التصويت البريدي.. رد الأمريكيين على تجاهل الرئيس لـ«كورونا»

نهاية الحلم الأمريكي وحالة الانقسام
نهاية الحلم الأمريكي وحالة الانقسام

كتبت : ياسمين السيد 

فرض فيروس كورونا، نفسه على الحملة الانتخابية للسباق الرئاسى الأمريكي، كقضية أساسية هيمنت على خطابات المرشحين وأعادت ترتيب الحسابات السياسية بل ودفعت المرشح الديمقراطى جو بايدن إلى واجهة السباق أمام الرئيس الجمهورى دونالد ترامب الذى نال نصيبا كبيرا من الانتقاد لأسلوب تعامل إدارته مع تفشى الجائحة.

لكن الوباء الذى اجتاح الولايات المتحدة بقسوة هذا العام وقتل من أهلها نحو 230 ألف شخص وأصاب نحو 9 ملايين لم يوقف السباق الرئاسي كما لم يثن الناخبين عن المشاركة.

وقبل يوم من ذهاب الأمريكيين إلى مراكز الاقتراع للادلاء بأصواتهم، كان أكثر من 90 مليون أمريكى قد أدلى بالفعل بصوته عبر البطاقات البريدية، وهو أسلوب تم استحداثه خلال القرن التاسع عشر عندما كان الكثير من الجنود فى الحرب الأهلية يجدون صعوبة فى المشاركة فى الانتخابات.

وفى حين تجاهل ترامب خطورة الفيروس، كشف الناخبون الأمريكيون عبر تصويتهم البريدى المبكر عن مخاوف حقيقية لديهم من الفيروس، لكنهم لم يمتنعوا عن التصويت والمشاركة مثلما حدث خلال العقد الثانى من القرن العشرين إبان تفشى وباء الأنفلونزا الأسبانية الذى حصد أرواح نحو 50 مليون شخص حول العالم.

وبالولايات المتحدة الأمريكية، شهد شهر أكتوبر 1918 حالة وفاة 195 ألف أمريكي بسبب الأنفلونزا الإسبانية، وهو الرقم الذى تخطي بفارق شاسع عدد القتلى الأمريكيين بالحرب العالمية الأولى، وضربت البلاد موجة أولى عرفت بدايتها داخل إحدى القواعد العسكرية بولاية كنساس ربيع عام 1918، قبل أن تشهد الولايات المتحدة موجة ثانية أكثر سوءا بداية من سبتمبر التالى، وفرضت مختلف الولايات الأمريكية عدد من القوانين التى منعت التجمعات وأغلقت المرافق العمومية وأجبرت المواطنين على ارتداء الكمامات بالأماكن العامة.

وتزامن ذلك فى إجراء انتخابات التجديد النصفى فى الكونجرس الأمريكي، وبسبب الإجراءات التى فرضتها الولايات وسياسة التباعد الاجتماعي، عجز عدد كبير من المترشحين للانتخابات النصفية عن القيام بحملاتهم الانتخابية فحرموا من عقد الاجتماعات وإلقاء الخطب واضطروا فى المقابل للاكتفاء بحملات انتخابية بسيطة اقتصرت فى أفضل حالاتها على التغطية الإعلامية للصحف وإرسال بعض الإعلانات الدعائية عبر البريد لمنازل الناخبين.

 وفى نوفمبر من ذلك العام، اغلقت العديد من مراكز الاقتراع أبوابها، وقبيل بداية التصويت تنامت دعوات لتأجيل الانتخابات لتجنب خطر انتقال العدوى، إلا أن ذلك لم يثنِ الأمريكيين عن أداء واجبهم الانتخابى والتشبث بموعد الانتخابات، لكن جاء تصويتهم إلى حد كبير «عقابيا» لإدارة الرئيس الديمقراطى وودرو ويلسون، وبنسبة تصويت بلغت 40% أدت الانتخابات إلى نصر جمهوري كاسح حيث سيطر الحزب الجمهورى على مجلسى الشيوخ والنواب، وبحسب المراقبين، فقد أدت الانتخابات مرة أخرى إلى زيادة معدلات العدوى فى المجتمع الأمريكي حينها.

ومثلما أصاب فيروس كورونا الرئيس ترامب، فقد أصيب الرئيس ويلسون بالأنفلونزا القاتلة فى أبريل 1919، والتقط ويلسون العدوى عندما كان فى العاصمة الفرنسية باريس وكان بصدد الإعداد لمعاهدة سلام أعقبت الحرب العالمية الأولى، وبحسب التقارير، فقد أثرت إصابته بشكل كبير عليه وتسببت له فى تعقيدات صحية طويلة المدى, كما صار ويلسون أنحف حيث فقد شهيته، وتفاقمت حالة مرض الربو الذى عانى منه قبل أن يصاب لاحقا بجلطة دماغية خطيرة.

اقرأ أيضا .. السباق إلى البيت الأبيض.. انتخابات يحركها الغضب