ورقة وقلم

مشروع «مارشال» المصرى..!

ياسر رزق
ياسر رزق

لم أشعر بحماس، ولم تستبد بى بهجة، منذ تدشين مشروع ازدواج قناة السويس الجديدة، مثلما شعرت وأنا أتابع الإعلان عن تكليف الرئيس عبدالفتاح السيسى للحكومة بتطوير ١٥٠٠ قرية مصرية خلال العام الجديد، كمرحلة أولى ضمن مشروع مدته ٣ سنوات لتطوير كل قرى مصر.

استيقظت مشاعرى الوطنية واستفاقت، ربما للمرة الأولى منذ أيام ثورة ٣٠ يونيو العظيمة، وأنا أطارد بمكالماتى كبار المسئولين، اسأل، وأستفهم، وأستوضح، كمواطن قبل أن أكون صحفياً، وكصحفى مهموم ومهتم بما يجرى على أرض بلاده، يستشعر الأسف، لأن يتوارى الحديث فى الفضائيات وفى الصحف عن هذا المشروع الهائل، الذى اختبأت تفاصيله وتسترت بشائره، خلف تفاهات وسخافات أغشت المشهد المصرى على الشاشات وفى الجرائد، وفى الفضاء الإلكترونى الفسيح..!

 الرئيس عبدالفتاح السيسى صاحب المشروع الوطنى المصرى لبناء الدولة الحديثة

هذا هو بحق مشروع القرن الحادى والعشرين على أرض مصر.

بل إنه المشروع الأكبر والأهم، الذى يبرهن على أن البسطاء والفقراء فى هذا البلد وجدوا أخيراً من يحنو عليهم ويرفق بهم ربما للمرة الأولى منذ ٥٠ عاماً مضت على الأقل.

هو فى رأىى، أكثر أهمية وتأثيرا على حاضر ومستقبل هذا الشعب وهذا الوطن، من مشروعات أخرى دشنها الرئيس السيسى فى بواكير عهده، وأهمها مشروعات إسكان قاطنى العشوائيات الخطرة فى مساكن لائقة داخل مجتمعات متكاملة تنقل مستوى معيشتهم إلى أعلى درجات، وتغير وجه حياتهم إلى ملامح ذات رونق وبهاء لم ترد لهم على خاطر.

***

حينما كنا نستمع إلى موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب يشدو بأغنيته ∩محلاها عيشة الفلاح∪، كنا نسخر من كلماتها التى ألفها الشاعر بيرم التونسى ربيب الإسكندرية، التى تتجاهل الفقر الذى يعيشه الفلاح المصري، وتتغافل عن المرض الذى يرعى فى جسده المكدود، وتشيح النظر عن الإهمال الذى يعشش فى جنبات ريف مصر، وكأنه كتب على القرية المصرية على مر العهود والعقود، أن تبقى خارج ذاكرة النظم والحكومات..!

والآن.. أكاد لا أصدق أذنىّ وأنا أسمع تفاصيل مشروع تغيير وجه الحياة فى الريف المصرى بجميع قراه خلال ٣٦ شهراً فقط.

فإذا كنا قادرين على تطوير وتحديث جميع القرى فى هذا البلد فى ٣ سنوات لا غير، فإن هذا المشروع حين يكتمل، هو وثيقة إدانة سياسية، لكل الجهود السابقة منذ حرب أكتوبر ١٩٧٣، حينما سكتت المدافع، وتبدد دخان البارود، ولم يعد للمعركة صوت يعلو على صوت معاول البناء والتنمية..!

ولعل الاسم الأقرب فى دلالته على حجم هذا المشروع هو ∩مشروع مارشال المصرى∪، وذلك الوصف سمعته من الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، حين كنت أتحدث معها عن برنامج تطوير وتحديث قرى مصر، وكانت تشبهه بمشروع ∩مارشال∪، الأمريكى لإعادة بناء أوروبا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية، لكن هناك فرقا. فالقرى مصرية، والرؤية مصرية، والخطة مصرية، والأيادى مصرية، والمال مصري.

وإذا كان مشروع إعادة بناء أوروبا نسب إلى صاحبه الجنرال جورج مارشال وزير الخارجية الأمريكى فى عهد ترومان، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية أثناء الحرب العالمية الثانية، فإن مشروع مارشال المصرى منسوب ولا شك للمارشال السيسى بطل ثورة يونيو وصاحب المشروع الوطنى المصرى لبناء الدولة الحديثة.

***

عن مشروع ∩حياة كريمة∪، الموسع، أو مشروع تطوير وتحديث قرى مصر، أو مشروع مارشال لتطوير الريف المصري، تحدثت مع الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط، واللواء محمود شعراوى وزير التنمية المحلية، والدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، والمهندس خالد عباس نائب الوزير للمجتمعات العمرانية.

لم تكن هذه هى المرة الأولى التى أعرف فيها بوجود رؤية لدى السيسى لتطوير قرى مصر، حينما استمعت إلى تصريحات السفير بسام راضى المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية عن اجتماعى الرئيس يوم ١٩ ديسمبر الماضى مع مستشاره للتخطيط العمرانى اللواء أمير سيد أحمد، ويوم الأحد الماضى ٢٧ ديسمبر مع الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء والدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان، والخاصة بتوسيع نطاق مشروع حياة كريمة إلى ١٥٠٠ قرية كمرحلة أولى هذا العام، فى سياق مشروع متكامل يشمل قرى مصر ينتهى بنهاية عام ٢٠٢٣.

منذ سبع سنوات إلا قليلا، استمعت إلى رؤية السيسى حينما كان مرشحا رئاسيا بشأن مشروع ضخم لتطوير قرى مصر على مراحل، ورؤيته لإنشاء ريف جديد فى مجتمعات زراعية صناعية تقام على أرض مشروع لاستصلاح مليون ونصف المليون فدان، يضاهى فى جماله وتوافر الخدمات والمرافق به، الريف الأوروبي، ووضع السيسى رؤيته ضمن مجلدات ∩الحلم المصري∪، التى ضمنها برنامجه الرئاسى ومشروعه الوطنى لبناء الدولة المصرية الحديثة.

وفى أكثر من مناسبة على مدار السنوات الماضية تحدث الرئيس السيسى عن إنشاء الريف المصرى الجديد، دون أن يغفل تطوير قرى الريف المصرى فى وادى النيل ودلتاه.

ومنذ ٤٥ يوما تقريباً.. عقد الرئيس اجتماعا بحضور رئيس الوزراء وعدد من الوزراء والمسئولين المختصين لمناقشة الموقف التنفيذى لمشروعات تنمية واستصلاح الأراضى التى تقيمها شركة الريف المصرى الجديد على أرض مشروع المليون ونصف المليون فدان.

وقبل أن نودع عام ٢٠٢٠ ويودعنا، كان اجتماع الأحد، الذى أعلن فيه الرئيس عن تدشين مشروع تطوير قرى مصر.

***

كل شيء بأوان..!

يوم أمس ∩السبت∪، بدأت الخطوة الأولى للمرحلة الأولى لتطوير وتحديث قرى مصر، فى مركزى ∩ساحل سليم∪، محافظة أسيوط، و∩أبو قرقاص∪ بمحافظة المنيا.

المرحلة الأولى مدتها عام بدأت من أول يوم عمل فى السنة الجديدة ٢٠٢١ وتنتهى بنهاية العام.

تشمل هذه المرحلة ١٥٠٠ قرية يقطنها ١٨ مليون نسمة فى زمام ٥٠ مركزا ضمن نطاق ٢٠ محافظة وتقع نسبة ٦٠٪ من هذه المراكز فى الصعيد.

عدد المراكز فى مصر يبلغ ١٨٩ مركزا، وإجمالى عدد القرى يبلغ ٤٢٥٠ قرية، غير النجوع والتوابع.

منذ عام بدأ تطوير بعض القرى ضمن مشروع ∩حياة كريمة∪، وشمل ٣٧٥ قرية.

ومنذ شهر تقريباً، أصدر الرئيس السيسى تكليفاً للدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء ببلورة مشروع متكامل لتطوير كل قرى مصر على مراحل ثلاث، فى مدة أقصاها ثلاث سنوات.

***

يقطن قرى مصر التى يقترب عددها من ٤٣٠٠ قرية، نصف سكان مصر، أى ما يزيد على ٥٠ مليون مواطن، يشكلون ما يتخطى ثمانية ملايين أسرة، إذا ما قلنا إن متوسط الأسرة فى الريف هو ٦ أفراد.

إذن فالغرض من هذا المشروع هو استهداف مباشر للقرى وسكانها بتطوير جودة الحياة ومستوى المعيشة، بجانب ما سوف ينالها من أوجه إنفاق عامة على خدمات ومرافق الدولة واستثماراتها بشكل عام.

المخطط أن يتم على مدار سنوات المشروع الثلاثة إنفاق ٥٠٠ مليار جنيه لتطوير جميع القرى على أرض مصر.

معنى ذلك أن نصيب الفرد من أبناء الريف من التطوير سيصل إلى ١٠ آلاف جنيه.

وأن نصيب الأسرة سيبلغ ٦٠ ألف جنيه.

وأن متوسط نصيب القرية الواحدة من أوجه الإنفاق المختلفة على التطوير سيقارب ١٢٠ مليون جنيه.

***

هذا مشروع هائل..!

فلا توجد قوة عظمي، وضعت مشروعا للنهوض بحياة نصف سكانها فى دورة رئاسية واحدة مدتها ٤ سنوات، كالولايات المتحدة.

ولا توجد قوة اقتصادية أو بترولية كبري، وضعت مشروعا للنهوض بحياة نصف سكانها مهما تضاءل عددهم فى عقد واحد من السنوات، أى خلال ١٠ أعوام.

جمهورية السيسى وضعت هذا المشروع، وسوف تنفذه فى ٣ سنوات لا غير.

أنا أثق فى وعد الرئيس، أثق فى تصميمه، وأثق فى قدرة حكومته على الإنجاز، مثلما استطاعت أن تفعلها فى ميادين كثيرة، ومجالات شتي.

لماذا كلف الرئيس السيسى حكومته بتنفيذ مشروع تطوير جميع القرى المصرية فى ٣ سنوات فقط، وليس فى ٤ سنوات، رغم أن السنوات الأربع هى رقم قياسى إذا جرى خلالها إنجاز مشروع بهذا الطموح وهذا الحجم وهذه الاستثمارات الضخمة؟!

الإجابة هى من رأسى من توقعاتى الشخصية.

أحس أن الرئيس السيسى قرر ضغط المشروع زمنيا لأقل نطاق يتحمله بشر، حتى لا يترك جزءا منه لأشهر أو سنوات تتخطى مدته الرئاسية الحالية التى تنتهى فى منتصف عام ٢٠٢٤.

السنوات الثلاث التى سيستغرقها مشروع تطوير جميع القري، تنتهى بنهاية عام ٢٠٢٣، أى قبيل فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة، وقبيل انطلاق حملات الدعاية الرئاسية.

يريد الرئيس السيسى − أطال الله عمره− أن يقف بين يدى الشعب المصري، حاملا كتابه بيمينه، قائلا: للجماهير: ها كم ما فعلته من أجل الحضر، وها كم ما فعلته من أجل العمران وغزو الصحراء، وها كم ما فعلته من أجل الريف وقراه وأبنائه البسطاء العارقين.

يستوى فى هذا إن رغب فى أن يترشح ليكمل المهمة، بطلب ودعوة وضغط، أو قرر أن يكتفى حينئذ بما قدم وأعطى وأنجز.

***

وحدة التطوير فى مشروع تنمية قرى مصر، هى المركز وليس مجرد القرية، فالقرية لا تقام لها منفردة محطة مياه شرب ولا محطة صرف ولا محطة كهرباء. ذلك أن مشروعات المرافق فى معظمها كبرى وتشمل مناطق  واسعة.

التخطيط إذن يتم على مستوى المركز، والتنفيذ أيضا فى مجالات المياه والصرف والكهرباء والإنترنت وشبكات الغاز الطبيعي.

تعودنا فى المشروعات القومية والكبرى فى عهد السيسي، أنها لا تتم بأسلوب التجربة والخطأ، أو التخطيط بعد التنفيذ، أو بالأحرى ∩الترميم بعد الإنشاء∪، ولا تتم بنهج ∩حيثما اتفق∪. التخطيط متكامل، والتنفيذ يجرى بتنسيق كامل بين كل الجهات المعنية.

فى مجلس الوزراء هناك لجنة متابعة للمشروع، سترفع تقريرها دوريا للرئيس، بينما يتولى التنفيذ وزارة الإسكان ووزارة التنمية المحلية ممثلة فى المحافظات والهيئة الهندسية بمتابعة من وزارة التخطيط وبمشاركة من الجمعيات الأهلية التى شاركت بفعالية فى مشروع ∩حياة كريمة∪، على مدار عام مضى.

مشروعات التطوير بالمراكز التى سيتم تحديث قراها لا تقتصر فقط على مشروعات المياه والصرف والكهرباء وشبكات الغاز والاتصالات، إنما تمتد لتشمل إعادة تأهيل المنازل الريفية التى تحتاج إلى أسقف أو دورات مياه، وهدم البيوت غير الصالحة للسكن وبناء بيوت جديدةفى مناطق مخططة، مع إنشائها بارتفاع طابق أو طابقين، على أن يكون المنزل قابلا للتعلية فى إطار التوسع الرأسى وليس الأفقى على الأرض الزراعية.

ويتضمن المشروع إقامة صناعات صغيرة ضمن مشروعات تنموية بالتعاون مع الأجهزة الحكومية واتحاد الصناعات ووزارة التضامن، وقد تم بالفعل تخصيص أكثر من ٣٠٠ قطعة أرض على مستوى المراكز بمساحة ما بين فدان أو فدانين داخل القرى أو فى الظهير الصحراوي، لإنشاء مصانع صغيرة أو متوسطة توفر فرص عمل فى مجالات تتناسب مع النشاط البشرى لكل منطقة جغرافية، كمجمعات الألبان والتصنيع الزراعى والمناطق الحرفية وغيرها.

***

هذا المشروع الهائل حجماً، العظيم تأثيرا على حاضر ومستقبل جماهير الشعب فى الريف، وأيضا فى الحضر، يحتاج إلى تضافر كل الجهود، ليس فقط الحكومية، وإنما الشعبية ممثلة فى النواب والشيوخ، وفى الجمعيات الأهلية والنقابات وفروعها، ويتطلب أيضا من الإعلام المصرى بكل مكوناته تسليطا للأضواء على المشروع فى انطلاقته وأثناء تنفيذ مراحله.

لعلنا بعد ثلاث سنوات، نستمع إلى أغنية عبدالوهاب، ونستمتع بها ولا نسخر منها وهو يستملح عيشة الفلاح..!

سن القلم

٤٠ عاما مضت منذ تعرفت > أذناى على صوته الشجى العفى فى أول ألبوماته فى شهر ما من عام « شبابيك » ١٩٨١ ، وحتى يومين قبل نهاية ديسمبر الماضى، حينما تمتعت بالاستماع إلى أحدث أغانيه .« باب الجمال » « الكينج » ، مازال محمد منير يستحوذ على مشاعرى، سواء غنى بالسلم السباعى أو السلم الخماسى المميز لموسيقى النوبة، وسواء غنى لشركائه فى صناعة مجده الغنائى وهما عبدالرحيم منصور وأحمد منيب، أو غيرهما، أو غنى لمطربين كنجاة وفايزة أحمد أو على نغمات السمسمية الإسماعيلية أو لفرقة أولاد الأرض السويسية ذات الشجن والمذاق الفريد. أحببت منير على الُبعد، وتوثقت علاقتنا على الُبعد، حتى التقينا فى ذروة الكفاح المصرى ضد الاحتلال الإخوانى، وتبادلنا عبارات الإعجاب من جانبى والتقدير من جانبه.

وبين كل فترة وأخرى، أحرص على الاتصال بمنير والتواصل معه ومعرفة أخباره عن طريق صديقنا المشترك مجدى ملاك عضو مجلس إدارة أخبار اليوم ونائب مدير قطاع الإعلانات. أذكر فى مرة، أننى كنت أحادث منير واطلب منه عملًا كبيرَا وطنيًا، ووجدته يقول: نفسى أجد كلمات كتلك التى غناها الكابتن غزالى المناضل والفنان فات الكتير يا » السويسى بعنوان وعضم » : ولكن أين أجد ،« بلدنا ولادنا نلمه نلمه، نسِّنه نسِّنه، ونعمل منه مدافع وندافع، .« ونجيب النصر هدية لمصر سمعتها من منير حينئذ، وكأنى أسمعها لأول مرة برغم أنى أحفظها منذ قرابة ٤٨ عاما!.. وبعد قليل سمعت منير يغنيها، بصوته الذى يخرج من الكلمات واللحن، ما يعجز آخرون حتى أصحاب الأغنية الأصليون، الإتيان به. . عشت يا «كينج »

< لا أعرف إن كان الفيروس المنتشر بشدة هذا الشتاء فى مصر، هو فيروس كورونا المستجد أم المتحور، غير أن الواضح دون حاجة إلى احصاءات أو بيانات أن هناك حالة تفش كبرى للفيروس على نطاق يجعل البيان الرسمى الخاص بعدد الإصابات لا يلقى أى اهتمام لأنه يبتعد تماما عن نسبة آحاد فى المائة من الرقم الحقيقي. الغالبية الكاسحة من المرضى معزولة فى منازلها وتعالج بها، والذين يتوفون منهم لا يعلن ذووهم سبب الوفاة. الفترة المقبلة تتطلب التزاما ذاتيا حديديا بإجراءات الوقاية والتباعد الاجتماعى من جانب كل شخص ليس فقط ليحمى نفسه من العدوى، لكن ليحمى أسرته فى الأساس، خاصة أن مضاعفات المرض ليست كما قيل إنها ضعيفة، بل الواضح من روايات المرضى أنها مدمرة لأجهزة الجسم ومميتة فى حالات كثيرة. وندعو الله للجميع بالسلامة.

< أعرف السفير محمد العرابى وزير الخارجية الأسبق منذ قرابة ٢٠ عاما، حينما كان سفيرا لمصر فى برلين. وعلى مدى زيارات العمل التى قمت بها لألمانيا، كنت ألتقى بالسفير العرابى الذى أمضى ٨ سنوات فى منصبه هناك، وهو رقم قياسى لا أظن أن أحدا يشاركه فيه، وكان ذلك لكفاءته وتمكنه من الارتقاء بالعلاقات المصرية الألمانية من خلال علاقاته الواسعة هناك. ومنذ ذلك الحين وحتى الآن، وجدت فى العرابي، رجلا وطنيا ودبلوماسيا قديرا وإنسانا متواضعا دمث الخلق، معتدا بكرامته، وتجلى ذلك حينما استقال من منصبه بعد يوم واحد أو أكثر من تعيينه، حينما وجد اعتراضا من بعض شباب ثورة يناير، رغم أنهم كانوا أصواتا جوفاء بلا تأثير. هذه الأيام، ألحظ جولات وزيارات للسفير العرابى على الجامعات والمنتديات لشرح قضايا السياسة الخارجية وموقف مصر منها وتعميق وعى الشباب بها.