قضية ورأى

مستقبل وطن

د. محمد أبوهاشم
د. محمد أبوهاشم

تابعت كما تابع كل مصرى وطنى غيور حالة البلاهة التى بدت عليها جماعة الإخوان الإرهابية خلال الأيام الماضية وسعيهم الدؤوب لنشر الفوضى، وانطلاقهم من لجان إلكترونية على الفيس بوك وتويتر، ومساندتهم من قناة الجزيرة التى صارت على الكذب عنوانا، وفى الزور والبهتان رمزا وبرهانا، القابعة فى إمارة الشيطان، ويرعاها رمز الفساد فى العالم. فقد بَعث أشقاها يرتب الخطط والمؤامرات والحكايات حول أسهل طرق التخريب والتدمير والتكسير والحرق، ولهم على كل خراب دليل يشرعنه ويجعله حلالا صِرفا، درجة أننى قرأت لأحدهم يقارن بين ما شهدته الجماعة خلال السنوات السبع الماضية، وبين ما شهده النبى وصحابته منذ هجرتهم إلى المدينة حتى فتح مكة، وكأنهم جعلوا من مرشدهم فى مقام النبوة، وأطلقوا على تلك الفوضى التى يخططون لها أنها فتح مبين، ونصر عزيز، كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا. إن تلك الجماعة شنيعة فى الكذب والزور والبهتان، لقد تفوقوا على الخوارج، درجة أن الخوارج بجوارهم صاروا أبرياء عند مقارنة أفعالهم بممارسات تلك الجماعة الباطلة وو، لقد فتشت فى التاريخ فوجدت أن اقرب الطوائف التاريخية شبها بجماعة الإخوان هم جماعة الحشاشين فحسن البنا عندما أسس الجماعة كفكرة كان فى ذهنه تنظيم الحشاشين الذى أسسه حسن الصباح الشيعى المعروف فى تاريخ السلاجقة، فقد اختار البنا منهجية الحشاشين التنظيمية فى سرية العمل الإرهابى او التقية والنفاق للسلطة، والمواجهة العنيفة مع المجتمعات وأنظمة الحكم دون قبول لمهادنة أو قبول للدخول فى صفقات العمل السياسى، واللجوء للإرهاب غدرا وتخفيا، والمبالغة فى التخفى، وإدمان الدخول فى صفقات سياسية مع أنظمة الحكم حتى تحين الفرصة للسيطرة.
تلك منهجيتهم وهذه قناعتهم وأصول بيعتهم التى يقسمون على تنفيذها بصورة مقدسة وكأنها وحى أنزل من السماء، درجة أن الرجل منهم يترك أباه وأخاه وأهله جميعا، بل يترك وطنه ويدمره ويحرقه فى سبيل الوفاء لتلك البيعة، فى صورة من صور التغييب الكامل للعقل، هذا العقل الذى جعله الله تعالى معيارا للمسؤولية، ومقياسا للتمييز والتفضيل للبشر عما سواهم من المخلوقات، فالإخوان الإرهابية يطبقون حرفيا قاعدة: أغمض عينيك واتبعنى، فى تجاهل تام لقاعدة النقاش العقلى، وطرح الأفكار والأراء على مائدة القبول والرفض العقلى، فالبشر ليسوا معصومين من الخطأ ذاتيا، ولا تتحقق لهم العصمة إلا برعاية إلهية، ومنحة ربانية بالرسالة أو النبوة، فكل أفعالهم التى تصدر منهم قابلة للصواب والخطأ عدا الذين اصطفاهم الله من عباده وأكرمهم واختارهم لحمل أمانة السماء وتبلغيها لأهل الأرض، وما دون ذلك فإنه قابل للتفاوض والتحاور المشروط بالتسامح القلبى والعقلى، المحاط بالأطر والقواعد التى وضعها الله لعباده فى تحقيق مصالح العباد، فمصلحة العباد هى الحاكمة لتصرفات الأفراد والمسؤولين سنويا، وإذا وجدت توجهات أو تشريعات تتنافى مع تلك المصلحة فإنه لا يلتفت إليها، فكما يقول الفقهاء: حيثما وجدت المصلحة، وُجد شرع الله تعالى.
والحديث يتواصل
عضو مجمع البحوث الإسلامية.