يعرف الأشقاء فى السودان الحبيب حجم الكوارث التى تسببت فيها ثلاثون عاماً من حكم البشير الإخوانى ويعانون من آثارها ويسعون لتجاوزها بعد ثورة الشعب السودانى التى صححت الأوضاع وأنقذت البلاد.
ونعرف نحن فى مصر كل ذلك لأن السودان لم يكن يوما -بالنسبة لمصر- إلا الشقيق الأقرب والتاريخ المشترك والمصير الواحد . ولأن ما أصاب السودان من أضرار فى سنوات حكم البشير وهيمنة الإخوان أصاب مصر أيضاً، وعرض أمن الدولتين الشقيقين معاً لأفدح الأخطار، وعطل أى جهد للعمل المشترك لصالح الشعبين الشقيقتين ولحماية مصالحهما من مخاطر عديدة ليس السد الأثيوبى إلا مثالاً واحداً منها.
الآن.. تعود الأوضاع إلى مسارها الطبيعى تتوافق الرؤى لمواجهة التحديات الكبيرة أمام الدولتين الشقيقتين، وأيضاً لتعويض سنوات لم يتح فيها للعمل المشترك أن يثمر ما يرتجيه الشعبان من خير فى كل المجالات.
وقد رأينا فى الأيام الماضية خطوات هامة تؤكد أننا أمام مرحلة جديدة فى العلاقات بين البلدين. فى مباحثات وزيرى الخارجية كان التوافق كاملاً فى المواقف من القضايا المشتركة، وفى الجانب العسكرى كان اتفاق التعاون رسالة واضحة بأن أمن البلدين خط أحمر.
وجاءت زيارة الرئيس السيسى أمس للسودان الشقيق لتؤكد أن الأبواب قد فتحت لتعاون قادر على مواجهة التحديات، وأن الإرادة السياسية فى القطرين الشقيقين عازمة على تحقيق آمال الشعبين، وأن كل محاولات الدس والوقيعة قد سقطت مع سقوط حكم البشير الإخوانى، ومع افتضاح حجم التآمر الخارجى، ومع كل التطورات التى أكدت للجميع أنه لا بديل عن موقف موحد بين مصر والسودان لمواجهة تحديات الحاضر والمستقبل.
تقول مصر بكل وضوح إنها بكل قواها مع السودان الشقيق وهو يتعامل مع التركة الثقيلة التى تركها البشير، ومعه وهو يواجه التهديدات الاثيوبية لحدوده.
وأن مصر والسودان سيحافظان معاً على حقوقهما فى مياه النيل بكل قوة. وأن من يتصور أنه قادر على الإضرار بهذه الحقوق »كما تفعل إثيوبيا مع سد النهضة حتى الآن« عليه أن يراجع حساباته بكل جدية!
التحديات كثيرة، والآمال كبيرة، والتجربة علمت الجميع أن المصير واحد، وأن ما بين شعبى وادى النيل خالد كما النهر العظيم.