عين على الحدث

سوريا أزمة منسية

آمال المغربى
آمال المغربى

فى الاسبوع الماضى حلت الذكرى العاشرة لبدء الاحتجاجات على حكم الرئيس بشار الأسد والتى تحولت لحرب أهلية واسعة النطاق. ورغم ان الجيش السورى استعاد السيطرة على معظم أنحاء البلاد بمساعدة من روسيا وإيران الا ان الشعب السورى مازال يدفع ثمنا باهظا له.. فقد تركت الحرب السورية مأساة إنسانية هائلة ودمارا واسعا، فيما لم تفلح كل الجهود الدولية فى التوصل لتسوية سياسية للنزاع توقف معاناة المدنيين بعد ان شرّد الصراع الملايين داخل سوريا وخارجها.
فحين اندلعت الاحتجاجات السلمية منتصف مارس 2011، لم يتخيل المتظاهرون أن مطالبهم بالديمقراطية والحريات ستكون مقدمة لأكبر حروب القرن الواحد والعشرين، وأن حراكهم السلمى سيتحول لحرب مدمرة تشارك فيها أطراف عدة منها تنظيمات جهادية.
ذكرى الحرب فى سوريا هذا العام تختلف عن سابقاتها لان الصراع انتقل من داخل سوريا إلى صراع عليها وخاصة من قبل الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة فى سوريا على الاخص روسيا وإيران وتركيا... فقرار المعارضة السورية اصبح فى يد تركيا وقرار النظام بيد كل من إيران وروسيا حيث يحاول كل طرف أن يجد حلولا تناسبه. ولذا فالقرارات التى تتخذ بشأن سوريا تطبخ فى عواصم شتى ولا دخل للسوريين ولا حتى نظامهم بصنعها. كما تخلى الروس عن فكرة إيجاد بديل للأسد مع أنهم يعلمون أن سوريا غير قابلة للإصلاح بوجوده لكن من دونه يعتقدون انها ستغرق بالفوضى ولا يبدو حل فى الأفق حتى الآن.
عقد من الصراع فى سوريا ترك خسائر فادحة لجيل من السوريين بعد تخلى الكل عن الشعب السورى والشباب الذى يعانى فى الداخل وفى المنفى من اضطرابات نفسية وأضرار صحية كثيرة، حيث كشف مسح أجرته اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن 47 % من الشباب السورى فقد قريبا أو صديقا له فى الحرب السورية، وأن 16 % منهم فقد أحد أبويه أوكليهما وأن ما يقرب من نصف الشباب السورى فقدوا مصدر دخلهم ويجدون صعوبات من أجل توفير الطعام والضروريات الأخرى. كما خلفت الحرب فى سوريا جيلاً من الأطفال مصابًا بجروح وخسائر ومستقبل مظلم.. كما حصدت الحرب أرواح مئات الآلاف وشردت الملايين وألحقت الدمار والخراب بالمدن.
المشكلة ان الحلول المقدمة لملايين اللاجئين الذين ما زالوا منسيين -بالإضافة إلى 6.7 مليون نازح داخل سوريا- تبدو ضئيلة، فى وقت تفاقمت فيه ظروفهم المعيشية بسبب جائحة كورونا.
طال أمد هذا الصراع إلى ما يقرب الآن من ضعف المدة التى استغرقتها الحرب العالمية الثانية ونسى المجتمع الدولى أزمة سوريا واعتبرها مشكلة سياسية غير قابلة للحل وترك معها ملايين الأشخاص يواجهون المجهول!!