قلب وقلم

العقاد وثقافة «الشروم بروم»!

عبدالهادى عباس
عبدالهادى عباس

كان لائقًا بالفنانيْن شكوكو وإسماعيل ياسين وأضرابهما التعاطى مع مفاهيم "الشروم بروم" باعتبارها أدوات دلالية لفن العبث الساخر أو السخرية العابثة التى ترتكز على "الهرتلة" والكلام الفارغ أكثر من ارتكانها إلى المعقول والمنطقى.. بيد أن هذا التوجه "الشروم بروم" لا يليق أبدًا أن تنطلق منه وإليه المظان الثقافية فى دوائر ماتادورية تائهة.. هذه الثقافة ظهرت جلية فى ندوة عن العقاد أقامها بيت الشعر وأدارها السماح عبد الله الذى سيطرت عليه نزعاته الآثمة فانفلت زمام الموضوعية من يده وتحول اللقاء إلى "وصلة ردح" سوقية فى الأستاذ العقاد، تماما كما انفلت من يده عندما كتب مقالة يسب فيها العقاد فى إحدى الصحف القومية الكبرى!
الأمر ليس مجرد مقالةٍ تقطر غلا، أو ندوة لم يُجاوز حضورها أصابع اليديْن، وإنما فى قناعات أساتذة جامعات وشعراء مزعومين وأنصاف كُتاب ونقاد متيبسين فى محاجرهم يتبادلون حبل النهش فى تراث فكرى لم يقرأوه حتى الآن، أو لم يقرأوه القراءة الواجبة؛ يهرفون بما لا يعرفون فى حق العقاد الجبار الذى لاتزال أفكاره طازجة تسيل الجدة منها أنهارًا سائغة للباحثين المُنقبين عن الحق والحقيقة، لا أولئك الذين يشتكون أدواء فى حلوقهم الآسنة وينسبون المرارة إلى الماء الزلال!
وفى حمأة هذا الهزل المموَّه من الطبيعى جدا أن تغيم الرؤية بين المفاهيم ويذوب "البرزخ" الفاصل بين الماءين فيتشابه البقر علينا ولا نجد خلاصنا الفكرى فنميز العمالقة من الأقزام، والطلاوة من القُمامة، ويضرب التصحر الثقافى بأطنابه بين ظهرانينا فنبقى فى الأعراف بين فكى الأسد، أو فكى الحمار، لا فرق الآن!
الأمر منوط بوزيرة الثقافة أن تترك "النفخ" فى مزمارها قليلًا، إذ يبدو أنه كان سببًا فى انفلات مردة الثعابين من جحورها عند كل "نوتة" جديدة، لا للعب والحنجلة كما تفعل ثعابين الساحر الهندى، ولكن لتنهش أهرامنا الأدبية بدعوى حرية الرأى والاختلاف!
لم أكن يوما آيسًا من قدرة الثقافة المصرية الأصيلة على تنقية أوضارها وستر عوراتها وطرد أدعيائها، لتعود كما كانت نقية بهية تجلو النماذج الوطنية للناشئة بقيمتيْ الإسماح والتوقير، لا رذيلتى الإسراف والتقتير.