الوصل والفصل

ذكرى محمد فريد

محمد السيد عيد
محمد السيد عيد

محمد فريد واحد من عظماء مصر، وقادة نضالها ضد الاستعمار والاستبداد. محمد فريد رفيق كفاح مصطفى كامل، وقائد الحزب الوطنى بعد رحيله. فى هذا الشهر تمر مائة عام على وفاته، وكنت أتوقع أن تحتفى مصر بهذه الذكرى لكنى للأسف لم أجد سوى الصمت.
أرجو من الجمعية التاريخية أن تحتفى بالرجل بوصفه مؤرخاً قدم للمكتبة العربية كتباً تاريخية تستحق التقدير، مثل: البهجة التوفيقية فى تاريخ مؤسس العائلة الخديوية، وتاريخ الدولة العلية العثمانية، وغيرها. وأن تحتفى بدوره كزعيم تاريخى قاد الكفاح الوطنى فى فترات عصيبة من عمر الوطن.
أرجو أن تحتفى به هيئة قناة السويس، لأنه صاحب الفضل فى منع مد امتياز قناة السويس، فالمعروف أنه فى عهد حكومة بطرس غالى باشا، حدثت مفاوضات سرية بين الحكومة وبين الإنجليز من أجل مد الامتياز لمدة أربعين سنة إضافية مقابل أربعة ملايين جنيه مصرى، لكن محمد فريد تمكن من الحصول على نسخة من الأوراق، ونشرها، وفضح الجميع، مما اضطر الجمعية العمومية (البرلمان) لمناقشة الأمر، وكلفت فعلاً الاقتصادى الكبير طلعت حرب بإعداد دراسة عنه، فجاءت نتيجة الدراسة ضد المشروع، وكانت النتيجة رفضه.
أرجو من نقابة الصحفيين أن تحتفى بالرجل باعتباره من رواد الصحافة فى مصر، لأن محمد فريد أحد الرواد فى مجال الصحافة المستقلة والحزبية، فقد أسس مجلة الموسوعات، عام 1898، وكان من كتابها الذين يحرصون على تنوير العقول. كما شارك مع مصطفى كامل فى إنشاء صحف الحزب الوطنى، وهى: اللواء، ليتندار إجيبسيان، ذى إجبشيان استاندرد، ثم أنشأ صحيفة العلم بعد إغلاق اللواء، وكان ينفق من ماله الخاص فى معظم الأحيان على هذه الصحف.
أرجو أن يحتفى اتحاد النقابات بذكرى محمد فريد الذى احتضن فكرة النقابات العمالية ورعاها، فى وقت لم يكن أحد يفكر فيها مجرد تفكير، وشارك بنفسه فى افتتاح أول نقابة عمالية فى مصر. وأخيراً، أرجو أن تقوم هيئة الكتاب بإعادة طبع أوراق محمد فريد ومؤلفاته، وأن تنظم لجنة التاريخ بالمجلس الأعلى للثقافة مؤتمراً علمياً يليق به، وأن تحتفى هيئة قصور الثقافة بذكرى الرجل فى كل أقاليم مصر. أرجو أن تكون ذاكرتنا القومية يقظة ولا تسقط أحداً من عظمائنا، فهل أطلب شيئاً صعباً؟