كلمة والسلام

تكفير الذنوب فى الشهر العقارى

سعيد الخولى
سعيد الخولى

هل ارتدى مسئول من وزارة العدل يوما ثوب البطولة وقام بزيارة عادية أو مفاجئة لمبنى الشهر العقارى «النموذجى !» بشارع مراد بالجيزة؟ ترى لو كان الرد على هذا السؤال بالإثبات فماذا وجد ذلك المسئول بذلك المقر؟، وهل استطاع تذكر طريقة دخوله للمبنى ليخرج دون سؤالين أو ثلاثة عن طريق الهروب من المبنى كى ينفذ بجلده من تلك المصيدة؟
على كثرة ما ترددت بفروع للشهر العقارى فى القاهرة أو القليوبية أو حتى الجيزة لم أصادف مثل هذا المبنى العجيب، حجرات ضيقة تئن بطالبى الخدمة وممرات وردهات عديدة لا تتحمل طابورا للعملاء، الرائح لابد مصطدم بالغادى والراغب فى خطوة سريعة مكره على خطوات بالبطىء لا ينقل قدما إلا إذا أوجد لها موضعا بين الواقفين أو المتحركين. شبابيك الخدمة والخزينة يقبع خلفها الموظفون وراء قضبانها كمن يتابع محاكمته من الناس. الأنفاس تختلط فى جو شتوى يتحول إلى دفء حار من كثرة الأنفاس واختلاطها واقتراب الناس وتلاصق أجسادهم، الاحتكاكات قدر مقدور على العملاء، وأبسط عقاب لرجل من امرأة هو نظرة شزراء تلفح بأوارها وجه المسكين، وقليلا ما تلتمس العذر وأحيانا تقول فى نفسها بتعببرات وجهها: انت واخدها حلوانة فى سلوانة، رغم أننى لا أعرف حتى الآن من تكون حلوانة ومن هى بسلامتها الست سلوانة!.
وثالثة الأثافى أن تضن المصلحة على بيت جحا هذا بلمبات تضىء الردهات أو تنير للمتخبطين طريقهم فالظلام هو سيد الموقف، فى معظم الممرات الضيقة وظلمة تلك المقبرة.. وما ينشب بين الفينة والفينة من تلاسنات لفظية واشتباكات يدوية بين بعض الموظفين وهم فى ذلك معذورون، فكيف يتسنى لهم أداء المطلوب منهم فى هذا المقر العجيب وفيه مئات من الأرواح تكاد تلفظها الأجساد ضيقا وتبرما وتلكؤا.. لماذا هذا المقر الأشبه بمجموعة من المقابر المتلاصقة؟ هل فى الأمر سر أم سحر وعمل للمصلحة فى تلك البقعة فى مبنى قديم متهالك يعطى صورة كريهة لتعامل المصلحة مع الناس.. هل هو حقا تكفير لذنوب البشر الذين يلقيهم حظهم العثر فى ذلك المبنى؟! لو كان الأمر كذلك فلا بأس وشكرا للمصلحة حرصها على تكفير ذنوب عملائها فتلك خدمة جديدة من نوعها تستوجب الشكر.