عاجل

نقطة فى بحر

ضحايا القطار والعقار

محمد درويش
محمد درويش

محمد درويش

قلبى مع أسر ضحايا قطارى سوهاج وعقار تقسيم عمر بن الخطاب بحى السلام أول، أدعو الله أن يرحم الشهداء منهم ويخفف وطأة الإصابة على المجروحين وأن يسبغ صبره وسلوانه على أسرهم.
هذا حال القلب ولكن ماذا عن حال العقل تجاه الحادثين.
فى حادث القطار قال بيان هيئة السكك الحديدية إن القطار توقف بفعل مجهولين قاموا بجذب فرامل الخطر وهنا يتساءل العقل ألم يكن لدى سائق هذا القطار أية فرصة لإبلاغ كل المنوط بهم المسئولية تحسبا لأية مصيبة قد يتسبب فيها توقفه.
والعقل يسأل أيضا هل فرامل الخطر مباحة أمام أعين جميع الركاب يفعل بها ما يشاء حتى لو كان يريد أن يهبط من القطار أمام باب منزله، أم أنها يجب أن تكون بعيدة عن الأيدى ويتم تأمينها من العبث وتوضع تحت مسئولية رئيس القطار ومحصليه.
القلب لم يتحمل مشاهدة جثث الضحايا التى نقلها هواة التصوير أو ضحية مصاب ملقى على الأرض لا حول له ولا قوة ويتنادى الناس بحثا له عن شربة ماء، أما العقل فيتساءل أين حرمة جسد صعدت روحه إلى بارئها، وأين الستر على مصاب سيظل فيديو تصويره على وسائل التواصل بأنواعها إلى الأبد.
وإذا انتقلنا من القطار إلى العقار ربما كان الحادثان وجهين لعملة واحدة. وراءها العنصر البشرى مهما كانت الاستعانة بالمنظومة الاليكترونية فى تسيير القطارات أو الاستعانة بالمنظومة الرقمية فى بناء العقارات.
تعالوا نعترف أنها كانت بالفعل شبه دولة عند ترك الحبل على الغارب لموظفى المحليات وشرذمة من المقاولين عديمى الضمير خرجوا بأبراجهم سواء بدون ترخيص أو بمخالفة الترخيص وجاء إليهم الباحثون عن أربعة جدران يحدوهم الأمل فى الاستقرار، وعندما أفاقت الدولة وقررت شروطا للتصالح على هذه المخالفات لم تضع فى حسبانها تقديم شهادة مرفقة بطلب التصالح معتمدة من جهة محترمة مثل مركز بحوث البناء تقر بها هذا التصالح وعدم الاكتفاء بشهادة مكتب هندسى صاحبه عضو نقابة المهندسين يعطى الشهادة لمن يدفع دون معاينة أو فحص.
حكاية المنازل الآيلة للسقوط أو التى تحتاج ترميما أو التى تم إنشاؤها دون مراعاة لأصول فنية وهندسية تقودنا إلى حمل ثقيل يحتاج إلى جهود جبارة للخروج بقاعدة بيانات يفرز بها الغث من السمين وتوضع الحلول العاجلة والآجلة كما فعلنا مع العشوائيات التى قطعنا فيها شوطا عظيما.
وأخيرا أعلن تأييدى التام للإعلان اليومى فى إذاعة القرآن الكريم والذى يبث من عدة سنوات ويدعو ركاب المترو والقطارات إلى التأمين على حياتهم، ومؤكد أن الإقبال ضعيف فهل هناك تأمين إجبارى على كل تذكرة مثلا، وهل من الممكن إنشاء صندوق لضحايا العقارات إذا نجوا يحصلون عليه ويكون كافيا لشراء وحدة جديدة وإذا كانوا ضحايا يصبح من حق الورثة جبرا بالخاطر.
الخلاصة.. الردع مطلوب لكل من تسول له نفسه موظفا كان أو مقاولا أو يتغاضى عن الأصول ويدوس على القانون ومن لم يزع بالقرآن يزع بالسلطان.