فى الصميم

ومازالت أثيوبيا فى الطريق الخطأ

جلال عارف
جلال عارف

تستمر أثيوبيا على موقفها الذى يهدر كل فرص الحل العادل والمتوازن لقضية السد باب التفاوض الجاد للتوصل لاتفاق قانونى ملزم يحقق مصالح الاطراف الثلاثة الشريكة فى مياه النيل الأزرق «مصر والسودان وأثيوبيا» تغلقه مرة أخرى حكومة أثيوبيا بالإعلان عن رفض الموقف المشترك لمصر والسودان الذى يعطى الفرصة لجولة مباحثات حاسمة بمشاركة الرباعية الدولية التى تضم إلى جانب الاتحاد الافريقى كلا من الاتحاد الاوروبى  والولايات المتحدة والأمم المتحدة لتكون وسيطا فى التوصل للحل المنشود.. ترفض أثيوبيا الفرصة وتصر على أن يستمر نهج المفاوضات الفاشلة والتى كان العام الأخير منها تحت مظلة الاتحاد الافريقى التى لم تحترمها اثيوبيا بل استغلتها لمواصلة التسويف والمراوغة لكسب الوقت ولمحاولة فرض الأمر الواقع على الجميع.
لا يريد المسئولون فى «أديس أبابا» أن يفهموا أن أيام المراوغة والتسويف قد انتهت، وأنه لا بديل عن «الاتفاق القانونى الملزم» قبل أى مشروع فى الملء الجديد لخزانات السد الذى تقول أثيوبيا إنها ستقوم به مع فى فيضان هذا العام.. أى بعد أربعة شهور وأنه لا وقت إلا للتفاوض الجاد بمشاركة دولية تضمن الجدية وتساعد فى التوصل للتوافق الذى يحقق مصالح كل الاطراف ويمنع الانزلاق إلى موقف صدامى لن تقتصر آثاره على الدول الثلاث المتشاركة فى النيل الازرق «مصر والسودان وأثيوبيا» وإنما سيتجاوزه إلى القرن الافريقى والبحر الأحمر وسينال من استقرار وأمن كل دول افريقيا التى تحاول أثيوبيا خداعها بأنها تسترد حقوقا مسلوبة بينما تحاول - فى قضية السد - أن تسلب الحقوق المشروعة لشعبى مصر والسودان، وتختلق الازمات الخارجية لتهرب من مسئولية الابادة الجماعية لبعض شعوب أثيوبيا نفسها كما فى أقليم «تيجراي» ولتفتح الباب أمام طوفان من الصراعات التى ستكتوى بها شعوب افريقيا كلها ودون استثناء!
لم تطلب مصر والسودان مشاركة «الرباعية الدولية» إلا بعد أن أفشلت أثيوبيا على مدى عام كامل التفاوض تحت مظلة الاتحاد الأفريقى وبعد أن وصلت الأزمة إلى حافة الانفجار، وبعد أن أصبح النظام الاثيوبى المتهم بالإبادة الجماعية لجزء من شعبه لا يجد وسيلة للهروب من مسئولياته إلا بالتصعيد فى أزمة سد النهضة الذى تحوله إلى خطر حقيقى على أمن افريقيا والعالم.. تتحول أثيوبيا «تحت قيادتها الحالية» إلى خطر حقيقى يتجاوز الحدود. موقفه فى أزمة السد يتجاوز محاولة الاضرار بمصر والسودان. إنه يفجر الموقف فى كل دول حوض النيل ويشعل الأوضاع فى القرن الافريقى ويهدد الأمن فى البحر الأحمر.  والاخطر أنه يفتح بابا لصراعات مدمرة كان الآباء المؤسسون للاتحاد الافريقى قد أوصدوه حين أقروا - منذ البداية - مبدأ الاعتراف بالأوضاع الناشئة عن اتفاقات دولية موثقة بما فيها اتفاقيات الحدود بين دول افريقيا. النظام الخطر فى افريقيا يهدر الاتفاقات الدولية فى أزمة السد، ويفتح الباب -  بعدوانه على حدود  السودان وعدم الاعتراف بالاتفاقيات الدولية بشأنها - لصراعات حدود سوف تجتاح افريقيا كلها.. ربما لم تدرك بعض الاطراف فى الاتحاد الافريقى خطورة ما تفعله أثيوبيا.
والخطر الذى يمثله النظام الاثيوبى لم يعد خافياً على أفريقيا وعلى العالم كله. ومن هنا كان الموقف المصرى السودانى بمشاركة الرباعية الدولية فى تفاوض حاسم بشأن سد النهضة قبل انفجار الأوضاع.
طبيعى أن يكون النظام المتهم دولياً بارتكاب مجازر شعبية ضد شعبه خائفا من محاسبة العالم له، وأن يرفض من ينتهك القوانين والمعاهدات الدولية فى أزمة السد أن يكون العالم شاهدا على كل جرائمه.. لكن الطبيعى أيضا أن تتحمل كل الاطراف مسئوليتها، وأن تقدر أن مصر والسودان مازالتا تتمسكان بأن هناك فرصة من خلال تفاوض جاد «بحضور دولي» للحل العادل والاتفاق الملزم.