للرئاسة بالصومال لوكالة أسوشيتد برس فى ذلك الوقت: "نُقل هؤلاء الأولاد إلى الحرب فى شمال إثيوبيا". ولكن عثمان أبوكور وزير الإعلام الصومالى نفى أن يكون الجنود الصوماليون الذين كانوا خارج البلاد فى مهام تدريبية متورطين فى نزاع تيجراى.

وأصدرت إثيوبيا بيانًا مشابهًا نفت فيه التقارير التى تزعم وجود قوات صومالية فى تيجراى.. ويحذر منسق الشئون الإنسانية بالأمم المتحدة مارك لوكوك من حدوث "حملة دمار"، قائلاً إن 4.5 مليون شخص على الأقل بحاجة إلى المساعدة.

ومازالت التقارير الدولية تتوالى منذ اندلاع الصراع فى إقليم تيجراى الإثيوبى فى أوائل نوفمبر، والتى تؤكد حدوث تطهير عرقى وإبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية من قبل القوات الإثيوبية بحق السكان المدنيين بالإقليم، منذ شن رئيس الوزراء الإثيوبى، آبى أحمد، هجومًا للإطاحة بالحزب الحاكم فى المنطقة.

وتسبب الصراع الذى دخل شهره الخامس فى فرار عشرات الآلاف إلى السودان المجاور فضلاً عن نزوح آخرين لأقاليم إثيوبية أخرى هربًا من الحرب.

وأصدرت الأمم المتحدة تقريرًا قبل أيام، أكدت فيه أن منطقة تيجراى وولايتى عفار وأمهرة المجاورتين شهدتا نزوح أكثر من 200 ألف شخص بسبب الصراع الذى شهدته المنطقة.

وقالت المنظمة الدولية للهجرة إن هذا الرقم لا يمثل العدد الإجمالى للأشخاص النازحين بسبب النزاع، ولا يشمل الرقم عشرات الآلاف من اللاجئين الذين فروا إلى البلدان المجاورة.

ورغم إعلان "آبى" النصر بعد سيطرة القوات الفيدرالية على ميكيلى عاصمة تيجراى، فى 29 نوفمبر، فإن التقارير الدولية لا تزال تتحدث عن انتهاكات خطيرة لأبناء تيجراى التى حدثت ومازالت تحدث هناك.