فى الصميم

عندما اختارت «كورونا» الأثرياء أولاً..!

جـلال عـارف
جـلال عـارف

رغم المأساة التى يعيشها العالم الأسير فى قبضة فيروس «كورونا» اللعين، فإن علينا أن نذكر دائماً أن رحمة الله أرادت أن يضرب الفيروس الشرس هذه المرة الدول الثرية والمتقدمة قبل غيرها، وإلا لرأينا الوباء يفعل ما يشاء فى عالم الفقراء ويحصد أرواح الملايين قبل أن يتحرك العالم.. كما رأينا من قبل مع أوبئة مثل «الايبولا» و»الإيدز» وغيرهما.
هذه المرة اختار الوباء أن يبدأ بالأقوى والأغنى وخاصة فى أوروبا وأمريكا قبل أن تنتشر شروره فى العالم كله. وكم كان صادماً أن نرى حالة العجز والتخبط فى مواجهة «كورونا» فى بداية الأزمة عند هؤلاء الذين يفترض أن يمتلكوا كل إمكانيات التصدى للوباء ومحاصرته قبل أن يعم البلاء.
تأخرت المواجهة، وظهر عجز الأنظمة الصحية فى دول العالم المتقدم، ثم كان الأسوأ فى سوء إدارة الأزمة وإخضاعها لصراعات السياسة وضغوط «البيزنس» لتحتل هذه الدول -رغم كل الإمكانيات- مكان الصدارة بين ضحايا كورونا ولتجد نفسها فى معركة حياة أو موت مع وباء لم يبق يغتال الفقراء فى صمت بعيداً عنها، كما حدث مع أوبئة أخرى عديدة.
لقد كان طبيعياً بعد ذلك أن توضع كل الإمكانيات لإنقاذ الموقف، وأن يجد العلماء ما كانوا يفتقدونه من تمويل لأبحاثهم، وأن تتسارع الجهود لسد عجز الأنظمة الصحية عن المواجهة، وأن يتكاتف الجميع بحثاً عن اللقاح الموعود والعلاج الذى مازال غائباً، ومازالت المعركة مستمرة وهجمة الفيروس تزداد شراسة.. لكن فى مواجهة عالم يخوضها بكل إمكانياته، وكما لم يحدث فى مواجهة وباء آخر من قبل.
ويبقى السؤال الذى يفرض نفسه بعد التجربة الصعبة: هل يستوعب الجميع درس «كورونا» كاملاً؟ وهل يدركون أنه لا مفر من نظام صحى عالمى جديد يضمن الحد الأدنى من الرعاية، ويوفر الحماية المطلوبة من فيروسات قادمة يؤكد العلماء خطورتها ويدرك الجميع أنها -كما كورونا- لا تفرق بين الأغنياء والفقراء؟!