أفكار متقاطعة

«سايكس فيكو»

سليمان قناوي
سليمان قناوي

لو امتد العمر بالبريطانى»مارك سايكس» والفرنسى «فرانسوا بيكو» صاحبا المأساة الأكبر فى تقسيم العالم العربى باسم اتفاقية «سايكس بيكو»، حتى أيامنا هذه، لسعدا بذريتهما فى الغرب التى تفوق خبثها فى تفكيك وتجزئة العالم العربى خبث الأقدمين. التفكيك الجديد يجرى دون استدعاء جندى واحد للمنطقة أو استخدام طلقة رصاص واحدة. ذرية إبليس القرن الواحد والعشرين طورت اتفاقية «سايكس بيكو» إلى «سايكس فيكو» أو «سايكس منكو فيكو» بإشعال فتن الاقتتال الداخلى بين ابناء البلد الواحد وباستدعاء الجيران العرب، ليخلص العرب على أنفسهم بأنفسهم ويبددون ثرواتهم فى شراء الأسلحة من الغرب ينعشون بها مصانعهم واقتصادهم. وهكذا يضرب الغرب كل عصافير العرب بحجر واحد دون استخدام وسائل الاستعمار القديم الذى يكلفهم حشد القوات واحتمالات الخسائر فى الأرواح والمعدات. ما نراه من اقتتال داخلى فى اليمن وسوريا والعراق ومخاوف اندلاع حرب أهلية فى لبنان هو التطبيق الجارى لاتفاقية «منكو فيكو». سنة ضد شيعة فى سوريا والعراق واليمن.. أكراد ضد عرب فى سوريا.. حوثيون شيعة ضد وهابيين سنة فى اليمن. علويون ضد سنة فى سوريا..وكل الطوائف ضد كل الطوائف فى لبنان وسوريا. حروب الطوائف والمذاهب أعادت دولا غنية مثل العراق إلى عصور سحيقة بلا كهرباء فى كثير من الأحيان ودمرت سوريا تماما وهجرت الملايين من ابنائها وتركت جراحا لا تندمل بين ابناء الشعب الواحد فتمزق نسيج ولحمة هذه الدول بفعل فكرة الاستعمار عن بعد بإثارة القلاقل والفتن بشكل مستمر وإشعالها كلما هدأت بتأجيج النعرة الطائفية وجرثومة «كيف تتركونهم ينتصرون عليكم». لقد جاء الرئيس الفرنسى ايمانويل ماكرون بأوضح تطبيق لفكرة «منكو فيكو» حين استغل حادث التفجير الضخم بمرفأ بيروت وحضر إلى لبنان مرتين فى أقل من شهر وتوعد القيادات الحاكمة والمتحكمة فى لبنان بحرمان البلد من اى مساعدات اقتصادية او اى دعم لإعادة اعمار بيروت ما لم يتم تشكيل حكومة لبنانية مهندسة غربيا تدين للولاء لماكرون والغرب ويستبدل فيها الولاء للطوائف اللبنانية بالارتماء فى أحضان الغرب. اسرائيل نفسها تستخدم مكر «ماكرون» وفتنة «منكو فيكو».
انتبهوا يا عرب.