في ذكرى ميلاده..

قلب الأسد.. حمدي غيث تعرض للعلاج النفسي وحفظ التوراة والإنجيل

حمدي غيث
حمدي غيث

فنان بـ«حنجرة جبلية» وأداءا خطابيا مميزا، ساعده فيه اتقانه للغة العربية، لا ننسى دوره في فيلم «الناصر صلاح الدين» وتجسيده لشخصية الملك البريطانى ريتشارد قلب الأسد، فضلاً عن دور «أسد قريش» أبو سفيان بن حرب في فيلم «الرسالة»، و«الشيخ بدار» في «ذئاب الجبل».

حجز الفنان الراحل حمدي غيث، مكانا مميزًا بين أبناء جيل العصر الذهبي للمسرح، لونا مختلفا في الاداء والتمثيل عن زملاءه ولمع وانفرد به، وكان له بصمات عدة في المسرح والسينما والتلفزيون، إلى جانب المناصب الإدارية التي تولاها في المسرح.

 ولد محمود حمدي الحسيني غيث، الشهير بـ«حمدي غيث»، 7 يناير عام 1924 في قرية كفر شلشلمون، مركز منيا القمح، بمحافظة الشرقية.

 توفى والده الذي كان ىعمدة قرية كفر شلشلمون، تاركا 5 أبناء، أكبرهم حمدي غيث وأصغرهم عبد الله غيث، وتأثر حمدي كثيرا بـ«خاله» التي تولى رعاية الأسرة بعد وفاة الأب، وكان أحد شيوخ جامع الأزهر، وهذا ما ساعده في حفظه للقرآن الكريم واتقانه للغة العربية وفن الخطابة.

حفظ حمدي غيث، القرآن الكريم كاملا، وهي من الأمور النادرة جدا التي قد نجدها لدى فنان، كما أنه كان دائم الاطلاع والتعلم في المجالات المختلفة، من خلال مكتبة كبيرة كانت تضم كتبا متنوعة منها في القانون والفنون والأدب والشعر، بالإضافة إلى الكتب السماوية «الإنجيل والتوراه» اللذان كان على دراية كاملة بهما.

درس حمدي غيث، في البداية بـ«كلية الحقوق»، وفي نفس الوقت التحق بالمعهد التمثيل، وبعد تخرجه من معهد التمثيل بامتياز والأول على دفعته، حصل على بعثة لمدة 4 سنوات لدراسة المسرح في فرنسا، ومن هنا فضل الفن على الحقوق، وعاد من البعثة أستاذًا بمعهد التمثيل، ولم يكمل مشواره في السلك القانوني، على الرغم من دراسته للحقوق أيضا في باريس، وأخرج في بداية مشواره العديد من النصوص المسرحية العالمية منها: «مأساة جميلة، وراسبوتين، وأرض النفاق، وست البنات».

شغل حمدي غيث، عدة مناصب، منها نقيبا للممثلين لأكثر من «دورة»، ومشرفاً على المسرح الحديث، ومديراً للمسرح القومي، ومديراً للإدارات الثقافية والمهرجانات، ووكيل الوزارة لشؤون الثقافة الجماهيرية، فكان من مؤسسي مسرح الأقاليم.

كان مديرا شديدا في تنفيذ لوائح المكان الذي يتولى إدارته، حيث يعد أول نقيب للممثلين طبق لائحة النقابة على العاملين في الوسط التمثيلي، وكون وقتها ما يعرف بمحاكم التفتيش على الأعمال الفنية، والتي كانت مهمتها إحالة أي فنان لا يحمل تصريحا من النقابة إلى التحقيق.

كاد حمدي غيث، أن يتجه إلى الغناء في فترة الخمسينيات، لما يتمتع به من صوت «جهوري»، واستمع إليه عدد من الملحنين منهم: محمود الشريف ورياض السنباطي وعلي إسماعيل، وأقروا إجادته لأغان يطلق عليها «موتيفات»، ولكن لم يستكمل السير في هذا الاتجاه، حيث بدأ مشواره السينمائي في نفس الوقت، في عام 1954، أول إطلاله له أمام كاميرا السينما من خلال فيلم «صراع في الوادي»، ولكن ظلت هوايته للغناء يمارسها في أمسيات وجلسات عائلية أو مع أصدقائه المقربين.

قدم نحو 20 فيلمًا، أهمها «الرسالة» في دور «أبو سفيان» مع المخرج مصطفى العقاد، باللإضافة إلى «بنت الليل، صراع العشاق، الحكم آخر الجلسة، التوت والنبوت، وأرض الخوف»، وفي الدراما التليفزيونية قد مايقرب من 60 مسلسلا، منها: «الفرسان، والشهد والدموع، والمال والبنون، وزيزينيا، والسيرة الهلالية، وذئاب الجبل».

كانت إحدى أمنياته تقديم مسرحية «الحسين شهيدًا» لعبد الرحمن الشرقاوي على المسرح، ولكنه لم يحققها، وقدمه الفنان الراحل كرم مطاوع.

كرم الفنان حمدي غيث كثيرا، حيث حصل على شهادة تقدير في عيد الفن عام 1978، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، وجائزة الدولة التقديرية للفنون في لجنة الثقافة الجماهيرية والمسرح، وحتى بعد رحيله يتم تكرم اسمه، وكان أخر تكريم من المخرج خالد جلال في عرض «سينما مصر» وتسلمت التكريم ابنته مي حمدي غيث.

عاش الفنان حمدي غيث، حالة من الحزن الشديد، عندما توفى شقيقه الأصغر الفنان عبدالله غيث، وذلك أثناء تصوير مسلسل «ذئاب الجبل» في عام 1993، والذي سبقه في الرحيل بنحو 16 عاما، وعانى من أزمات نفسية حادة وقتها، وخضع للعلاج النفسي لفترة طويلة.

كانت هناك علاقة خاصة جدا بينهما، فكانت أشبه بعلاقة الأب والابن، التي بدأت عندما اقترب حمدي من سن العاشرة، بعد وفاة الأب فتولى الأخ الأكبر مسؤولية ورعاية شقيقه الأصغر، وكان دائما يتابعه ويهتم بشؤونه، وعند أراد أن يدخل المجال الفني سانده ودعمه بقوة لأنه لمس فيه الموهبة.

وبعد رحيل «عبد الله» أدى «حمدي» دور «عباس الضو» في الجزء الثاني من مسلسل «المال والبنون» بدلا من أخيه، كما شاركا الشقيقان سويا في فيلم «الرسالة» ومسلسل «ذئاب الجبل».

وقال حمدي غيث، عن علاقته بشقيقه: «كان عبد الله قطعة مني، فقد توفي والدنا وعمره لم يتجاوز العام، فشعرت بمسؤوليتي تجاهه وأنه ابني لا شقيقي، حتى عندما احترفت التمثيل كان يلازمني ويقلدني وكان يقول لي إنني قدوته له، وكنت أشجعه وأعتقد أنه كان ممثلا بارعا وموهوبا حتى إن «أنطوني كوين» اندهش بأداؤه العالي أثناء تمثيل فيلم «الرسالة» في نسخته العربية».

انتهت حياة حمدي غيث في 7 مارس 2006، بعد معاناة مع المرض في رحلة لم تستمر لأكثر من 3 أسابيع، عن عمر يناهز الـ82 عاما، وشيعت جنازته من مسجد المسرح القومي، ودفن في مقابر العائلة بمسقط رأسه قرية كفر شلشلمون في الشرقية.

اقرأ أيضا: في ذكرى رحيل حمدي غيث.. 9 معلومات عن «ريتشارد قلب الأسد»