مشوار

رهبان وراهبات زمننا الصعب...

خالد رزق
خالد رزق

ترددت قبل أن أشرع بكتابة هذه السطور التى أرى أنى ربما بها أنكى جراحا مؤسفة أنها قائمة وبشدة فى مجتمعنا، ولكن غلبتنى نيتى بأن نتشارك فى طرح ظاهرة أراها بين الأشد إيلاماً فى بلدنا، وأتصور بأن الأكثرية تتعامى عنها وبأن الحكومة لا تفعل حيالها شيئاً يذكر.
الظاهرة هى تأخر سن الزواج ولا أقصد بذلك جنس دون غيره، وإن كان لطبيعة مجتمعنا وكيف هى النظرة العامة للأشياء يبقى أثرها أشد سوءاً على الإناث، ولهذا فإن السطور التالية تركز فى المقام الأول عليهن بناتنا التى فرضت عليهن الأوضاع الاقتصادية الصعبة فى بلدنا البقاء من دون زواج ولا أرانى مغالياً إن قلت لما بعد الأربعين.
نعم أدت الأوضاع الاقتصادية إلى تأخر سن الزواج ذلك أنه يصعب على أى شاب من أسرة مستورة عادية (وهى النسبة الغالبة) أن ينفصل مالياً عن أسرته بإيجاد عمل، وعندما يوفق أحدهم إلى وظيفة فلا يتيسر له عادة كفالة نفسه، فكيف له بتدبير تكاليف الزواج وبعدها تدبير سبل المعيشة من إيجار للمسكن وفواتير الكهرباء والغاز وما إلى ذلك ؟.
وفى زمننا يستمر الشاب إلى ما يتجاوز سن الخامسة والثلاثين والأربعين قبل أن يكون قادراً على النهوض بمسئولية أبسط البيوت، وعادة فى هذه الحالة لا يكون اختياره لمن تماثله فى العمر وإنما لفتاة عشرينية تقبل به بالضرورة لأن من يماثلها فى العمر يندر أن تكون له القدرة على « فتح بيت « وهكذا تتأخر بناتنا فى الزواج أكثر حتى لا تكون لهن فرصة إلا بزواج فيه نقص ما كعجوز، أرمل أو متعدد الزيجات ورغم أن لهن عذرا بالقبول تبقى أعرافنا الاجتماعية تلاحقهن بالسوء!!
فى مثل هذه المساحة يصعب حصر أسباب الظاهرة والحديث عن نتائجها، والكثير منها معلوم للكافة، ولذا أكتفى بالإشارة إلى الحالة الاقتصادية كأساس للمشكلة، وفى ذلك أطرح فكرة واحدة وآمل فى أن تجد صدى عند من بيده الأمر، فماذا لو أنشأت الدولة وحدات سكنية محدودة المساحة وخصصتها للمقبلين على الزواج بإيجار مناسب لدخولهم البسيطة، ربما تسهم هذه الفكرة إن ما وجدت من الحكومة تبنياً فى الحد من ظاهرة رهبنة زمننا الصعب بكل ما لها من آثار اجتماعية وخيمة.