شد وجذب

أزمة أخلاق.. أم أخلاق أزمة ؟

وليد عبدالعزيز
وليد عبدالعزيز

الأيام والسنون أثبتت أن التنمية البشرية بمفهومها الشامل لا تقل أهمية عن التنمية الاقتصادية وتوابعها.. ما تشهده الساحة المصرية هذه الأيام من انفلات أخلاقى على مستوى الشارع يتطلب وقفة حقيقية من المسئولين لدراسة الحالة بعلم ودراية وخبرة بعيدا عن المسكنات.. الحياة اليومية تجبر الجميع على التعامل مع كافة فئات المجتمع.. تجبرك الظروف أن تتوقف فى الشارع ويخرج عليك شاب يدعى أن وظيفته فى الحياة هى سايس سيارات لا يقدم لك أى شيء سوى أنه يقول لك ارجع أو اطلع وفى الآخر يقولك خمسة جنيه يا باشا.. ولو تناقشت معه ستسمع لغة حوار لا تعرفها وفى النهاية يقول لك هو انت عاوز تعيش وولادى تموت.. طب إيه الحكاية لا أنا ولا أنت نعرف.. وبعد خروجك من قبضة السايس سالما بأقل الخسائر يعترض طريقك سائق توك توك ويجبرك على الرجوع للخلف حتى تفسح له الطريق ليمر بسلام وإلا ستتعرض للإهانة لأن سائقى التوك توك سيتجمعون عليك فى غمضة عين وتجد نفسك فى مأزق قد ينتهى بعلقة ساخنة لأنك لم تمتثل لبلطجة سائق التوك توك.. مواقف كثيرة قد تتعرض لها فى الحياة اليومية وفى كل موقف ستسمع لغة حوار مختلفة قد تشعرك بأنك غريب عن هذا البلد.. اعترف أننا بعد ٢٥ يناير شهدنا أسوأ ما فى المصريين وخرجت علينا نوعيات كنا ومازلنا لا نصدق أننا كنا نعيش بين هؤلاء البشر.. قد تكون هذه الحالة كامنة بداخلى أنا وغيرى من المصريين ولكنها بدأت تعود للذاكرة بعد ما شهدناه فى مباراة قمة السفالة وقلة الأدب بين فريقين من المفترض أنهما أكبر الفرق المصرية والعربية.. وبعدها ظهرت أزمة ما تسمى بأغانى المهرجانات ووقتها أدركت أن هذا هو الذوق العام والذوق تراجع بصورة مخيفة.. الغريب أن هذا الذوق أصبح عدوى قد تصل إلى مرحلة الوباء لأنها طالت كل الأسر المصرية تقريبا ووقفت أنا وغيرى من الآباء مكتوفى الأيدى أمام الأبناء الذين تفاعلوا مع أغانى ولغة الشارع لدرجة أنك تشعر بالغربة أو التخلف والجهل لأنك لم تتفاعل أو تنسق مع لغة العصر من المصطلحات اللغوية أو الأغانى الهابطة جدًا والملقبة بأغانى المهرجانات.. لا أعرف من أين يبدأ الحل ولكن ما أعرفه أنه يجب أن نصل إلى حل لأن التنمية يجب ألا تتوقف عند ملف بعينه ولكن يجب أن تشمل جميع الملفات وعلى رأسها ملف عودة الأخلاق.. باختصار بسيط.. صاحب الأخلاق المنفلتة لا يمكن أن يقدر أبدا حجم التنمية التى تحدث وليس لديه الثقافة للحفاظ مثلا على الطرق التى تتكلف المليارات.. سيكون شخصا سلبيا ولم ولن يفكر فى الحفاظ على ما يتم بناؤه لأنه باختصار فى حاجة لإعادة صياغة الفكر والذى تأثر بلغة كبر دماغك.. وعيش اللحظة.. وخلافه.. أتمنى أن يتم فتح حوار مجتمعى لإعادة تنمية وتطوير أخلاق الشارع المصرى... قد يكون اليوم أفضل من الغد ودعونا نبدأ مرحلة بناء الإنسان لأنه هو من سيكمل المسيرة.. الإعلام مطالب بفتح الملف بكل شفافية مع ضرورة وضع الحلول الجادة الضامنة لوصول الأفكار والمعطيات إلى كل مواطن حتى لا نجد أنفسنا فى خانة مؤيدى الفوضى والتى ستقضى حتما على كل القيم والأخلاق المصرية المكتسبة من حضارات وثقافات وعادات وتقاليد كانت تتسيد العالم فى عصر من العصور.. دعونا نبدأ وبسرعة.. وتحيا مصر.