إنها مصر

عودة الحياة

كرم جبر
كرم جبر

الأيام القادمة حُبلى إما بالخير أو الشر، وندعو الله أن يكون خيراً فى خير، وأن يبعد عن بلدنا وأهالينا الخطر الذى يقترب من الشوارع والبيوت وغرف النوم.
كورونا تتوحش والحياة تعود والمعادلة الصعبة هي: كيف نتعايش تحت الخطر؟
الكرة فى ملعب المصريين، الأغنياء والفقراء على حد سواء، الأطباء وعامة الناس، الوزير والغفير، فالفيروس القادم من بعيد لا يعرف التفرقة، ولكنه يحترم من يحترمه.
احترام كورونا يعنى التسلح بكل أسباب القضاء على كورونا، وبحت الأصوات تدعو لارتداء الكمامات، ولكن إذا نظرت إلى الشارع والازدحام، فلا أحد يحترم التحذيرات الشديدة، وقد تكون النتيجة لا قدر الله، رحلة العذاب بحثاً عن سرير فى العزل.
حفظنا الله وحفظكم فالفيروس الشرس إذا تسلل إلى فرد لا يترك العائلة، وإذا دخل مصلحة يغزو كل أفرادها، فهو لا يعرف المحدودية وواسع الانتشار.
عودة الحياة تعنى أن نكون على مستوى الحياة، ونقدر قيمتها وأهميتها، وأن البديل هو الموت غير الرحيم، الذى لا يفرق بين شاب فى العشرينات وعجوز تجاوز التسعين، فالفيروس يختار زبائنه بدقة، وأحياناً يمنحهم مزيدا من الحياة، وأحياناً يحملهم إلى القبور.
نفاجأ كل يوم برحيل من لا نتوقع رحيلهم، وأصبح الموت أسهل من أى شيء، فلان مات، فلان الله يرحمه، وتحول فيس بوك إلى صفحات للوفيات والعزاء، والمتوفى يذهب إلى قبره وحيداً دون دموع أو مشيعين.
الحياة تحترم من يحترمها، ويقول المثل إذا جاء الطوفان خد ولادك تحت رجليك، وليس بهدف الغرق معهم لكن محاولة حمايتهم وتقوية ضعفهم، وهذا ما نحتاجه مع كورونا.
لا تترك منزلك إلا للضرورة القصوى، ونعلم جيداً أن الكبار والصغار صاروا قنابل موقوتة من الحبس فى البيوت، وعودة الحياة إذا تزامن معها الازدحام فى الأندية والكافيهات والميادين والشوارع، فمعناه أننا نقدم الموت على طبق من ذهب لكورونا.
والعودة للعمل لا تعنى تكدس الموظفين فى المكاتب المغلقة بالعشرات، وإذا حدث فهذا معناه أن الأعداد ستتناقص إجبارياً، ويذهب زميل كل يوم إلى أماكن العزل، ومسئولية كل مسئول أن ينجز دون مخاطر.
فى حياتنا عادات كثيرة سيئة، اختفت بعد مجيء كورونا، ولا يجب أبداً أن تعود، أهمها الزبالة التى تملأ بعض الشوارع والأسواق، ومن الضرورى التمسك بالنظافة العامة، والحرص على التطهير والتعقيم.
النظافة الشخصية فى وسائل المواصلات، فلا تركب عربة مترو أو أتوبيس، فتغزو رائحة العرق الأنوف وتسد المسام، وتقدم خدمة جليلة لكورونا لتنتقل بسرعة الهواء من مصاب إلى سليم.
ومن الحسنات - أيضاً- الاقتصار فى الجنازات والأفراح على المقربين والقضاء على عادات متوارثة منذ زمن، ومن المفيد عدم عودة «الفشخرة» تدبيراً للنفقات، فى وقت حكمت فيه كورونا على الملايين بالجلوس فى المنازل وفقدان فرص العمل.. وحفظنا الله وحفظكم من كل سوء.