نهار

بنت شيخ العربان (١)

عبلة الروينى
عبلة الروينى

ليس كل (العرب) (عربان)...لكن كل(العربان) (عرب)...فالعرب هم من يتكلمون العربية، بينما العربان هم (البدو) سكان الصحراء من القبائل الرحل... وهم تحديدا موضوع دراسة الروائية ميرال الطحاوى فى كتابها « بنت شيخ العربان» الصادر حديثا عن دار العين.
الكتاب ليس سيرة ذاتية للكاتبة، رغم أنها فعليا بنت شيخ العربان، من قبيلة»بنى سليم» فى نجع العربان، بمحافظة الشرقية....ليست سيرة ذاتية، لكن الكاتبة أرادت من خلال العنوان، ومقدمة الكتاب، الذى تشير فيه لحكايات الجدة وغناويها من التراث البدوي..أرادت ميرال الطحاوى أن تعلن إنتماءها للعربان وتاريخهم...أو أرادت تحديدا أن تبرر سؤال الهوية الذى يشغلها، وتقدم أسبابا لبحثها ودراستها للتاريخ الثقافى والسياسى والرسمي، والتراث الشفاهى للعربان فى مصر..
تسرد ميرال الطحاوى تاريخا طويلا وممتدا، منذ إبراهيم أبو الأنبياء وزوجته هاجر وابنهما إسماعيل أبو العرب..حتى هجرات قبائل العربان المتلاحقة من نجد..هجرتهم إلى مصر، قبل وبعد الفتح الإسلامي، وسكناهم فى ٣ مناطق..الحوف الشرقي(الشرقية حاليا)المنطقة الغربية(البحيرة) والصعيد،تحديدا مدينة «قفط» التى وصفها المؤرخ «سترابون»الذى زار مصر أوائل القرن الميلادي.. كانت مدينة عربية تماما (وقفط هى المدينة التى ولد فيها الشاعر أمل دنقل.. وتلك حكاية أخري)..
لا تحاول ميرال الطحاوى التأريخ لمسيرة عربان مصر ونفوذهم وتأثيرهم...لا تحاول أن تقدم أحكاما..لا تدافع عنهم ولا تدينهم...هى فقط مشغولة بتلك العلاقة الشائكة بالوطن الذى سكنوا فيه(بينما ظل حنينهم الجارف إلى نقيضه)...تلك العلاقة المتراوحة بين التقدير والاحتقار..البدوى بطبيعته العسكرية الغازية والمتعالية الحادة.. والفلاح صاحب الأرض،بطبيعته الزراعية المسالمة...الكتاب محاولة فهم لتلك الهوية المشطورة للعربان...رفضوا دائما الاندماج مع أهل الأرض (الفلاحون)....ومع حتمية الاندماج، والاضطرار للتعايش مع النقيض الثقافي، كان تمسكهم أكثر بهويتهم وتاريخهم القبلى وتراثهم الخاص.. وهو ما تتوقف ميرال كثيرا أمامه، دون تفاصيل ووقائع، محافظة على درجة الحياد..