صور وفيديو| بدء موسم إنتاج «عسل نجع حمادي».. الصناعة المحلية الأشهر بقنا

بدء موسم إنتاج «عسل نجع حمادي»
بدء موسم إنتاج «عسل نجع حمادي»

في شهر أكتوبر من كل عام، تبدأ عصارات القصب بنجع حمادي، في صناعة عسل الأسود، الذي يعتبر من أهم الصناعات المحلية التي تتميز بها محافظة قنا، والتي تواجه العديد من المعوقات، التي تهدد هذه الصناعة بالاندثار، في الوقت الذي بدأت فيه محافظة قنا، بالتنسيق مع برنامج التنمية المحلية في إعداد خطة للحفاظ على هذه الصناعة، بالإضافة إلى إنشاء مصنعين للعسل بآلات ومعدات حديثة للعسل بنجع حمادي.

بأدوات بدائية، ما زالت تُحافظ على مكانتها، في عصارات القصب البلدي، وبأيدي عاملة، تعمل في موسم العصير الذي يبدأ في أكتوبر وينتهي في أخر إبريل، وبمراحل واضحة، تُصنع الصناعة المحلية الأشهر في قنا، والتي تتميز بها نجع حمادي دون غيرها، عن مراكز الجمهورية.

عندما تكون قاطنًا في القاهرة أو الوجه البحري، يشد انتباهك، باعة ينادون "عسل نجع حمادي يا عسل"، هذا المنتج الذي يغزو كافة المناطق في مصر، فضلًا على أنه يُصدر للخارج، وبالرغم من مكانة العسل الأسود ، ككونه الصناعة المحلية الأشهر، إلا أن هذه الصناعة، باتت مهددة بالاندثار لعدة عوامل أهمها، ارتفاع أسعار الوقود اللازم لتشغيل الماكينة، وأيضًا ارتفاع أجرة العمالة، مع ثبات وانخفاض سعر "القنطار" في كل موسم، مما أصبح ذلك يهدد هذه الصناعة.

اقرأ أيضا| مطالب بإنشاء مصنع ورق على أرض شركة السكر بنجع حمادي

تبدأ هذه الصناعة في أكتوبر من كل عام، حيث يتم جمع محصول القصب من الأراضي الزراعية، بعد حصاده، ويُحمل على الجمال أو عربات الكارو، لننقلها إلى العصارات البلدي، وهي عبارة عن مصانع محلية لإنتاج العسل، ثم يتم وضعه في ماكينات لعصره، وإنتاج عصير القصب، أو ما يُطلق عليه هنا "الخام"، ويتم وضع العصير في أواني كبيرة مربعة ومصنوعة من الطوب والأسمنت، ثم يتم نقل العصير إلى أواني نحاسية، وإشعال النيران أسفلها، عن طريق "المصاص"، وهو الناتج من القصب بعد عصره، ثم يتم وضع العسل بعد طهيه، إلى أواني أخرى يتم حفظ المنتج بها، ووضعه في صفائح نحاسية أو أواني فخارية، حتى بيعه، وتصديره إلى المراكز والمحافظات المجاورة والوجه البحري وأيضًا خارج مصر.

بدأت محافظة قنا، في خطوات جادة، للحفاظ على هذه الصناعة من الاندثار، من خلال الموافقة،  على البدء في المرحلة الاولى لتطوير تكتل صناعة الفركة بنقادة وصناعة العسل الأسود بنجع حمادي وتجهيز مركز تدريب تابع للمحافظة لتنفيذ الدورات التدريبية للعاملين بالإدارة المحلية والمديريات والهيئات والشركات ذات الصلة.

كما زار وفد من وزارة التنمية المحلية، منذ أشهر والتقى بأصحاب العصارات، لدراسة تطوير العصارات البلدي، كما أعلن البنك الأهلي المصري فرع نجع حمادي تقديم قروض لأصحاب العصارات البلدي لدعم صناعة العسل الأسود بنجع حمادي، تصل قيمتها إلى مليون جنيه بفائدة 5%، ويُسدد القرض على 5 سنوات مع تيسير الأوراق والإجراءات لأصحاب العصارات، للحفاظ على هذه الصناعة، ضمن القروض التي يقدمها البنك لأصحاب المشروعات.

يقول عماد عزت، مدير عام الاستثمار في قنا، إن برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر في قنا وسوهاج، يستهدف تنمية وتطوير 10 تكتلات "خمسة بكل محافظة" من أجل دعم التنمية الاقتصادية، وتستهدف المرحلة الأولى في قنا تكتلين صناعة العسل الأسود بنجع حمادي وفرشوط وابوتشت، والذي سيوفر 2500 فرصة عمل، وصناعة الفركة بنقادة لتطوير هذه الحرفة وتوفير 1200 فرصة عمل.

ويضيف عزت أن الاهتمام بمصل هذه الصناعات المحلية ودعمها، سيساعد في دعم التنمية الاقتصادية، والحفاظ على مثل هذه الصناعات المحلية، التي تتميز بها محافظة قنا، عن غيرها، وتوفر فرص عمل للكثيرين من العاملين في مثل هذه الصناعات، موضحًا أنه تم إنشاء مصنعين للعسل الأسود لأول مرة بالمنطقة الصناعية بنجع حمادي.

 وأشار اللواء أشرف الداودي، محافظ قنا، إلى أن الدولة حريصة كل الحرص على دعم هذه الصناعات المحلية، واهتم برنامج التنمية المحلية لصعيد مصر، بمثل هذه الصناعات لدعمها بشكل كامل، حفاظًا على مثل هذه الصناعات، والعاملين بها.

 

ويقول عمر توفيق، نائب رئيس البنك الأهلي المصري بدشنا، إنه تقدّم بدراسة بحثية لإنشاء شركة مساهمة لخدمة مزارعي القصب وأصحاب عصارات العسل الأسود بقنا.

وتناولت الدراسة المشكلات التي تواجه الصناعات القائمة على محصول قصب السكر والحلول المقترحة لعلاجه، موضحة أن أهم المشاكل التي تواجه المزارعين هي ارتفاع أسعار الأيدي العاملة التي تعمل في زراعة القصب وحصاده وندرتها، وعدم ملائمة الزيادات السنوية في أسعار القصب، وعدم إدخال الميكنة الحديثة في الزراعة والمحصول، وانخفاض أسعار منتج العسل الأسود داخل العصارات حيث لا يتعدى سعره 4 جنيهات في حين يصل سعره عند التصدير إلى أكثر من 10 دولار أي ما يعادل 75 جنيهًا مصريًا.

 

وأضافت الدراسة أن منتج العسل غير مطابق للمواصفات القياسية وبالتالي غير قابل للتصدير مباشرة قبل إجراء معالجة أخرى عليه، والطريقة الحالية لإنتاج العسل الأسود بدائية لم يتم تطويرها منذ الستينيات، وبالتالي فإن هناك فاقد في محصول قصب السكر يصل إلى 50% حيث يتم استخدام آلات العصر البدائية، واستخدام المصاصة في عملية الغلي مما ينتج عنه فقد في الكمية الضخمة من المصاصة، بالإضافة إلى ضياع منتج هام أثناء إنتاج العسل وهو المولاس في صورة شوائب “غشيم” يتم التخلص منه، والذي يدخل في صناعة أكثر من 17 منتجًا آخرين مثل العطور والخل والاسبرتو والخميرة وغيرها.

 

وأوضحت الدراسة أن تخزين المصاص في العصارات ينتج عنه الكثير من الحرائق مما يؤثر على أصحاب العصارات والسكان، كما أن الدخان الناتج من العصارات نتيجة لاستخدام المصاصة في عملية الحريق ينتج عنه تلوث للبيئة المحيطة وهو محل شكوى دائمة من السكان المحيطين، بالإضافة إلى رفض البنوك إعطاء أصحاب العصارات أي تسهيلات بنكية “قروض” بشكلها الحالي نتيجة لأن هذه العصارات ليس لديها سجلات محاسبية منتظمة يمكن الاعتماد عليها أو سجلاً تجاريًا أو رخصة ضريبية، فضلًا عن أن العمالة المؤقتة التي تعمل بهذه العصارات عمالة موسمية غير مدربة وغير مؤمن عليها.

 

وأوصت الدراسة بعدة حلول لحل هذه المشكلات منها إنشاء شركة مساهمة مصرية تطرح أسهمها للاكتتاب العام وتساهم فيها البنوك ورجال الأعمال وأفراد الشعب والجهات الحكومية، ويكون مقرها المنطقة الصناعية بنجع حمادي، وتكون مهمتها استيراد المعدات الحديثة اللازمة لمحصول القصب وتصنيعها محليًا، وبيع وتأجير هذه المعدات للمزارعين وشركات السكر وأصحاب العصارات، وتطوير عصارات العسل الأسود بإدخال نموذج مطور لعصارات تم تصنيعها محليا بالتعاون مع وزارة الصناعة والهيئة العامة للتنمية الصناعية تعمل بالطاقة الشمسية والغاز الطبيعي ويكون بالتقسيط لأصحاب العصارات.

 

كما أوصت الدراسة بإنشاء مصنعين، أحدهما لصناعة الورق والآخر لصناعة الخشب الحبيبي، قائمين على القش الناتج من القصب بدلًا من حرقه، والمصاصة الناتجة من العصارات وشركة السكر، وشراء القش من المزارعين والمصاصة من العصارات وشركة السكر واستخدامهم كمواد خام لهذين المصنعين، مما يؤدى إلى إنتاج دخل إضافي للفلاح وأصحاب العصارات ولشركات السكر.

 

وأوضحت الدراسة أن هذا سيؤدي إلى توفير آلاف من فرص العمل الثابتة لأبناء المنطقة، واستصلاح الأراضي الصحراوية المحيطة وزراعتها بمحصول القصب بالطرق الحديثة في الري بالاعتماد على الآبار الجوفية المكتشفة حديثًا في الصحراء المصرية، والتعاون مع الشركات التي تعمل في هذا المجال مثل شركة الأهلي للتنمية الزراعية التي أقامها البنك الأهلي المصري في السودان لزراعة الأراضي السودانية وزراعة محصول القصب وتشغيل العمالة المصرية هناك.

وأوضح توفيق أنه قدم الدراسة لعدة هيئات حكومية لمناقشتها وبحث آليات تنفيذها ومخاطبة هذه الجهات بالتعاون والتنسيق مع المزارعين.