احذر الفسيخ والرنجة في زمن الـ«كورونا».. طقوس شم النسيم تهدد المصريين

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


 

- «الباسل»: ضرورة الرقابة على المصانع والمحلات لمنع انتشار «كورونا» من الفسيخ

- «بكير» يوضح رحلة صناعة الأسماك المملحة.. وهذه طرق اختيار الفسيخ وفوائده

- «جعفر»: توقعات بانخفاض الطلب على الفسيخ بسبب «كورونا».. و«السردين» يتراجع

- «عبدالعزيز» يكشف ألاعيب المُصنعين المسببة للتسمم.. ونصائح هامة لمنع الإصابة

- أستاذ بـ«القومي للتغذية»: أضرار الفسيخ تضعف المناعة فيسهل الإصابة بـ«كورونا»

 

يقبل علينا شم النسيم بطقوسه الأصيلة التي توارثها المصريون منذ آلاف السنين، لكن هذا العام يبدو مختلفا عن باقي السنوات بعد اجتياح وباء كورونا للعالم، ووصوله لمصر مسجلا إصابات ووفيات، ومع تنامي مخاطر الإصابة بـ«كورونا» جراء تداول وشراء الفسيخ والرنجة والأسماك المملحة بمختلف أنواعها؛ نناقش مع الخبراء سُبل التعامل الآمن معها هذا الموسم، وفوائد وأضرار الأسماك المملحة، وكيف تتم رحلة صناعتها، وكيفية اكتشاف الأنواع مجهولة المصدر، والأطعمة الواجب تناولها معها.

الفسيخ وكورونا

في البداية يقول الدكتور حمدي الباسل، الأستاذ بالمعهد القومي للتغذية، في تصريحات خاصة لـ«بوابة أخبار اليوم»، إن أعياد الربيع وشم النسيم بدأ الأحتفال بها فى عام 2700 قبل الميلاد، وترتبط هذه الأعياد عند المصريين بتناول الأسماك المملحة والمدخنة مثل الفسيخ والسردين والرنجة، وهذا العام مع انتشار وباء كورونا (كوفيد-19)؛ يجب توجيه حملات مكثفة لمصانع وأماكن بيع الفسيخ والرنجة لمتابعة تطبيق الاشترطات الصحية لتلك الأماكن خاصة فى تلك الفترة التى ينتشر فيها فيروس كورونا والذى قد ينتقل إلى هذه الأسماك عن طريق التلوث العرضى عند ملامسة هذه الأسماك للأسطح والمعدات التى تستخدم فى تصنيعها وتجهيزها أو عن طريق ملامسة أحد العاملين المصابين بهذا الفيروس لهذه الأسماك ومن ثم ينتقل هذا الفيروس إلى المستهلك.

فوائد الفسيخ والرنجة

وتابع د. «الباسل»، حديثه بأن لهذه الأسماك قيمة غذائية عالية إذا تم تصنيعها وإعدادها بطريقة جيدة فهى من أهم مصادر البروتين الحيواني، وتتميز بارتفاع محتواها من "أوميجا 3" وهو أحد الأحماض الأمينية التى تدخل فى تكوين غشاء المخ وتساعد على خفض نسبة الكوليسترول الضار فى الجسم، كما أنها غنية بالفيتامينات مثل فيتامين (أ & د) وعناصر معدنية مهمة مثل اليود والمغنسيوم والكالسيوم والفسفور والبوتاسيوم والحديد.

أضرار الأسماك المملحة

وأشار الأستاذ بالمعهد القومي للتغذية، إلى أنه الأسماك المملحة تحمل بين طياتها كثير من المخاطر الصحية والتى قد تصل إلى حد الوفاة وذلك بسبب الطريقة التى يتم بها تصنيع هذه الأسماك وخاصة الفسيخ، والتى قد ينتج عنها التلوث ببعض أنواع البكتريا الضارة مثل الكلوستريديم بوتيولينم وهى بكتريا لا هوائية تفرز سموما تؤثر على الجهاز العصبى وتسبب مغص وقيء بالإضافة إلى نوبات إسهال شديدة  لفترات تصل إلى 72 ساعة يصاحبها ضيق فى التنفس وشلل فى العضلات ويعانى المريض من زغللة فى العين وجفاف بالحلق وصعوبة البلع نتيجة لشلل عضلات البلعوم.

وأضاف أنه فى حالة ظهور هذه الأعراض يجب التوجه إلى أقرب مستشفى أو مركز لعلاج السموم، لافتا إلى أن هذه الأسماك قد تحتوى أيضا على حويصلات طفيلية تنتقل إلى الإنسان فتنمو وتتحول لدودة كاملة وتعيد دورة حياتها مسببة مشاكل صحية عديدة وتؤدى إلى حدوث أنيميا فيما بعد، كما أن ارتفاع محتوى تلك الأسماك من الملح يتسبب فى مشاكل صحية كبيرة لمرضى القلب والشريان التاجى والضغط المرتفع ومرضى اختلال وظائف الكلى والكبد والحوامل وخاصة فى الثلاث شهور الأخيرة من الحمل.

ضعف المناعة وكورونا

وواصل د. حمدي الباسل، حديثه بأن كثرة تناول الأسماك المملحة قد يزيد من إفرازات المعدة للحامض المعدى مما يؤثر على عملية الهضم وتحدث حموضة والتهاب المعدة، مؤكدا أن التعرض لتلك المخاطر الصحية التى قد تنجم من تناول هذه الأسماك يؤدى إلى ضعف الجهاز المناعى ويصبح الإنسان عرضة للإصابة بالأمراض الفيروسية الخطيرة مثل فيروس كورونا (كوفيد-19).

نصائج لتجنب التسمم

وذكر الأستاذ بالمعهد القومي للتغذية، أن هناك عدة أمور يجب اتباعها عند شراء وتناول الأسماك المملحة لتجنب المخاطر الصحية وهي؛ ضرورة شراء الأسماك المملحة من مصادر موثوقة لتجنب مصادر التلوث الغذائى، اختيار الأسماك السليمة المتماسكة متناسقة القوام، ولون لحمها وردي وذات رائحة مقبولة غير نفاذة ولا تكون قشورها سوداء، والابتعاد عن الفسيخ المنتفخ أو ذا الجلد المتهالك.

وشدد على ضرورة حفظ الأسماك المملحة لمدة يومين قبل تناولها، لأن التجميد يقتل كثيرا من الطفيليات، والتخلص من الرأس والأحشاء، وغمر الأسماك لمدة دقيقتين فى ماء سبق غليه حيث يعمل ذلك على إزالة نسبة أخرى من المحتوى البكتيري، كذلك نقع الأسماك فى خليط من الماء والليمون والخل لمدة 10 دقائق يساعد فى إزالة نسبة كبيرة من الملح بها.

ولفت د. «الباسل»، إلى أنه يجب مراعاة عدم الإسراف فى تناول الفسيخ ويفضل تناول قطعة صغيرة فى حدود 100-150 غم تجنبا لأضرار الملح، ويمكن الاستعاضة عن الفسيخ بأكل الرنجة، وهى قليلة الملح إذا ما قورنت بالملوحة وهى تعتبر مدخنة فقط ولم تتعرض لطرق التفسخ والتعفن التى مر بها الفسيخ، كما يمكن شوي الرنجة جيدا لأن الشواء يقتل البكتيريا، والإكثار من شرب المياه بما يعادل 8-12 كوبا من الماء موزعة على مدار اليوم.

وأكد على تناول الخس والخيار والشبت والبقدونس والجرجير والفجل والكرفس مع الأسماك المملحة لتجنب الإصابة بالحموضة مع الحرص على غسل تلك الخضراوات جيداً وبماء جارٍ، ونقعها في ماء بخل وليمون لمدة ربع ساعة، ويفضل تناول البصل الأخضر مع الأسماك المملحة، نظراً لاحتوائه على العديد من المضادات الطبيعية للبكتيريا.

وأضاف أن تناول الأطعمة الغنية بالبوتاسيوم كالموز والبرتقال والكنتالوب ليساعد على إخراج الملح الزائد من الجسم، وتناول بعض المشروبات العشبية التى تساعد على تطهير المعدة كالنعناع، والشاى الأخضر والقرفة، وشرب عصير الجوافة والبرتقال والفراولة لاحتوائها على فيتامين (ج) الذى يسهل عملية الهضم والامتصاص.

«كورونا» وضعف الإقبال

من جانبه، يشير أحمد جعفر، رئيس شعبة الأسماك بغرفة القاهرة التجارية، إلى أنه من المتوقع أن يقل الطلب على الأسماك المملحة والفسيخ هذا الموسم مقارنة بالأعوام السابقة بسبب انتشار فيروس كورونا والمخاوف الناجمة عنه، لافتا إلى أن الأسعار لن ترتفع.

وأوضح أن بعض أنواع الأسماك تشهد استقرار والبعض شهد تراجعا وأهمها السردين حيث انخفض بنسبة 30%.

رحلة الصناعة

وفي ذت السياق، يوضح الدكتور محمد بكير، أستاذ الثروة السمكية بمركز البحوث الزراعية، أن عملية تصنيع الفسيخ تتم من خلال أسماك العائلة البورية، وهى تنقسم إلى نوعين إما البوري الأصيل أو التبارا، ويشترط في تصنيعه ألا يدخل عليه هواء فهو «لاهوائي» حيث يُضغط في براميل خشب، ويوضع طبقة من السمك مغسولة جيدا ومملحة من الداخل وتعلوها طبقة ملح، تعلوها طبقة سمك تعلوها طبقة ملح وهكذا، وإذا تم تصنيعه بطريقة غير ذلك ودخل له هواء فيسبب التسمم، ويُغلق البرميل جيدا وتوضع حجارة تمنع دخول الهواء عليه.

وحذر أستاذ الثروة السمكية بمركز البحوث الزراعية، من شراء الفسيخ مجهول المصدر والموجود بالشارع وعربات الكارو والرصيف، مطالبا المواطنين بالشراء من المحلات الكبيرة المضمونة.

صناعة عشوائية

واتفق معه الدكتور أشرف عبد العزيز، أستاذ التغذية وعلوم الأطعمة وعميد كلية الاقتصاد المنزلي بجامعة حلوان، قائلا: «الفسيخ هو نتاج عملية حفظ الأسماك بالتمليح، ومن المفترض أن تطول فترة التمليح حتى تتم عملية الحفظ جيدا، ولا تقل الفترة عن بقاء الأسماك شهر في الملح، وهناك من ليسوا لديهم ضمير يقومون بفرد السمك في الهواء حتى تحدث له عملية تعفن وتهتك للأنسجة، ثم يضعوا عليه الملح لمدة يومين ويتم بيعه بالأسواق بعد ذلك، وهذا يسبب حالات التسمم».