النقل النهري «ثروة منسية».. شبكات الطرق تسحب البساط من «نهر النيل»

تاكسى النيل
تاكسى النيل

 وزير النقل: النقل النهري لم يشهد تطويرًا منذ سنوات.. والاستثمارات «كلمة السر»

«برغوث»: الموانىء والأهوسة والوحدات النيليلة «في تراجع».. وحظر نقل القمح على الطرق «ضرورة»

«مهدي»: التعدي على المجاري الملاحية بـ«الكباري والجسور» خطر.. والأسطوال الحالي يحتاج «نظرة»

«ثروة منسية» .. أدق توصيف لقطاع النقل النهري الذي لم يشهد تطويرًا منذ سنوات طويلة، فبينما اتجهت أنظار أكثر من وزير نقل إلى تطوير السكك الحديدية وتعزيز أسطولها، ومد مترو الأنفاق إلى مناطق جديدة، فضلا عن إدخال وسائل جر كهربائية جديدة كالقطار الكهربائي السريع إلى المنظومة، إلا أن هذا القطاع مازال «محلك سر» رغم أنه قليل التكلفة وصديق للبيئة ويساهم في تخفيف الضغط على شبكة الطُرق والسكك الحديدية.

غياب «التطوير»

بينما تتمتع مصر بأكبر شريان مائي في أفريقيا وهو نهر النيل، فيما تنقسم خطوط النيل الملاحية إلى ثلاث فئات، الأولى طرق ملاحية من الدرجة الأولى وطولها 2192 كيلومترًا تمتد من أسوان إلى القاهرة، والرياح البحيري عبر قناة النوبارية إلى الإسكندرية بطول 121 كيلومترًا، وأخيرًا طرق ملاحية بطول 813 كيلومترًا، مع وجود 44 ميناء نهري بطاقة تخزينية 1.2 مليون طن، إلا أنها لم تشهد تطويرًا يساعدها في منافسة شبكات الطرق والسكك الحديدة.

تراجع مستمر

وزير النقل الفريق كامل الوزير، قد أكد في تصريحات له خلال شهر نوفمبر الماضي، أن النقل النهري لم يشهد تطويرا منذ سنوات، موضحًا أن هيئة النقل النهري تراجعت خلال الفترة الماضية، في أداء الحرفة، سواء في امتلاك الموانىء أو وسائل النقل أو ثقافة الإدارة، مضيفًا: «هيئة وادي النقل المعنية بالنقل النهري بين مصر والسودان تراجعت كثيرا، أحدث حاجة كانت من 40 سنة، والنقل النهري أهمل من فترة كبيرة، لكنه يحتاج استثمارات».

وتعهد «الوزير» بأن يشهد النقل النهري نهضة خلال الفترة القادمة، قبل أن يؤكد أنه يواجه مشاكل متراكمة سيتم حلها قريبًا، وأن الوزارة تعمل حاليا على مشروع قانون لتعديل بعض أحكام قانون هيئة النقل النهري لتعزيز كفاءة منظومة النقل النهري لتنشيط نقل البضائع نهرياً لدعم الاقتصاد القومي وزيادة نصيب نقل البضائع عبر نهر النيل، مع وجود خطة لتطوير الموانئ النهرية عن طريق زيادة عدد الأرصفة وعمق الممرات الملاحية.

خطة التطوير

ووفقاً لبيانات وزارة النقل، يتم تنفيذ أعمال إزالة الاختناقات بالمجاري الملاحية بنهر النيل وتأمينها بالمساعدات الملاحية على مدار العام، مع رفع كفاءة الأهوسة الواقعة علي الطرق الملاحية لتيسير حركة النقل عبر النقل النهري، مشيرة إلى أنه جاري خلال الفترة المقبلة تنفيذ نظام البنية وإنشاء شبكة RIS المعلوماتية لنهر النيل، وإنشاء شبكة مراقبة وتحكم مركزي لمراقبة الطرق الملاحية على مدار الساعة باستخدام أحدث أنظمة تكنولوجيا المعلومات لمتابعة وتتبع الوحدات النهرية، والتأكد من سيرها بالممر الملاحي والذي تم تطهيره من أسوان إلى القاهرة بطول 953 كيلو متر وباستخدام أنظمة الخرائط الإلكترونية المحدثة، بتكلفة 9 مليون يورو.

وأكدت وزارة النقل أنه من خلال غرفة تحكم بالقاهرة يمكن متابعة حركة الوحدات النهرية والسيطرة مع توفير نظام صوتي ومرئي لقائد الوحدة عند الخروج عن المسار الملاحي أو العبور من الكباري أو الأعمال الصناعية، مما يؤدي إلى رفع كفاءة النقل النهري باستخدام التكنولوجيا الحديثة، لكن هذا المشروع لم يرى النور بعد.

منقولات محددة

وتعليقا على ذلك، قال د. حمدي برغوث، خبير النقل الدولي واللوجستيات، إن النقل النهري قطاع متشابك للغاية، ويعتمد نجاحه على 3 محاور، أولها بضاعة النقل النهري المنقولة، ثانيًا: وسائل النقل النهري، وأخيرًا: البضاعة النهرية، وبالتالي بضائع النقل النهري محددة، متمثلة في القمح وبعض مواد البناء.

وقال «برغوث» لـ«بوابة أخبار اليوم»، إن هولندا هي أكثر دول العالم تقدمًا في النقل النهري، حيث تنقل 42% من حجم المنقول الداخلي، ولمحاكاتها في مصر يجب أن يكون هناك خطة واضحة لتطوير النقل النهري، لافتًا إلى أن القائمين على هيئة النقل النهري خلال الفترة الحالية غير مختصين وليس لديهم رؤية أو خطة واضحة لتطوير الهيئة.

ميزانية خاصة

وأشار الخبير الدولي، إلى أن النقل النهري لا يحتاج استثمارات بقدر ما يحتاج جزء من ميزانية وزارة النقل تضخ في مشروعات فعلية تظهر على أرض الواقع، مردفًا: «الموجود ليس إلا دراسات داخل الأدراج»، لافتا إلى ضرورة رفع كفاءة الموانىء النهرية والأهوسة كهويس المالح والخطاطبة، وكذلك إزالة الاختناقات الملاحية بترعة النوبارية، وشراء وحدات نهرية جديدة، مع إصدار قرار بحظر نقل القمح على الطرق، ونقله عبر نهر النيل، هذا بجانب تطوير موانىء لنقل القمح من دمياط والإسكندرية إلى القاهرة لنقل 5 ملايين طن سنويًا بدلًا من 2.5 مليون طن، معظمها مولاس وطفلة وكبريت ومواد بناء كمية محدودة من محصول القمح.

وشدد على ضرورة تكريك المجري الملاحي للنيل كل 8 شهور لإزالة الاختناقات وتسهيل عملية النقل، مع تطوير المجرى الملاحي بكل من الرياح البحيري وترعة النوبارية لربط ميناء الإسكندرية بشبكة النقل، وكذا رفع كفاءة الأهوسة المقامة عليه وإنشاء أهوسة جديدة بطول 220 كم.

وبالنسبة للعنصر البشري، فأكد «برغوث» ضرورة الاهتمام بالعنصر البشري الذي يعمل بمنظومة النقل النهري وتدريبه باستمرار، مع إنشاء مدرسة ثانوي ومعهد تدريب للنقل النهري لتعظيم الاستفادة من هذا القطاع.


تراجع الأسطول

أما د. حسن مهدي، الخبير في قطاع النقل، فيرى أن النقل النهريهو أحد وسائل النقل المهمة بصفته ينقل الركاب والبضائع سنويًا، لافتًا إلى أن هناك محاولات عديدة لإعادة إحيائه في ظل سهولة وجودة أسطول النقل البري الذي ينقل البضائع بديلًا عن الوسائل النهرية في ظل تراجع أسطول النقل النهري.


التعدي على المجاري

وأضاف «مهدي» لـ«بوابة أخبار اليوم»، أن كفاءة النقل النهري في نقل البضائع «منهارة»، حيث أن المسارات التي تسير فيها البضائع لم تتطور، وتم التعدي على المجاري الملاحية للنيل بإنشاء جسور وكباري مما يعيق نقل البضائع، حيث أصبحت الترع والممرات الملاحية لا تسمح بنقل البضائع وتحتاج مليارات لتسهيل كمنا تجتاج كثير من الجهد، متسائلًا: «لماذا لا يوجد نقل ركاب جيد في نهر النيل؟».

نقل الركاب!

وشدد على ضرورة مشاركة القطاع الخاص في تطوير النقل النهري، وترسيخ فكرة استخدامه في نقل الركاب ضمن منظومة تكاملية لوسائل النقل، مردفًا: «يمكن في يوم من الأيام من خلال تذكرة واحدة استخدام المترو والحافلات "الميني باص" ووسائل النقل النهري».

وتطرق «مهدي» بالحديث إلى الأتوبيس النهري بصفته وحدة نهرية سياحية، ضمن أسطول هيئة النقل النهري، موضحًا أن حالته الفنية لا تسمح إلا برحلة لمدة نصف ساعة، وكذلك التاكسي النهري باهظ الثمن، مستطردًا: «لكن عندما يكون لدي وسائل نقل نهري متطورة، ومنضبطة في المواعيد، ولا تكون وفق الأهواء، سيصبح هناك زبائن، فيمكن إدخال مستثمرين، حتى لا يتم إثقال كاهل خزينة الدول، بشرط أن يكون هناك دراسة وملف تم إعداده بشكل جيد».