عاجل

قضية ورأى

القانون الدولى وسد النهضة

أمل قنديل
أمل قنديل

شرعت أثيوبيا فى إنشاء السد بدون إفساح مجال للإجراءات القانونية الدولية المفروض إتباعها فى المشروعات المائية العابرة للحدود، بداية بضرورة إخطار الدول المتأثرة بالمشروع بخطة إنشائه، ثم الإنخراط فى إجراءات مشتركة لحماية حقوق الأطراف كافة. تجاهلت أثيوبيا مسئوليتها القانونية عن إخطار مصر والسودان بمشروعها فلم تتم العملية التشاورية المنهجية حوله، وحتى بعدما بدأت  مفاوضات متأخرة لم تتح أثيوبيا كافة المعلومات اللازمة لمتطلبات المرحلة، ثم يكاد أن يُستكمل إنشاء السد دون الامتثال بالمعايير القانونية الدولية المطلوبة كإجراءات محايدة لا تنحاز لطرف أو لآخر. وبنهاية مطاف محادثات مضنية طويلة أعلنت إثيوبيا فى فبراير 2020 رفضها «التقيد» بإطار قانونى ملزم لها فى إستخدامها لنهر النيل المشترك دولياً جغرافىاً وهيدرولوجياً وإنسانياً، ثم أعلنت نيتها ملء خزان السد ثم تشغيله بدون اتفاق، وفى ذلك ضرب صادم بالقوانين الدولية ذات الصلة عرض الحائط.
 مواصفات السد وموقعه الجغرافى الحساس تؤهله للتصنيف كبنية تحتية عالية المخاطر، حسب المعايير المستخدمة فى تصنيفات المشروعات التنموية وفقاً لوكالات دولية، كمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة أو برنامج الأمم المتحدة للتنمية، وللخضوع لقواعد تخطيط وتنفىذ فنية صارمة، منسوجةحول اعتبارات عالمية للحقوق الإنسانية والبيئية، بذلك آخذة فى الاعتبارجميع الأطراف التى ستتأثر بمشروع ما. إن هدف هذه العملية القانونية التقنية المستندة إلى مبادئ القانون البيئى الدولى والمرتبطة بإعمال قوانين حقوق الإنسان فى اعتماد متبادل تعترف معظم الدول به هو حفظ الأمن الإنسانى والسلام الدولى.
غابت تلك العملية التقنية القانونية المتعددةالأطراف عن مسارتنفىذ سد النهضة العابرللحدود بنتائجه الأمنية والحقوقية الدولية،فأُنشئَ دون تقييم علمى مستوفٍ لتبعاته وجب أن يتم بدراسات للأثرالبيئي والاجتماعى (ESIAs). تلك من أبجديات القانون البيئى الدولى المطبق وقانون التنمية العُرفى وغاية فى الأهمية عند إنشاء سد دولى النطاق. إن حق الدول فى إجراء مثل تلك التقييمات العلمية الشاملة بشفافىة واستقلالية والاسترشاد بها حق لا يسقط تقادماً، ومنعه يمنع فهم الأضرار الحقيقية تحديداً والاستعداد لها والتخفىف منها. هذا التغافل عن القوانين والأعراف والمعايير الدولية، من أبرزها ما وُثِّقَت فى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون الاستخدامات غير الملاحية للمجارى المائية الدولية الصادرة عام 1997، التى استُخدِمت الكثير من مبادئه العقود قبل تدوينها، تبعاته لا تقتصر على مصر والسودان، ومن أخطرها تشجيع دول أفريقية أخرى على انتهاج نفس الأسلوب المدمر فى إنشاء مشاريعها المائية العابرة للحدود بما فى ذلك من تقويض لمتطلبات الأمن الإنسانى والسلام والاستقرارالدوليين.
> كاتبة لدى المجلس الأطلسى بواشنطن
                      ومستشارة سابقة لدى «الفاو»