نبض السطور

شكوى فرنسية من التمويلات الخارجية مواجهة إخوان الإرهاب فى باريس

خـالد مـيرى  يكتب من باريس
خـالد مـيرى يكتب من باريس

على مدار أربعة أيام كنا متواجدين فى باريس، لنشهد وننقل وقائع زيارة ناجحة بكل المقاييس للزعيم عبدالفتاح السيسى إلى فرنسا، زيارة شهدت قمة هى الأنجح مع الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون ولقاءات عمل لم تتوقف مع كل قادة السياسة والاقتصاد فى باريس.
الزيارة الناجحة مازالت آثارها تتردد فى وسائل إعلام مصرية وفرنسية وعالمية، وكان للحوار الناجح للرئيس السيسى مع صحيفة -لوفيجارو- الأشهر فى فرنسا صدى واسع، عكس بكل وضوح نجاح الزيارة فى مناقشة كل الملفات الثنائية والإقليمية والدولية.. وكشف عن التوافق الواضح ودوائر التفاهم المتعددة التى جمعت البلدين والزعيمين السيسى وماكرون.. وهو ما أكده السفير بسام راضى المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية.

الزيارة انتهت بنجاح وعجلة العمل دارت بكل قوة، لتفتح آفاقا جديدة للتعاون الاقتصادى والعسكرى وجذب استثمارات فرنسية جديدة لمصر، والمؤكد أن إشادة كل قادة فرنسا بالمعجزة الاقتصادية التى تشهدها مصر رغم تحديات جائحة كورونا، وإشادتهم بالاستقرار السياسى والاجتماعى والأمنى الكبير بمصر الكبيرة التى عادت رمانة ميزان استقرار المنطقة بأكملها، كان الدافع الحقيقى وراء منح دفعة قوية جديدة للتعاون فى كل المجالات الثنائية.. وأيضا التنسيق الكبير لمحاولة حل مشاكل المنطقة سياسيا بما يحفظ مؤسسات الدول الوطنية وحقوق شعوبها، من ليبيا وسوريا إلى لبنان وفلسطين وشرق البحر المتوسط.
خلال تواجدى فى باريس وبدون ترتيب جمعنى لقاء مهم مع مجموعة من الساسة وقادة الرأى فى فرنسا.. مع جاكلين أوستاش عضو مجلس الشيوخ ورئيس لجنة الإسلام السياسى بالمجلس وجاك جودفران وزير التعاون الدولى الفرنسى الأسبق، والزملاء ايف تريار مدير تحرير -لوفيجارو- والذى لم يخف سعادته بالحوار المهم الذى أجرته الصحيفة مع زعيم مصر، وجيل ميهاليس رئيس تحرير موقع كروزور وإيمانويل رازافى رئيس تحرير موقع جلوبال نيوز وألكسندر ديلفال الكاتب بصحيفة أكيتوال والناشر جان دانيال بيلفون.. اللقاء جمعنا فى مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس بحضور فاعل لمؤسسة د.عبدالرحيم على رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير البوابة نيوز.. وأدار الندوة أحمد يوسف مدير المركز.
الندوة كانت بمناسبة قانون الانفصالية الذى يثير ردود أفعال واسعة فى فرنسا وأقرته الحكومة بالفعل لمناقشته، ويحاول إغلاق الأبواب أمام استخدام جماعة الإخوان للجمعيات الخيرية والمساجد فى زعزعة استقرار المجتمع الفرنسى والتأثير السياسى فى الحياة الفرنسية.
القانون تم إعداده بعد مناقشات وجلسات استماع استمرت 8 أشهر برئاسة النائبة جاكلين أوستاش، والتى قالت إن العمل الطويل انتهى إلى أن الإخوان يستخدمون التعليم خارج المدارس الحكومية لزراعة أفكارهم، ويستخدمون تجارة الأكل الحلال لجمع أموالهم، ويستخدمون المنظمات الخيرية لجمع الأموال والأنصار ويستخدمون الرياضة لجمع أنصار جدد، وكان ردى عليها بأن التاريخ يعيد نفسه وأن ساسة فرنسا لم يكونوا بحاجة لإضاعة كل هذا الوقت للتوصل لهذه النتائج، فنظرة سريعة على تاريخ جماعة الإرهاب فى مصر كانت ستجيب على كل تساؤلاتهم، فالجماعة التى عمرها ٩٢ سنة تستخدم منذ نشأتها نفس الأساليب والوسائل لتجنيد الأتباع وغسل دماغهم وجمع الأموال، وأكدت أن الجماعة بتنظيمها الدولى الذى تمتد فروعه وأمواله لعدد كبير من دول العالم خطر حقيقى على العالم، فمنهجهم لم يتغير، يدعون الإيمان بالديمقراطية للوصول إلى الحكم وبعدها يستأثرون بالحكم ويعلنون كفرهم بالديمقراطية.. وكما حدث عندما خرج أكثر من ٣٠ مليون مصرى للشوارع فى ثورة ٣٠ يونيو العظيمة وهددونا إما أن يحكمونا أو يقتلونا، هذا يمكن أن يحدث ويحدث بالفعل فى كل دولة يمكن أن يصلوا فيها إلى الحكم.
ساسة فرنسا وقادة الرأى بها اتفقوا مع د.عبدالرحيم على بأن جماعة إخوان الإرهاب سيطرت على حوالى 600 جمعية خيرية بفرنسا وتدير أكثر من 6 مليارات يورو، كما أصبح لهم نفوذ واضح على منظمات حقوق الإنسان وعلى صحفيين ويستخدمون الجمعيات الخيرية للتأثير على نتائج الانتخابات المحلية والبرلمانية، وهو ما يمثل خطرا حقيقيا على فرنسا.
الندوة أكدت بشكل لافت أن فرنسا بدأت بعد ٤٠ سنة من وجود الإخوان فوق أراضيها تنتبه بشكل كبير لخطر هذه الجماعة الإرهابية، كما أصبحت الشكوى واضحة مما تحصل عليه هذه الجماعة من تمويل خارجى لا أحد يعرف مصدره ولا أين يتم إنفاق الأموال، فرنسا وأوروبا بدأت تشكو على لسان ساستها وقادة الرأى بها من خطورة التمويل الخارجى، ومن تهديد ذلك بشكل واضح لتماسك المجتمع وقيمه.
الندوة التى استمرت على مدار 3 ساعات كاملة استمع خلالها الفرنسيون جيدا لخطورة جماعة الإخوان وحقيقة مخططاتها الإرهابية.. واتفقوا على أن وقت المواجهة قد حان بعيدا حتى عن قانون الانفصالية.. وكان رأى إيف تريار واضحا بأن القانون يجب أن يكون عاما لمواجهة أتباع أية ديانة تحاول الخروج على قيم وقوانين فرنسا، حتى لا يتم منح إخوان الإرهاب فرصة للمظلومية ومحاولة استمالة الرأى العام فى الداخل والخارج. كما أن المواجهة يجب أن تكون شعبية باستلهام التجربة المصرية.. فالشعب المصرى هو من لفظ الإخوان بعد أن كشف إرهابهم وإجرامهم.
وإذا كان التاريخ يؤكد أن جماعة الإخوان هى أصل كل التنظيمات المتطرفة التى تحاول التمسح بالإسلام وصولا للقاعدة وداعش. فالمؤكد أن المواجهة الحقيقية يجب أن تكون للتطرف والإرهاب وجماعة الإخوان بالتأكيد على أنه لا علاقة لهم بدين الإسلام السمح، فلا يجب منحهم فرصة الادعاء الكاذب بأن مواجهة إرهابهم هى مواجهة للإسلام، ويجب التفرقة على طول الخط بين أفكارهم المتطرفة وبين الإسلام.
الندوة أكدت أيضا على أهمية التصدى لتأثير الجماعة فكريا وماليا على بعض منظمات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام.. وكشف حقيقة ما يجري، وكما أكد د.عبدالرحيم على أن هذه هى البداية الحقيقية لتفكيك الجماعة الإرهابية.
فى قلب باريس دار الحوار ساخنا وصريحا حول خطورة جماعة الإخوان.. فرنسا بدأت تنتبه وتواجه جماعة الإرهاب، وهى بداية يجب أن تكتمل وجهد يجب أن يتواصل.