نهار

أيقونة الستر

عبلة الروينى
عبلة الروينى

عندما كتب يحيى حقي «نحن نتعرى كى يكتسى الآخرون».. لم يتصور أن تأتى امرأة بعد أكثر من خمسين عاما.. امرأة مسيحية فقيرة، فى السبعين من عمرها، ليتحول عريها إلى أيقونة للستر والتضامن والمحبة.. نعم تمت تعرية السيدة سعاد ثابت فى شوارع قرية الكرم بمركز أبو قرقاص، محافظة المنيا.. فى قلب الصعيد المصرى «منتهى العار» فى لحظة فاجرة لم تعرفها مصر قبل.. جريمة فاقت القتل والاغتيال من حيث البشاعة والامتهان، لكن الله الرحيم بعباده شاء أن يكون عرى سعاد ثابت سترا وكرامة مصونة ومحفوظة فى قلوب الجميع..
حين صدر حكم محكمة جنايات المنيا فى الأسبوع الماضي بتبرئة المتهمين لعدم كفاية الأدلة.. كان قرار النائب العام بتكليف المكتب الفنى بدراسة أوجه الطعن على الحكم ببراءة المتهمين.. وكانت انتفاضة المصريين جميعا - مسلمين ومسيحيين، منظمات مدنية نسوية وحقوقية، مجلسا قوميا للمرأة، وأحزابا سياسية، ومواطنين عاديين - أطلقوا وقفة احتجاج، استنكارا لظلم الحكم، ومطالبة بإعادة المحاكمة.. غضبة الناس لم تكن فقط إنصافا للسيدة، ولكن إنصافا للحق ولدولة القانون، ومطالبة برد الاعتبار للقيم التى تم انتهاكها، فى حادث لا يليق أن يحدث فى مصر، كما سبق واستنكر الرئيس السيسي.
انتفاضة المصريين الغاضبة تضامنا مع السيدة سعاد ثابت ليست فقط موقفا عادلا وكراهة للظلم.. لكنها فى الجوهر موقف كاشف عن معدن الشخصية المصرية الأصيلة، الرافضة لكل أشكال التعصب والظلم.. موقف كاشف عن عمق الوجدان المصرى النقى.