عين على الحدث

القوات الأجنبية فى ليبيا !

آمال المغربى
آمال المغربى

فى الوقت الذى تستعيد فيه ليبيا استقرارها بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين الفرقاء الليبيين والتوصل مؤخرا لتشكيل حكومة مؤقتة تقود البلاد نحو تنظيم انتخابات ديمقراطية فى 24 ديسمبر القادم يقف ملف استمرار تواجد قوات أجنبية فى الأراضى الليبية كحجر عثرة امام تحقيق اى تقدم لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية واجراء الانتخابات فى موعدها. حيث تمثل هذه الورقة اختبار لنوايا الدول المتورطة فى الازمة الليبية.
ففى الاسبوع الماضى أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش فى تقرير قدمه لمجلس الأمن عن قلقه العميق إزاء ما قد يعيق جهود إرساء السلام فى ليبيا التى شهدت اضطرابات أمنية عنيفة على مدى 10 سنوات وإزاء التقارير حول استمرار وجود عناصر أجنبية فى سرت ومحيطها ووسط ليبيا.
فرغم ان التقرير كشف عن سحب قوات أجنبية من وسط مدينة سرت وغربها، للمساهمة فى تأمين المدينة وإعادة فتح مطار القرضابية الا ان جوتيريش عبر عن أسفه لأنه لم يتم الإبلاغ عن أى خفض فى عدد القوات الأجنبيّة فى وسط ليبيا.
وكانت الأمم المتحدة قدّرت فى ديسمبر عدد العسكريين والمرتزقة الأجانب فى ليبيا بـ20 ألف مقاتل، ووفقا للمرصد السورى لحقوق الإنسان يوجد فى ليبيا مرتزقة تشاديون وسودانيون عددهم غير معروف بالاضافة إلى ما يقدر بحوالى 10-12 ألف مقاتل سورى نقلتهم تركيا من سوريا إلى طرابلس.. كما يوجد ايضا مرتزقة روس يطلق عليهم قوات فاجنر المعروفة بأنها مقربة من الرئيس الروسى فلاديمير بوتين. ورغم ان الحكومة الروسية تنفى أى علاقة لها بهذه المجموعة، إلا أنها تعتبر إحدى أدوات الحكومة الروسية فى النزاعات التى تطلب إنكار تورطها وهى مملوكة لرجل أعمال يدعى ديميترى أوتكين، ويعتقد أنه كان أحد عناصر جهاز المخابرات العسكرية الروسى، ويقترب عددها من 3 آلاف مقاتل، وتمتلك 15 منظومة دفاع جوى، وتتركز فى منطقة الجفرة ومحيطها.. ورغم وجود تقارير عن ان تركيا اعطت اوامرها بعودة المرتزقة السوريين من طرابلس إلى سوريا وعاد بعضهم بالفعل وفق تفاهمات اقليمية جديدة الا أن قيام أنقرة مؤخرا بتمديد تواجدها العسكرى فى ليبيا لمدة 18 شهراً أخرى لا يعكس نوايا جادة للخروج كما يرى البعض، وينطبق الأمر نفسه على القوات الروسية فالاتفاق الذى تم ابرامه لتحديد فترة بقائها فى ليبيا غير معروف.
ورغم ان مجلس الأمن الدولى وحكومة الوحدة الوطنية الليبية طالبت القوات الأجنبية والمرتزقة بمغادرة ليبيا، فإن الأمر يبدو معقدا ويحتاج لضغط دولى أكبر وإلى فرض عقوبات على الدول التى ترفض خروج القوات التابعة لها وسط تقارير تشير إلى ارتكابهم جرائم حرب وإلى تنفيذ عمليات قذرة من نهب وتنكيل بالمواطنين وقتل وتعذيب.
عدد من الخبراء يرى أن المرتزقة لن يخرجوا من ليبيا حتى تضمن الدول التى جندتهم مصالحها فى المرحلة الانتقالية الجديدة المقبلة، وهو ما يعنى ان مصير التهدئة الحالية سيظل مجهولاً فى وقت يأمل فيه الليبيون والمجتمع الدولى أن تنجح جهود العملية السياسية فى توحيد المؤسسات الليبية وخفض العنف وإنهاء انتشار الجماعات الإرهابية المسلحة.