مع احترامى

شكرا يوسف أغا

فرج أبوالعز
فرج أبوالعز

«من المحن تأتى المنح» هكذا يقول مأثورنا الشعبى بمعنى أن تأتى محنة فتكشف لنا آفاقا جديدة للتفكير والابتكار تتيح منحا لا حصر لها وما كنا سنفكر فيها إلا بفعل المحنة.
من هذا المنطلق فتح حريق بمنطقة الدرب الأحمر بعد انهيار الجزء العلوى من سبيل يوسف أغا الحبشى بشارع «التبانة» ملفا شديد الخطورة يتمثل فى آثارنا المهملة بينما تجبرنا التحديات التى نواجهها على الصعيد الاقتصادى أن نطورها ونهتم بها أولا من باب تنشيط الجذب السياحى ومن باب آخر أكثر أهمية يتمثل فى أن تطوير أى أثر لابد وأن يتضمن تطوير المنطقة المحيطة بها وتحويلها من أماكن عشوائية إلى مواقع راقية تجتذب المواطنين من الداخل وكذلك السياحة باعتبارها موردا مهما للنقد الأجنبى وهذه المواقع ستكون بلا أدنى شك جاذبة للاستثمار بما تحتويه من خدمات للزائرين.
لدينا أمثلة ناجحة ورائدة تشجعنا على تكرار مثل هذه النماذج لتشمل ربوع البلاد لتشجيع السياحة الداخلية وكذلك وضع تلك المواقع بعد تطويرها والرقى بالمناطق المحيطة بها على برامج شركات السياحة الخارجية.. ولا شك أن مشروع تطوير مسار العائلة المقدسة فى مصر والذى يشمل عدة مواقع أحد النماذج الرائعة التى تشجعنا على هذا النهج المتمثل فى الاهتمام بآثارنا المهملة مهما كان شأنها فهناك دول لا آثار فيها لكنها تتفنن فى إظهار كل ما به شبهة أثر بتطويره وتجميل المنطقة المحيطة به.
مثل حى ناجح نتطلع لأن يتكرر فى كثير من المواقع يتمثل فى محيط منطقة عمرو بن العاص فى مصر القديمة حيث ساهم التطوير فى تحويل المنطقة لبقعة جميلة التنسيق ورائعة الأمن وقد شاهدت رغم مخاوف كورونا أعدادا كبيرة من السياح فى زيارة للمنطقة حيث جامع عمرو بن العاص فاتح مصر هذا الجامع الفسيح المتعدد الأركان وكذلك ما بجواره من كنائس ومجمع الأديان والمتحف القبطى الذى يعد تحفة فى مقتنياته.
أدعو الحكومة لأن تشكل لجنة عليا تكون مهمتها حصر المواقع الأثرية المهملة سواء التابعة للأوقاف أو وزارة الآثار أو الكنيسة مع وضع تقارير وافية عن حالتها الهندسية وكيفية ترميمها وتحويلها لمواقع راقية حتى إذا كان ذلك من باب «درء المفاسد» فقط فلا شك أن أى مبنى أثرى تطوله يد الإهمال والنسيان لفترة طويلة سيتحول لمرتع فساد إما تحويله لمقلب قمامة أو وكرا للصوص والمجرمين وتجار الكيف ما يشكل وجها آخر للعشوائيات التى تبذل الدولة والحكومة جهودا جبارة لا ينكرها إلا جاحد للنهوض بهذه المواقع وتسكين أهلها مواقع راقية حديثة ما يكلف الدولة المليارات.
لماذا لا نتحرك دائما إلا بعد وقوع «الفاس فى الراس» أو بمعنى أدق عندما تحدث كارثة ولنتعلم من درس كورونا حيث يعد تعامل الدولة مع هذا الخطر الداهم نموذجا مثاليا للتعامل مع الأزمات فهو نموذج يستحق أن يدرس فى المعاهد والجامعات من حيث سرعة التجاوب مع ما يحدث فى العالم من حولنا وكذلك الاستعداد بإجراءات احترازية وكذلك برامج عاجلة للوقاية وخطط واقعية وسريعة للتعامل مع حالات الاشتباه أو حالات الإصابة.
علينا أن نتخذ هذا النموذج منهاجا للتعامل مع كل قضايانا بعد أن نجحنا بعون الله ومساندته فى برنامج الإصلاح الاقتصادى بعد أن كان الاقتراب من هذا الجانب نوعا من الانتحار السياسى بما يثبت أنه ليس هناك مستحيل وأنه بالإرادة والنوايا المخلصة نستطيع أن ننجح وأن نضاهى الدول المتقدمة فهذا حق شعب ووطن يمتلك أقدم حضارة على وجه البسيطة.