ظهور قناة علمية صعب بسبب ارتفاع التكلفة ورفض المعلنين

أحمد فايق : «مصر تستطيع» أعاد العلماء إلى الشهرة | حوار

أحمد فايق فى برنامج «مصر تستطيع»
أحمد فايق فى برنامج «مصر تستطيع»

مذيع شاب سطع نجمه مع البرنامج العلمى "مصر تستطيع" الذى يتم تقديمه حاليًا على قناة "دى إم سى" وأصبح أحد أفضل البرامج التليفزيونية على الساحة الآن، بما يتناوله من تسليط الأضواء على العلماء المصريين بالخارج ليكون حلقة الوصل بينهم وبين بلدهم ورصد سعيهم للمشاركة فى خدمة مصر والاندماج فى مشروعاتها القومية وتقديم كل ما يملكون من خبرات واسعة لوطنهم الأم.. إنه المذيع أحمد فايق الذى تحدثنا معه فى هذا الحوار حول مسيرته وبرنامجه وطموحاته للمستقبل..

- بداية.. كيف كانت رحلتك نحو التقديم التليفزيونى؟

رحلتى بدأت من خلال مدرسة لا تفرق بين الصحافة المرئية والصحافة المكتوبة، لأننى أؤمن بأن مهنة الصحفى واحدة سواء كان المحتوى الذى يقدمه مكتوبا أو من خلال الإعداد وتقديم البرامج ولا يوجد فى دول العالم أى شىء يدعى إعداد تليفزيونى، فهم يستخدمون مصطلح الصحفى فقط، ولقد تتلمذت على يد الكاتب الصحفى عادل حمودة فى تجربة صحفية بجريدة صوت الأمة، وأنا سعيد و"محظوظ" لأننى تتلمذت على يد كاتب صحفى بقدر عادل حمودة فى الصحافة المكتوبة، والأستاذة سلمى الشماع فى الصحافة التليفزيونية، حيث عملت معها منذ أن كنت طالبًا بقسم الإعلام بآداب حلوان، وبالتأكيد الصحافة أضافت الكثير إلى مشوارى التلفزيونى وساعدنى عملى فى صوت الأمة، والفجر، وقناة النيل للمنوعات والتى عملت فيها كمعد لمدة ٧ سنوات، حيث كنت ضمن أول جيل بالقناة ورحلت للعمل فى إعداد قناة دريم، ثم نايل سينما، وغيرها من التجارب.

- كيف ولدت فكرة تقديم البرنامج العلمى "مصر تستطيع"؟

بدأت فكرة البرنامج من خلال تقديم فقرة ضمن برنامج بعنوان "مصر تستطيع" ولاقت استحسان الناس فتحولت إلى برنامج وفى النهاية أصبحت المذيع، وقد خرج البرنامج للنور قبل ثورة 30 يونيو 2014، فى وقت صعب كان فيه فقدان لبعض سمات الشخصية المصرية، وحاجة البلد لكل أبنائها وهو ما جعلنا نفكر فى تقديم برنامج نستعين فيه بالعلماء، وبعد تقديم الموسم الأول من البرنامج ولاقى استحسان المشاهدين فواصلت تقديم المواسم الأخرى. 

- ما أصعب المواقف التى واجهتك اثناء تقديم البرنامج؟

كنا نصور فى كندا وكانت درجة الحرارة 45 تحت الصفر، والتصوير خارجى، ذهبت لتصوير الحلقة بلا أى تجهيزات خاصة بالطقس بسبب ضعف الإمكانيات، فأصابتنى حالة مثل ضربة الشمس، ولكنها شتوية، تسببت فى إصابتى بالتهابات ظاهرة فى وجهى، مما أجبرنى على مواصلة التصوير وظهورى "أوت فى كادر" بظهرى فقط، ومن المواقف التى لا تنسى أيضا كنا فى ألمانيا، وفاتنا القطار ولم يكن معنا أموال للإقامة فى فندق لليوم التالى، مما جعلنا ننام فى محطة القطار.

- كيف تعامل معك الأجانب كإعلامى مصرى؟

الفرق بيننا وبين الأجانب أن هناك احترام كبير للخصوصية فعندما كنا نصور فى شوارع أوروبا، حذرنى البعض من إظهار صور وجوه الناس دون الحصول على موافقة كتابية منهم احتراما للقانون الذى يكفل خصوصيتهم ومن ضمن المواقف التى حدثت لى فى هذا الإطار، ذهبت للقاء عميد كلية الإعلام بجامعة برلين "ماكروميديا" البروفيسور المصرى د. محمد بدر، وبعد مقابلتى له قام بإحضار ملف به حوالى 500 ورقة، وقال لى هذه موافقات الطلاب الذين سيظهرون فى الكاميرا أثناء تصوير المحاضرة التى سألقيها. 

- هل تقصد أننا لا نحترم الخصوصية فى مصر؟

نعم الخصوصية غير موجودة فى مصر، فى الخارج اقتحام الخصوصية جريمة، يعاقب عليها القانون، وقد تلتقط صورة مع شخص ما ويخبرك أنها صورة شخصية تذكارية وليس من حقك نشرها على مواقع التواصل الاجتماعى. 

- كيف تحول برنامج "مصر تستطيع" لمؤتمر تحت رعاية الرئيس السيسى؟

بناءً على ما قالته وزيرة الهجرة د. نبيلة مكرم إن مؤتمر "مصر تستطيع" جاءت فكرته بالكامل من برنامج "مصر تستطيع" وأنا فخور جدا بهذا، لأن الهدف من البرنامج هو الاستفادة من خبرات العلماء المصريين فى الخارج والذين تجاوز عددهم 400 بدأنا نستعين بهم من خلال البرنامج للمشاركة فى المشروعات القومية للدولة، وبحثنا معهم ما يمكن أن يقدموه لمصر وأثناء تقديمى للمؤتمر أصبحت حلقة وصل بين العلماء بالخارج والجهات المعنية فى الدولة، وبالفعل تم إنجاز أكثر من مهمة وعلى سبيل المثال وليس الحصر، شارك العالم هانى عازر فى بناء أنفاق قناة السويس، والخبير ميشيل اف نايت فى صناعة مدرعة مصرية، والعالم الراحل عبد الحليم عمر فى أول هراس أسمنت مصرى وتم صنعه فى وزارة الإنتاج الحربى، وساهم العالمان وجيه المراغى وهدى المراغى فى إنتاج أول سيارة كهربائية ووضع العالم محمد محمود إبراهيم أول سوفت وير لقمر صناعى مصري، وغيرهم كثيرون كما شارك البرنامج مع المؤسسة الأهلية "أمل مع مصر" فى إجراء 500 عملية بالمجان لغير القادرين وعلاج 1500 حالة أورام، وذلك من خلال علماء مصر تستطيع المغتربين بالمجان والحمد لله نجح البرنامج فى إعادة العلماء المصريين إلى النجومية والشهرة مرة أخرى، وجعل الطلاب والأطفال يتمنون السير على خطاهم.

حب مصر

- كيف وجدت تعاون العلماء مع البرنامج؟

علاقة العالم المصرى بوطنه بمثابة أن "البلد عايشة جواه" وقلبه على وطنه طوال الوقت، وكلهم كانوا ينتظرون اللحظة التى تتواصل مصر معهم للاستفادة بهم بشكل احترافى وليس مجرد تواصل عاطفي، ولم يترددوا فى الظهور بالبرنامج بشرط التعامل باحترافية للتواصل معهم، من خلال طريقة الخطاب، والمواعيد المنضبطة وكنت حريصا دائماً على ذلك لأننى أعلم أننى لو تأخرت عن موعدى ولو دقائق سأخسر فرصة ظهور هذا العالم.

- ما أبرز المعامل البحثية فى مصر حالياً؟

مصر لم تشهد اهتماما بالعلم سابقا كما يحدث الآن ولدينا مراكز بحثية متميزة مثل مدينة زويل والنانو تكنولوجى وأبحاث الحفريات الفقارية لدكتور هشام سلام ومركز الكلى د. محمد غنيم وأبحاث القلب د. مجدى يعقوب، مركز أبحاث الجهاز الهضمى على يد د. محمد عبدالوهاب فى المنصورة وهو المركز الثالث عالميًا فى التصنيف، وغيرهم.

تأثير كبير

- كيف ترى أهمية العلماء فى التأثير على حياتنا فى مصر؟

تأثير كبير جدا فالصين مثلاً فى الماضى استعانت بـ 1000 عالم صينى متواجدين فى أمريكا وإنجلترا وفرنسا وألمانيا وطالبتهم بالإشراف على كافة المشروعات القومية بالصين أثناء تواجدهم بالخارج، وهو المشروع الذى جعل الصين دولة عظمى الآن، وأعتقد أن لقاء الرئيس السيسى مع العلماء كان مهما للغاية، إبلاغ العلماء بأننا فى احتياج لهم حتى يتم تحقيق الحلم الذى نسعى إليه.

- من خلال تعاملك مع العلماء ماذا يقترحون لتصبح مصر رائدة فى البحث العلمى؟

لابد أن يكون لدينا الدعم الكامل، فالبحث العلمى استثمار فى الأساس، ودعمه يأتى بثماره بعد سنوات، هناك العديد من المشاريع الفردية فى البحث العملى، ولكنها لا تكفى، ومصر اتجهت مؤخراً لزيادتها، ونطمع أن يزيد هذا الدعم عشرات المرات، لأن النتائج تظهر فى المشروعات القومية، وفى السنوات الأخيرة حقق استخدام الأبحاث العلمية نجاحات وإضافات مميزة فى مختلف المجالات مثل الزراعة والرى والصحة وغيرها. 

- فى الماضى تم اغتيال عدد من العلماء المصريين فى الخارج فكيف نحميهم الآن؟

اغتيال العلماء جسديا أصبح فكرا تقليديا وغير موجود الآن، وتم مناقشتها إعلاميا وعلى سبيل المثال العالمة سميرة موسى اغتيالها كان شيئا بشعا، ولكننى أرى أننا نواجه نوعا جديدا من عمليات اغتيال العلماء أكثر خطورة، وهو "الاغتيال المعنوى"، فالاغتيال الجسدى يتم لشخص أو اثنين، لكن الاغتيال المعنوى يغتال به معظم العلماء ويحبطهم، وقد استضفت العالم الجليل د. محمد أحمد على الذى قام بتصنيع لقاح مصرى ضد الكورونا وقام بتصنيع ثلاثة لقاحات لمصر قبل ذلك منهم متلازمة البحر المتوسط، وعاش فترة فى النمسا وألمانيا، ولكننى فوجئت بعد نشر الحلقة على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" بعدد من التعليقات الساخرة لا تتماشى إطلاقاً مع قيمة هذا العالم الجليل وهو ما أحبطنى كثيرا وهذا نوع من الاغتيال رغم اقتناع معظم العلماء بأن الجهل هو السبب فى مثل هذه التعليقات.

- ما الجديد الذى سنراه فى البرنامج الفترة القادمة وأبرز الضيوف؟

وضعنا خطة للفترة القادمة تعمل على الاهتمام أكثر بتنمية مهارات الأطفال والجيل الجديد، هذه هى أولويات البرنامج الفترة القادمة، بالإضافة إلى تبسيط العلوم وتحويلها إلى مادة إعلامية بسيطة، نقدمها للمشاهدين بشكل أفضل حتى يستطيع الجميع فهمها بسهولة، كما أننا نواصل استضافة وتقديم نماذج مصرية ملهمة من داخل الأراضى المصرية وخارجها، خاصة العلماء المصريين بالخارج والاستفادة بهم فى تنمية الوطن.

- هل حان الوقت لتقديم قناة علمية مصرية مثل قناتى "ديسكفرى" و"ناشيونال جيوجرافيك" وغيرهما؟

أعتقد أن هذا الأمر للأسف غير مطروح على الإطلاق، لأن المعلنين لا يتحمسون للعلم، ولكن يتحمسون للأشياء التى تحقق "التريند"، حتى ولو كانت تافهة بالإضافة إلى أنه لا توجد موارد كافية، وأتمنى أن يصبح لدينا قناة علمية كبرى، ولقد اعتمدنا لسنوات على البرنامج العلمى "العلم والإيمان" تقديم الراحل د. مصطفى محمود، وحان وقت التوسع ووجود قناة علمية متخصصة.