نقطة فوق حرف ساخن

تنظيم الإخوان الإلكترونى

عمرو الخياط
عمرو الخياط

يبدو أننا أمام مشهد لغياب إخوانى مرتقب عن شاشات الإرهاب التى ظلت تحرض على الفوضى الصريحة على مدار سبع سنوات أو ما يزيد قليلا، ليس مهما أن نعيد الحديث عما جرى فى قنوات إعلام الإرهاب، لكن ما يستحق التوقف هو محاولة التعرف على مصير الإخوان الذين ستفرض عليهم عملية استبعاد إعلامى.

حالة الغياب التى ستفرض لا تمثل للتنظيم استبعادا إعلاميا وسياسيا وفق ترتيبات إقليمية جديدة تقاطعت مع تصرفات إخوانية، بل إنها تمثل خطرا وجوديا على كيان التنظيم الذى كان يستخدم هذا الخطاب كوسيلة اتصال بأعضائه ومن أجل تثبيت إيمانهم الإخوانى بصنم التنظيم الذى يتخذه أعضاء الجماعة ندا من دون صحيح الإسلام ووسطيته واعتداله.
الخطورة الداهمة على التنظيم هى أنه سيفقد إحدى أهم وسائل تحقيق الإشباع الوهمى لكوادره المتعطشة لسماع هذا النوع من البث الأحادى الذى يشبع عندهم رغبة استشعار أن تنظيمهم مازال على قيد الحياة.
بالتوازى مع الخطر الداهم على وجود التنظيم، فإن ما ارتكبه أعضاؤه من الفواحش الوطنية والأخلاقية ما بطن منها وما ظهر على الشاشات، كان بمثابة نموذج عملى مؤكد لفساد العقيدة الإخوانية من خلال مقاطع وتسجيلات ستحفظ فى أرشيف الوطن دليلا دامغا على أن هذا التنظيم يمارس عقيدة خيانة الدولة الوطنية باعتبارها ركنا من أركان الإيمان بالفكرة الإخوانية وكتبها ومرشدها.
أى أن كافة النظريات التاريخية التى تحدثت عن خيانة الإخوان وغدرهم وإرهابهم بات لها دليلا عمليا موثقا لمن كان مخدوعا أو غير مصدق.
كما تكمن أهمية ما حدث من إقصاء أو تجميد فى إثبات نظرية التوظيف والاستخدام السياسى لهذا التنظيم منذ نشأته، ليستمر كشوكة فى مسار الدولة المصرية الوطنية التى كلما امتلكت أدواتها وسيطرت عليها أصبحت أكثر إزعاجا لهم، وبالتالى يصبح استخدام تنظيم الإخوان خيارا استراتيجيا لها، ليس عليه إلا ممارسة تكتيكات الإضعاف الداخلى للدولة المصرية من خلال محاولة نشر ثقافة الأممية من أجل تمييع فكرة الوطنية المحلية.
ما حدث من تجميد إعلامى هو دليل دامغ على أن هذا التنظيم لم يخلق إلا من أجل عملية استخدام مهين تتماشى تماما مع نفسية الإخوانى الذى يتم تدريبه منذ الصغر على تقبل فكرة إهدار كرامته الشخصية والإنسانية من أجل الارتقاء بشخصيته التنظيمية بين يدى مرشده، ومن ثم بين يدى من يقوم بتشغيل مرشده فى أروقة الأجهزة.
نعود هنا للسؤال الملح حول مصير التنظيم ومصير خطابه الموجه لكوادره إذا فرضت عليه حالة استبعاد إعلامى، لنجد أنفسنا أمام تحذير شديد الوضوح تفرضه استحقاقات الوطنية والمهنية، من حالة احتلال إخوانى لمواقع وحصون السوشيال ميديا، من أجل إعادة إعمار ذاته إعلاميا، ومواصلة قدرته على مخاطبة كوادره المشتتة وإلا انفرط عقد التنظيم إلى الأبد.
المتابع لما جرى من ردة فعل إخوانية تجاه ما حدث بالأمس القريب سيكتشف حالة لجوء إخوانى إلكترونى نحو منصات السوشيال ميديا، وتحديدا نحو تطبيق «كلوب هاوس» المستحدث الذى راحت كوادر التنظيم تتجول فيه من غرفة إلى اخرى كأول حالة تسول إلكترونية استجدى فيها الكوادر قبساً من الطمأنينة أو استيعاب الصدمة، فى ظل غياب إلكترونى للقيادات التى طالما كانت مستخدمة فى حسابات إقليمية تفوق فكرة التنظيم نفسه، والتى طالما مارست عمليات الاستخدام من الباطن لقواعدها المخدوعة بوهم المشروع الإخوانى.
بمرور الوقت سيتم امتصاص صدمة ما جرى، لكن التنظيم سيعيد تمركزه المكثف بكافة المنصات الالكترونية، وفِى مقدمتها تطبيق كلوب هاوس الذى ستتحول غرفه إلى أُسر إخوانية تعلوها شُعب، من أجل بناء تنظيم الكترونى متكامل قادر على إعادة نشر نفس الأفكار التى تستهدف الدولة الوطنية المصرية، بل إنه سيصبح أكثر قدرة على التواصل الجماهيرى الإلكترونى الفورى.
الخطورة هنا فى أن من يمكن تسميتهم بالمتجولين أو الناشطين الكترونيا سيتعرضون تعرضا إجباريا لرسائل إعلامية إخوانية تجيد استخدام ضغوط الحياة اليومية من أجل تخليق حالة احتقان يمكن الدفع بها نحو الواقع
فى مواجهة الزحف الإخوانى الالكترونى نحو معسكرات ومواقع وتطبيقات السوشيال ميديا بعد تعرض بعض حصونهم الإعلامية التقليدية لعملية سيطرة من المشغل والممول الأصلى فإنه قد أصبح من مقتضيات الأمن القومى أن يكون للدولة المصرية ومؤسساتها مبادرة شديدة السرعة من أجل عملية انتشار وتموضع الكترونى للتصدى للحركة الإخوانية التى ستبنى مستعمراتها الافتراضية.
أى أن مصر أصبحت فى حاجة ملحة لشبكة دفاع إلكترونية قادرة على تحقيق الردع الإلكترونى وعلى مواجهة الحشد الإخوانى الذى سيواصل استهداف مقومات دولة ٣٠ يونيو.
تحت ضغوط الخطر الوجودى الذى يهدد التنظيم، فإن قواعده ستمارس عمليات مكثقة للهجرة الإلكترونية غير الشرعية نحو تطبيقات السوشيال ميديا بحثا عن حالة إشباع لاستمرار بث وسماع الخطاب الإخوانى الذى يضمن استمرار تماسك التنظيم بالقدر المستطاع، ورغم خطورة أن يتحول ذلك إلى امتلاك التنظيم لجيش الكترونى، فإن عملية الانفتاح الإلكترونى تتيح الاشتباك المباشر مع أفكار هذا التنظيم بل وقياس مدى التفاعل معها من أجل تطوير الهجوم الإلكترونى المضاد إذا ما أرادت الدولة ذلك.