محمد على يهدي ملك فرنسا أول «زرافة» تصل لباريس

مندوب الوالى يسلم الزرافة لمندوب الملك شارل العاشر
مندوب الوالى يسلم الزرافة لمندوب الملك شارل العاشر

بمناسبة وفاة الزرافة الذكر «زيزو» بعد أيام قليلة من وصوله إلى حديقة حيوان الجيزة قادما من جنوب أفريقيا، وحدثت الوفاة على أثر إصابته بصدمة رئوية نتيجة الطقس البارد، وعطفا على حادث وفاة الزرافة الذكر «زيزو» تروى «جريدة الخديو» نقلا عن مجلة فرنسية تطبع فى باريس حكاية الزرافة التي أهداها محمد على باشا لملك فرنسا «شارل» العاشر.

وبدأ القصة عندما قام أحد البكاوات عام 1826 باصطياد زرافة صغيرة فى السن لم تتجاوز عامها الثالث من منطقة بجنوب السودان التي كانت واقعة تحت حكم وإلى مصر محمد على باشا، وقام بإهدائها إلى محمد علي باشا، اقترح وقتها قنصل فرنسا فى مصر على محمد علي باشا أن يقوم بإهداء الزرافة إلى ملك فرنسا «شارل» العاشر، وقد استحسن محمد على باشا الاقتراح وقرر إرسال الزرافة إلى فرنسا، فتم وضعها فى قفص مرتفع حملته مركب شراعى صغير فى النيل حتى وصلت بها إلى الإسكندرية ومن هناك توجه بها مندوب يترأس مجموعة من العاملين فى معية محمد على باشا إلى فرنسا عبر البحر المتوسط. 

وقام رجال محمد على بمراعاة الزرافة، ووفروا لها كل سبل الراحة لأنها كانت تعيش بالمناطق الحارة والغابات، فقاموا بتهيئة الأجواء المشابهة والملائمة لها، وتم نقلها على ظهر مركب كبير مفروش بالحصير سقفه عالٍ ليراعى رقبة الزرافة الطويلة، بدأت السفينة رحلتها 29 سبتمبر 1826 مع الكثير من عبارات الوداع والمراسم العسكرية.

محمد على باشا

ووصلت الهدية الثمينة ميناء مرسيليا بفرنسا يوم 31 أكتوبر عام 1826، وكان مندوب الملك شارل العاشر فى انتظارها، وقد وصفها بلقب «المصرية الجميلة»، وقال إنها الأنثى بمعنى الكلمة وقال إنها «كنز ثمين»، خاصة أنها جذبت اهتمام الجميع بجمالها وسحر عينيها الواسعتين وخجلها وطباعها بالغة الرقة !.

وقالت جريدة «illustration» الفرنسية إن تكلفت رحلة الزرافة ومرافقوها بلغت 4500 فرنك فرنسى أى ما يقرب من 750 دولارا أمريكيا، وهو مبلغ ضخم فى ذلك الوقت من الزمان، تحملتها بالكامل الحكومة الفرنسية عن طيب خاطر من أجل الزرافة الجميلة ونشرت الجريدة الفرنسية صورة للزرافة مرسومة يدويا وهى على متن السفينة الشراعية.

 ونشرت لها صور لحظة تسليمها من مندوب محمد على باشا إلى مندوب جلالة ملك فرنسا «شارل» العاشر، ومع تحسن الطقس بدأت الزرافة رحلتها إلى العاصمة الفرنسية باريس سيرا على الأقدام، بعد ان تم تفصيل معطف يقيها من المطر من المشمع المطرز وأحذية طويلة خوفا من تآكل حوافرها خلال الرحلة للقاء الملك شارل العاشر، ورافقتها طوال الرحلة تعزيزات أمنية لحراسة القافلة كما تم تجهيز اسطبلات بكل القرى الموجودة على طول الطريق مخصصة لها ولحجمها من أجل راحتها وإطعامها، وقد وصل موكب الزرافة إلى باريس وسط أبهة ومظاهر احتفالية عظيمة وتم اطلاق اسم الزرافة على بعض الشوارع والميادين وتحولت إلى مادة للأغانى والاستعراضات واعتاد الأطفال شراء كعك الزرافة.

أما البنات فقد صففن شعورهن على شكل تسريحة الزرافة وارتدت النساء عقد الزرافة، وارتدى الرجال قبعات وأربطة عنق زرافية الشكل، واستثمرت شركات إنتاج الأطباق الصينى هذا الحدث فى صنع أطباق للمائدة والزينة مطبوعا ومحفورا عليها بالحفر البارز صور الظرافة !!.

نقلا‭ ‬من‭ ‬‮«‬‬عالم‭ ‬المعرفة‬‮»‬