نقطة تحول

الجوكـــر

د.هدى محمد
د.هدى محمد

فيلم الجوكر دراما تعكس الفردية والرأسمالية المتوحشة بكل ما فيها من تهميش وفقر وتكشف عن الوجه الآخر للمجتمع الأمريكى والصراع الطبقى بين الغنى والفقير وليس بين الخير والشر، فهو ليس مجرد فيلم حقق أعلى الإيرادات بل جعل أمريكا تستعد فى أول ليلة لعرضه فى دور السينما الأمريكية لنشر أفراد من الشرطة حولها مع منع ارتداء قناع المهرج داخل القاعات، خوفاً من حدوث أى أحداث عنف بعد انتهاء العرض.
بنيت حبكة الفيلم على خلفية تاريخية لأحداث حصلت فعلاً فى أمريكا أهمها حادثة فى عام 2012 عندما دخل مواطن أمريكى يرتدى قناع مهرج دور سينما وأطلق نارا عشوائيا وقتل 12 شخصاً وأصاب 70 معتقداً أنه الجوكر، والأخرى حدثت فى عام 1984 حين أطلق شاب النار على أربعة أشخاص داخل المترو.. اعتمد الفيلم على شخصية البطل المهرج ارثر فليك الذكى الذى لا يستطيع التأقلم مع المجتمع فهو فوضوى متعدد الوجوه مرة مهرج ومرة قاتل ولكنه من كثرة الظلم والفقر والوحدة والتهميش أصبح مريضا نفسيا وفشل أن يصبح مهرجا وممثلا كوميديا لأنه لا يستطيع إضحاك الناس مما جعله ناقما على المجتمع وخاصة طبقة الأغنياء المسيطرة والوجه القبيح للرأسمالية، تدور أحداث الفيلم فى مدينة جوثام خلال حقبة الثمانينيات حيث انتشار الفئران والقمامة بعد إضراب عمال النظافة، واستحضر المخرج حتى أسماء دور العرض فى تلك الحقبة بل ألمح إلى إلغاء الرئيس الأسبق ريجان الدعم الصحى الذى كانت تقدمه الحكومة للمرضى النفسيين، حين أخبرته الطبيبة المعالجة أن الحكومة أوقفت الدعم وأنها لم تهتم بها وبه، تخيل البطل أن موته أهم من حياته، وأبدع الممثل واكين فينيكس المعروف عنه تأدية الأدوار النفسية المركبة فى أهم مشاهد الفيلم حين كان ينفجر بالضحك إذا تعرض لأى ضغوط رغم ملامحه الحزينة مما يجعل الآخرين يعتقدون أنه يسخر منهم فيهاجمونه فيدافع عن نفسه لدرجة القتل فيثير تعاطف المشاهد، وفى نهاية الفيلم يتعاطف الشباب معه ظناً منهم أنه يعبر عنهم ويرفعونه على أعناقهم ويتحول إلى بطل شعبى مما جعله يشعر بالثقة فى نفسه فهو ليس مجرما بطبعه بل المجتمع دفعه للجريمة.